وكالة أنباء أراكان ANA:
بقلم/ أمينة العثماني
لولا انحدار قضية أراكان إلى حضيض التهميش لظلتَ تخدعنا ادعاءات هيئات الإغاثة المعنصرة , و ظل يغرينا بريق كل شيء و لمعانه .. ” و ليس كل براق ذهب ” !
في حقيقة الأمر :
كل نازلة تتوغل آثارها في أعماق الأركانيين وتقيد حيلهم وحيلتهم وتحملهم هي رفعة لهم وحجة قائمة إلى قيام القيامة ونشر الصحف وملاقاة الجزاء , على الذين تصدح حناجرهم بالباطل إذ إن حظهم في الآخرة أقرته صنائعهم في الدنيا , و نصيبهم من الشقاء هو أضعاف ما تقاذفت عليهم تبرعات المحسنين لأراكان ولم تصل !
نحن أيها القراء في الزمن الذي، من يتبرع فيه لأجل فقير, تلتهم تبرعه فوهة معدة الغني، من يتعاطف فيه مع معدومٍ , تستدرجه حِيل الجَشِع !
القضايا الإنسانية استحالت إلى موارد لجني الأرباح , و باباً يُفتحُ إلى الغنى , و نافذة إلى الشهرة و النفوذ، من يتطوع قلبه اليوم ؛ لنصرة بائس و مُعنى , يُرمى بالاستغلال , ويُتهم بالإرهاب , و يجرجر للمساءلة والتحقيق، القضايا الإنسانية لا تُعامل بإنسانية !
منذ أول طعنة غادرة استقرت في قلب الإسلام في أراكان و الضمير الإسلامي يغوص في قفا العار ويتوارى بين أقدام الوهن ويندس عن المواجهة ويجنح عن المبارزة , ولو أن الرؤساء رؤوس خير لما تراقصت أذيال الخزي في مدائن المسلمين و تغوطت استخفافاً على حضاراتهم وقبور آبائهم .
الأرضُ تضجُ من الجماجمِ والسجون، أطفالنا عرفوا المشانقَ، ضاجعوا الأحزانَ
في زمن الهوان، والشمس ضلت في الشروقِ طريقَهَا، فهوت على شطِّ الغروب، وتأرجحت وسط السماء، ما بين شرقٍ جائرٍ، ما بين غربٍ فاجرٍ.
في يوم 1- يونيو – 2014م أُعلِنَ عبر موقع التواصل ” تويتر ” أن الندوة العالمية للشباب الإسلامي تستقبل التبرعات لمسلمي أراكان بورما فرحتُ أيما فرح , فجهة رسمية تجمع التبرعات هذا يعني أنها ستُجري الإغاثة بشكل منظم، إذ إن التنظيم يقوم على التغطية و الشمولية , تحققتُ من الإعلان عن طريق رئيس لجنة آسيا الدكتور ” الحميدي ” الذي أكده ووضح آلية التبرع !
ومنذ ذلك التاريخ إلى تاريخ اليوم ولم نر صورة أو نسمع خبراً عن تبرعاتنا أنفذتها لجنة آسيا التي بالندوة … {و اصبر وما صبرك إلا بالله }.
سألتني شقيقتي البارحة : كيف نعرف الأغنياء حتى لا نتصدق إلا على الفقراء ؟
قلت لها : “بسيطة ” قدمي صدقة لأحدهم , من يأخذها أولاً فهو غني , والذي يرفضها ( فقير ) !
قالت : كيف ذلك ؟
قلت : أليس الفارق الوحيد بين الغني و الفقير هو ( العفة ) الفقير لا يأخذ بسهولة , و إن أراد أن يأخذ لا يأخذ إلا ممن يثق فيه.
قرأتُ عليها عفة الأركانيين في أكثر من موقف شرس , وأكثر من حياة بائسة، وأن الواحد منهم كيف يتوقف عن التفتيش عن فتات الطعام إذا أحيط إسلامه بأي خطر, يفر عارياً ليقول خالياً : أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله، و يموتُ وهو جائع !
الطفلة الأراكانية المسلمة لم تتجاوز السابعة من عمرها , تخرج من قلب أراكان إلى أحد حدودها , “بخيشة ” فارغة إلا من إرادة الوصول وبقلب فسيح بتوكله على الله، وتعود لم تكسب شيئاً لمن تعولهم من أشقائها وتقول ويقولون: الحمد لله، لم يستجيبوا لإغراءات البوذيين على الرغم من صغرهم وتداعي رغباتهم في ظل صعوبة العيش .
النكبة القاصمة :
ليس العار ما فعله بودابايا حينما شن هجومه على دولة أراكان الإسلامية وأسقطها عام 1784م لتكون إقليما تابعاً لدولته البوذية بورما، حيث لا يكون لمسلميها اعتباراً, العار أن يكون بيننا نحن المسلمين أكثر من وجه كلها، تحيي جثمان بودابايا وتشاطره الجريمة.
العار أنه كلما نشطت قضية أراكان قليلاً ، تُخدر ببنج الوعود المؤجلة، العار أن يُرفض طلب إعانة مسلمي أراكان بالسلاسل الغذائية، بينما تُجمع التبرعات باسمهم دون رقابة.
لقدُ تعلمتُ أن ما تحت طاولة الاجتماعات أكثر مما يعرض على سطحها، النفوس كهوف ومطامعها وحوشوها !