لأكثر من سبب يمكن اعتبار الاجتماع الثاني للمنظمات الإنسانية بشأن الوضع الإنساني في ولاية راخان- ميانمار الذي نظّمته منظمة التعاون الإسلامي بتنسيق مشترك واستضافة من جمعية قطر الخيرية يوم الرابع من شهر أكتوبر الحالي بالعاصمة القطرية الدوحة مفيداً ويصبّ في التخفيف من المعاناة المتواصلة لشعب الروهنجيا المسلم.
أهم هذه الاعتبارات يمكن إجمالها بما يلي:
ـ بداية مشجِّعة لإيجاد مظلة لتنسيق جهود المؤسسات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني في الدول الإسلامية، في مجالات الإغاثة والتدخل الإغاثي عند وقوع الكوارث والحروب، من خلال إدارة الشؤون الإنسانية بمنظمة التعاون الإسلامي، لعلها في ما لو طوّرت تصبح شبيهة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ” أوتشا” الذي ينسق عمل وكالات الأمم المتحدة الإغاثية والإنسانية، إضافة إلى جهود الجهات الإنسانية الأخرى، ويؤدي وظائف تدعم جهود هذه المنظمات، وتذلل الصعوبات التي تعترض عملها.
لقد حضر هذا اللقاء أكثر من 30 جمعية ومنظمة من المنظمات الإنسانية في العالم الإسلامي ممن يرغبون بتقديم العون لمسلمي الروهنجيا، لذا فإن من المهم وجود جهة تهتم بجهود التنسيق في بينها، وبخاصة ما يتعلق بالمشاريع ونوعيتها والمناطق التي ستنفذ فيها، وفق مبادئ وأولويات ترتكز عليها.
ـ ويزداد هذا التنسيق أهمية بسبب تعنت السلطات الميانمارية في السماح بإيصال المساعدات الإنسانية لمسلمي إقليم أراكان، ووضعها عقبات جمّة في هذه الطريق، وهو ما تطلب تدخلا مقّدرا من منظمة التعاون الإسلامي أفضى إلى نتائج جيدة ستمهد الطريق لوصولها بأقرب فرصة، وأهم ما تم:
ابتعاث وفد مشترك لميانمار استمع لوجهة نظر حكومة ميانمار من خلال الاستقبال الذي خص به رئيس دولة ميانمار الوفد الزائر من المنظمة. كما تمكن الوفد أيضا خلال هذه الزيارة من الوقوف على حجم وأبعاد المأساة التي يعيشها شعب الروهينجيا، وتوقيع اتفاقية بين المنظمة وحكومة ميانمار خلال شهر سبتمبر الماضي، بعد مفاوضات شاقة تعد الأولى من نوعها مع منظمة دولية، والتي بموجبها تسمح الحكومة لمنظمة التعاون الإسلامي ولشركائها من المنظمات الإنسانية بالتدخل لتقديم المساعدات الإنسانية لشعب الروهينجيا، إضافة إلى تكوين الاتحاد العام لمسلمي الروهنجي، وقد تم الاعتراف به من قبل المنظمة ليكون المتحدث باسم الروهنجيا.
ـ إتاحة الفرصة أمام المنظمات الإنسانية العربية والإسلامية المشارِكة للتنسيق المشترك في ما بينها من جهة، وبينها وبين المنظمات الأممية والدولية من جهة أخرى في ما يخص تقديم المساعدات الإغاثية لصالح مسلمي بورما، ومعروف أن بعض منظمات الأمم المتحدة كالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين لها حضور ميداني في تقديم المساعدات هناك.
ـ محاولة حشد مزيد من الدعم الإقليمي والدولي من أجل الوصول إلى حل دائم لأزمة شعب الروهينجيا يحفظ كرامته ويصون حقوقه المشروعة، والتأييد الشعبي العالمي لهذه القضية العادلة.
على المستوى التنفيذي العملي فقد خرج المؤتمر بأمور جديرة بالتقدير والثناء وهي:
ـ الإعلان عن تفعيل اتفاقية التعاون بين منظمة التعاون الإسلامي وحكومة ميانمار من خلال إنشاء مكتب لمنظمة التعاون الإسلامي في عاصمة البلاد ومكتب فرعي له في إقليم أركان. يتولى مكتب العاصمة جهود التنسيق مع الجهات الحكومية والحصول على التسهيلات الضرورية كالتأشيرات والترخيصات وغيرها، وحشد الدعم الدبلوماسي والإعلامي. في حين يتولى المكتب الفرعي تنسيق الجهود الإنسانية على الأرض، وتقديم الخدمات اللوجستية الضرورية للشركاء التنفيذيين، وتسهيل الوصول إلى المستفيدين، وينتظر أن يتم ذلك خلال الشهر الحالي والشهر المقبل.
ـ الإعلان عن حصيلة التعهدات المالية للمنظمات المشاركة في الاجتماع والتي بلغت حوالي 25 مليون دولار أمريكي، ستخصص لتنفيذ مشاريع إغاثية وتنموية لصالح مسلمي الروهنجيا.
ـ استكمال الجهود السابقة بتوقيع المنظمات المشاركة بالاجتماع لاتفاقيات ثنائية مع منظمة التعاون الإسلامي لتحديد آليات العمل التنفيذي الإغاثي على الأرض ومشاريع التعاون التي يمكن تنفيذها، وتشكيل فريق فني مشترك يضم منظمة التعاون الإسلامي والمنظمات الإنسانية لزيارة ميانمار وتقييم الوضع وإعداد خطة عمل مشتركة وآلية تنسيق عملية بناء على معطيات الواقع.
الاجتماع بالمجمل ركّز على أمرين حيويين اثنين، الأول: يتصل بالخطط التنسيقية والعمل على تكامل جهود المؤسسات المشاركة في الإغاثة، وتذليل العقبات لوصول المساعدات مع أطراف العلاقة المختلفة، والآخر: حشد الدعم المالي والدولي والدبلوماسي لقضية مسلمي الروهنجيا، والاتفاق على خطوات تنفيذية عملية محددة بأزمنة محددة لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة.
المصدر:بوابة الشرق