في ميانمار، التي كانت تعرف باسم بورما، لا شيء مما تعود عليه الإنسان في الحياة المعاصرة يمكن العثور عليه، إذ لا وجود لبطاقات الائتمان ومن المستحيل تقريباً الدخول إلى الإنترنت، هذا فضلاً عن افتقاد عدد كبير من الأمور الاعتيادية لدى زيارة تلك البلاد، وحتى المشروبات الغازية المنتشرة في العالم بأسره لم تعرف طريقها إلى ميانمار إلا قبل شهور قليلة عندما قررت إحدى الشركات الكبرى تسويق منتجاتها في البلاد.
التقارير > ميانمار… مظاهر من زمن آخر
ميانمار… مظاهر من زمن آخر
وفي جميع الأحوال تبدو ميانمار بلداً نسيه الزمن منذ فترة طويلة، إذ إن أغلب السياح الذين يصلون إلى البلاد لأول مرة يرون من المعمار ما يذكرهم بستينيات القرن الماضي، حيث توقف الزمن ولم يتزحزح منذ الوقت الذي استولى فيه العسكر على السلطة وحكموا ميانمار على مدى 49 عاماً.
وهكذا تحولت كبرى مدن ميانمار، العاصمة رانجون، إلى مدينة كولونيالية على الطراز القديم بسبب العزلة الدولية لتذكرنا بما كانت عليه الإمبراطوريات الأوروبية التي مرت على البلاد في فترات سابقة، ولاسيما الحكم البريطاني الذي عمر ردحاً من الزمن، بخلاف الحواضر الآسيوية الأخرى القريبة التي تضج بالحركة وتمتلئ بمظاهر الحياة الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة.
وفي وسط المدينة تلوح البنايات القديمة التي أقامها الأوروبيون في عهود سابقة وهي ما زالت إلى الوقت الراهن تُستغل في استضافة الإدارات الحكومية المختلفة. بل حتى قصر البلدية الذي يتوسط المدينة بلونه الأزرق الباهت يعود هو أيضاً إلى عقود طويلة خلت ربما ترجع إلى عهد الإمبراطورية البريطانية والفترة الاستعمارية، ليبدو المكان وكأن الزمن قد تجاوزه ونسيه لتتجمد معه الحياة ومظاهر المعمار الجديدة الذي تكاد تنعدم في العاصمة رانجون.
وعلى رغم المحاولات التي بذلتها الحكومات العسكرية على مدى العشرين عاماً الماضية لإدخال بعض الإصلاحات على المدينة وتشذيب المظهر العام من خلال إجلاء السكان من البنايات العتيقة التي احتلوها على مر السنوات وإعادة تأهيل البعض منها في محاولة لاستعادة ألقها القديم، إلا أن أغلب تلك المشروعات الإصلاحية ظلت غير مكتملة وبقيت الرافعات تعلو المباني دون القدرة على استكمال العمل وترميم البنايات القديمة والمتهالكة، والنتيجة أن رانجون التي يقطنها 4 ملايين شخص من بين 55 مليون نسمة تشكل تعداد سكان البلاد، لا تبدو عليها ملامح المدينة العصرية على غرار نظيراتها في البلدان الآسيوية الأخرى.
ويبدو البون شاسعاً بين رانجون وبانكوك القريبة على سبيل المثال، أو بينها وبين مومباي الهندية، فالمدينة لا تتوافر على ناطحات سحاب، فيما تطالع الزوار مظاهر لم تعد موجودة في مدن اليوم مثل نقل الأغراض على ظهور الدواب واستخدام الناس للقصب في بناء المنازل والبيوت، وأينما وليت وجهك تطالعك البنية التحتية التي لم تعد قادرة على مواكبة العصر، وحتى البنايات القديمة والمتداعية التي تبدو للوهلة الأولى أنها مهجورة تزدحم بالسكان، أما الشوارع والأرصفة فهي تضج بعربات بيع الطعام والفواكه المختلفة.
وفي أحد الشوارع الذي يدعى بانسودان بالعاصمة رانجون تُعرض كتب قديمة للبيع على أنها استخدمت لمرة واحدة فيما هي في الحقيقة قديمة ومهترئة وكأنها قادمة من عصور غابرة، أو مخطوطات من أزمنة بعيدة، وما زالت النساء في الأسواق يلبسن الزي التقليدي ويضعن على وجوههن مساحيق كثيفة فيما هن يحملن سلالهن على الرؤوس، ولا يجد الرجال من مكان يلوذون به سوى المقاهي المنتشرة في الأحياء.
ومع قدوم الإصلاحات السياسية الجديدة في 2010 التي أنهت بعض احتقانات العنف العرقي، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، بدأت تخف القيود المفروضة على وسائل الإعلام، ومع الانفتاح السياسي الوليد جاءت التحولات الثقافية.
وفي محاولة من الولايات المتحدة لتشجيع الإصلاحات والانفتاح الديمقراطي قام أوباما خلال الشهر الماضي بأول زيارة لرئيس أميركي إلى ميانمار استقبله فيها المواطنون بالترحيب والتلويح بالعلم الأميركي، ولكن ما كان له أن يأتي دون اصطحاب فريق متخصص في الاتصالات لمد خطوط الهاتف والكمبيوتر في بلد لا يستفيد فيه من الكهرباء سوى مواطن بين كل أربعة مواطنين، وقد تمكن الفريق من إنشاء شبكة مؤقتة للاتصالات اللاسلكية من أجل تسهيل عمل الفريق الإعلامي الذي رافق الرئيس في زيارته،.
ولم يجد الصحفيون من مكان يعملون فيه سوى حديقة واسعة لمنزل المعارضة السابقة، «أونج سان سوكي»، التي ظلت حبيسة بيتها طيلة 15 سنة من الإقامة الجبرية المفروضة عليها من قبل النظام العسكري، ولكن ما أن غادر الفريق الأميركي العاصمة حتى غادرت معه فترة قصيرة من التكنولوجيا المتقدمة.
كما يدرك زوار ميانمار أن البلاد لا تتوافر على شبكة للهواتف المحمولة ليضعها ذلك في نفس خانة بعض الدولة القليلة في العالم التي لم تستحدث بعد شبكة الهواتف مثل كوبا وكوريا الشمالية.
المصدر/ اتحاد الاقتصادي
وفي جميع الأحوال تبدو ميانمار بلداً نسيه الزمن منذ فترة طويلة، إذ إن أغلب السياح الذين يصلون إلى البلاد لأول مرة يرون من المعمار ما يذكرهم بستينيات القرن الماضي، حيث توقف الزمن ولم يتزحزح منذ الوقت الذي استولى فيه العسكر على السلطة وحكموا ميانمار على مدى 49 عاماً.
وهكذا تحولت كبرى مدن ميانمار، العاصمة رانجون، إلى مدينة كولونيالية على الطراز القديم بسبب العزلة الدولية لتذكرنا بما كانت عليه الإمبراطوريات الأوروبية التي مرت على البلاد في فترات سابقة، ولاسيما الحكم البريطاني الذي عمر ردحاً من الزمن، بخلاف الحواضر الآسيوية الأخرى القريبة التي تضج بالحركة وتمتلئ بمظاهر الحياة الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة.
وفي وسط المدينة تلوح البنايات القديمة التي أقامها الأوروبيون في عهود سابقة وهي ما زالت إلى الوقت الراهن تُستغل في استضافة الإدارات الحكومية المختلفة. بل حتى قصر البلدية الذي يتوسط المدينة بلونه الأزرق الباهت يعود هو أيضاً إلى عقود طويلة خلت ربما ترجع إلى عهد الإمبراطورية البريطانية والفترة الاستعمارية، ليبدو المكان وكأن الزمن قد تجاوزه ونسيه لتتجمد معه الحياة ومظاهر المعمار الجديدة الذي تكاد تنعدم في العاصمة رانجون.
وعلى رغم المحاولات التي بذلتها الحكومات العسكرية على مدى العشرين عاماً الماضية لإدخال بعض الإصلاحات على المدينة وتشذيب المظهر العام من خلال إجلاء السكان من البنايات العتيقة التي احتلوها على مر السنوات وإعادة تأهيل البعض منها في محاولة لاستعادة ألقها القديم، إلا أن أغلب تلك المشروعات الإصلاحية ظلت غير مكتملة وبقيت الرافعات تعلو المباني دون القدرة على استكمال العمل وترميم البنايات القديمة والمتهالكة، والنتيجة أن رانجون التي يقطنها 4 ملايين شخص من بين 55 مليون نسمة تشكل تعداد سكان البلاد، لا تبدو عليها ملامح المدينة العصرية على غرار نظيراتها في البلدان الآسيوية الأخرى.
ويبدو البون شاسعاً بين رانجون وبانكوك القريبة على سبيل المثال، أو بينها وبين مومباي الهندية، فالمدينة لا تتوافر على ناطحات سحاب، فيما تطالع الزوار مظاهر لم تعد موجودة في مدن اليوم مثل نقل الأغراض على ظهور الدواب واستخدام الناس للقصب في بناء المنازل والبيوت، وأينما وليت وجهك تطالعك البنية التحتية التي لم تعد قادرة على مواكبة العصر، وحتى البنايات القديمة والمتداعية التي تبدو للوهلة الأولى أنها مهجورة تزدحم بالسكان، أما الشوارع والأرصفة فهي تضج بعربات بيع الطعام والفواكه المختلفة.
وفي أحد الشوارع الذي يدعى بانسودان بالعاصمة رانجون تُعرض كتب قديمة للبيع على أنها استخدمت لمرة واحدة فيما هي في الحقيقة قديمة ومهترئة وكأنها قادمة من عصور غابرة، أو مخطوطات من أزمنة بعيدة، وما زالت النساء في الأسواق يلبسن الزي التقليدي ويضعن على وجوههن مساحيق كثيفة فيما هن يحملن سلالهن على الرؤوس، ولا يجد الرجال من مكان يلوذون به سوى المقاهي المنتشرة في الأحياء.
ومع قدوم الإصلاحات السياسية الجديدة في 2010 التي أنهت بعض احتقانات العنف العرقي، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، بدأت تخف القيود المفروضة على وسائل الإعلام، ومع الانفتاح السياسي الوليد جاءت التحولات الثقافية.
وفي محاولة من الولايات المتحدة لتشجيع الإصلاحات والانفتاح الديمقراطي قام أوباما خلال الشهر الماضي بأول زيارة لرئيس أميركي إلى ميانمار استقبله فيها المواطنون بالترحيب والتلويح بالعلم الأميركي، ولكن ما كان له أن يأتي دون اصطحاب فريق متخصص في الاتصالات لمد خطوط الهاتف والكمبيوتر في بلد لا يستفيد فيه من الكهرباء سوى مواطن بين كل أربعة مواطنين، وقد تمكن الفريق من إنشاء شبكة مؤقتة للاتصالات اللاسلكية من أجل تسهيل عمل الفريق الإعلامي الذي رافق الرئيس في زيارته،.
ولم يجد الصحفيون من مكان يعملون فيه سوى حديقة واسعة لمنزل المعارضة السابقة، «أونج سان سوكي»، التي ظلت حبيسة بيتها طيلة 15 سنة من الإقامة الجبرية المفروضة عليها من قبل النظام العسكري، ولكن ما أن غادر الفريق الأميركي العاصمة حتى غادرت معه فترة قصيرة من التكنولوجيا المتقدمة.
كما يدرك زوار ميانمار أن البلاد لا تتوافر على شبكة للهواتف المحمولة ليضعها ذلك في نفس خانة بعض الدولة القليلة في العالم التي لم تستحدث بعد شبكة الهواتف مثل كوبا وكوريا الشمالية.
المصدر/ اتحاد الاقتصادي
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://arakanna.com/wp_arakanna/2481/