وكالة أنباء أراكان ANA | ترجمة الوكالة
سينتهي عمل اللجنة الاستشارية المكونة من تسعة أعضاء لحل أوضاع ولاية أراكان برئاسة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان في نهاية اغسطس الجاري بعد أن شكلتها حكومة الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية قبل عام.
ومن المقرر أن يتوجه كوفي أنان إلى ميانمار الأسبوع الجاري ويعقد عدة اجتماعات في نايبيتاو من بينها اجتماع بمستشارة الدولة أونغ سان سوتشي استعدادا لنشر التقرير النهائي للجنة، وفقا لعضو الحاج يو ايي لوين.
وقد كلفت اللجنة بالبحث عن حلول دائمة لولاية أراكان التي مزقتها الصراعات ومعالجة الجروح العميقة التي لحقت بالمجتمعات البوذية والمسلمة في المنطقة.
ويتكون المجلس من ثلاثة أعضاء من المجتمع الدولي ومنهم السيد أنان وستة من ميانمار منهم اثنان من بوذيي أراكان واثنان من المسلمين وممثلين حكوميين، وقد تم الاتفاق على مذكرة تفاهم بين مكتب المستشارة ومؤسسة كوفي أنان بشأن عمل اللجنة، ولكن تفاصيل هذا الترتيب لم يعلن عنها .
أعباء اللجنة
تعرضت اللجنة منذ تشكيلها لاعتراضات عديدة من الأحزاب السياسية وخاصة حزب أركان الوطني الذى يتخذ من أراكان مقرا له، بالإضافة إلى حزب الاتحاد للتضامن والتنمية.
وقد دعت احتجاجات ضد هذه اللجنة، إلى حلها، مدعية أن “الغرباء” يتدخلون في الشؤون الداخلية لميانمار.
وفي تشرين الأول / أكتوبر 2016، -أي بعد مرور أكثر من شهر على إنشاء اللجنة- شن مسلحون هجمات على ثلاث نقاط حدودية في بلدة منغدو في شمال ولاية أراكان، ونهبوا الأسلحة النارية وقتلوا تسعة من رجال الشرطة، ورد الجيش على ذلك بعملية تطهير استمرت شهرا كاملا في الولاية، بحثا عن المشتبه فيهم في القرى المسلمة في جميع أنحاء الولاية.
وأجبرت الحملة ما يقرب من 70 ألف مسلم روهنغي على الفرار إلى بنغلاديش المجاورة، وتقدر الأمم المتحدة أن حوالي ألف شخص تم قتلهم، واتهمت جماعات حقوقية دولية الجنود بارتكاب انتهاكات تتراوح بين الحرق العمد والاغتصاب وعمليات القتل خارج نطاق القانون والتعذيب.
وقد رفضت السلطات الميانمارية هذه الادعاءات ووجهت باللائمة على المسلحين، وخلال عمليات التطهير، قالوا إن ثمانية جنود قتلوا في يونيو ، بالإضافة إلى 80 من المشتبه في أنهم من المسلحين. كما تم اعتقال 485 شخصا آخرين.
وقد استهدفت هجمات أكتوبر / تشرين الأول رجال الشرطة المسلحين ولكنها زادت من انعدام الثقة بين الطوائف المسلمة والبوذية، ولا سيما في ولاية أراكان، وزار مراسل ايراوادي عدة قرى إسلامية في بلدة منغدو في العام الماضي، ورأى أن الكثير منها تم إفراغها، بينما تحولت أخرى إلى رماد.
ويقول المراسل إنه في بعض الأحيان، كان هناك نساء وأطفال في هذه القرى، ولكنهم يهربون عند وصول شخص غريب، حتى عندما يظهرون لهم بطاقة صحفية.
اللجنة درع للحكومة
قام مندوبو كوفي أنان بزيارات إلى العديد من البلدات التابعة لولاية أراكان في أواخر تشرين الثاني / نوفمبر 2016، بما في ذلك بعض القرى في منغدو، حيث حدثت انتهاكات لحقوق الإنسان أثناء عمليات التطهير.
وبعد اجتماعات لأنان مع مسوؤلين رفيعي المستوى في الحكومة سئل في مؤتمر صحفي عما إذا كان قد وجد دليلا على التطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد أقلية الروهنغيا، فقال :” إن الإبادة الجماعية تهمة خطيرة جدا تتطلب مراجعة قانونية وتحديدا قضائيا”. وكان رده هذا مفيدا لأونغ سان سوتشي على وجه الخصوص، التي تواجه ضغطا بسبب قضية الروهنغيا كلما سافرت إلى الخارج.
وفي مقابلة نادرة مع هيئة الإذاعة البريطانية خلال زيارة رسمية إلى المملكة المتحدة في نيسان / أبريل 2017، أثار الصحفي فيرغال كين أسئلة بشأن حملة قوات الأمن في منغدو، فأجابت :” لا أعتقد أن هناك تطهيرا عرقيا مستمرا. أعتقد أن التطهير العرقي تعبير قوي جدا لاستخدامه في وصف ما يحدث.
وخلال مقابلة مع ايراوادي في يوليو اعترف المتحدث باسم مكتب ميانمار يو زاو هتاى بأن لجنة كوفي أنان كانت بمثابة درع للحكومة كلما كان هناك اتهام من المجتمع الدولي بعدم التحقيق في الانتهاكات؛ لأنها كانت ترد عليهم بقول ” إننا نتخذ إجراءات وفقا لتوصيات اللجنة”.
تشجيع التطورات
بعد سبعة أشهر، أصدرت اللجنة تقريرها المؤقت في آذار / مارس 2017، وأوصت الحكومة برفع القيود المفروضة على وصول منظمات الإعلام والإغاثة في ولاية شمال ولاية أراكان .
وقال السيد أنان إن الأزمة التي تواجه المنطقة قد تغيرت منذ أن أنشأت أونغ سان سوتشي اللجنة الاستشارية، ووعدت بمواصلة إيجاد “السلام والتنمية” في ولاية أراكان.
وقد ذهب ثلاثة من أعضاء اللجنة إلى بنغلاديش وزاروا منطقة كوكس بازار ومنطقة تكناف، حيث يعيش آلاف النازحين من الروهنغيا في ظروف صعبة، وحثت اللجنة الحكومة على تشكيل لجنة مشتركة مع السلطات البنغلاديشية للإشراف على عودة اللاجئين ومنع الاتجار بالبشر.
وأوصى التقرير المؤقت أيضا بإغلاق جميع مخيمات المشردين داخليا في ولاية أراكان، ووضع إطار زمني محدد لإنجاز عملية التحقق من الجنسية بالنسبة للمسلمين المؤهلين وعديمي الجنسية.
وعلاوة على ذلك، حثت اللجنة السلطات على منح حرية التنقل وتوفير فرص الحصول على التعليم للمواطنين، لكنه ومع ذلك، لم يتم الاعتراف بسوى 2،000 مسلم محلي – من أصل أكثر من مليون- كمواطنين وفقا للجنة.
إجراءات السلطات، والتحديات المستمرة
ومنذ ذلك الحين، تم إرسال وسائل إعلامية مختارة إلى مناطق النزاع مرتين تحت إشراف المسؤولين الحكوميين وشرطة الحدود، وقد أغلقت حكومة أونغ سان سوتشي مخيمات النازحين في بلدتي رامري وكياوكفيو وفقا للتوصيات، غير أن عملية تنفيذ الحكومة افتقرت إلى الشفافية.
وقد نقلت السلطات ما يقرب من 130 شخصا من مسلمي كامان من مخيم رامري إلى يانغون ووفرت لهم تذاكر طيران وقدمت لهم مساعدة نقدية من 500،000 كيات لكل أسرة و 100،000 كيات إضافية لكل فرد من أفراد الأسرة ولكن دون ترتيب السكن أو العمل.
وفي أوائل نيسان / أبريل 2017، قال مستشار الأمن القومي في ميانمار يو ثان تون إن الحكومة تعتزم استثمار 140 مليون دولار أمريكي في المرافق الصحية والتعليمية في شمال ولاية أراكان، وستستخدم أيضا عددا أكبر من الموظفين المسلمين في هذه القطاعات. ولم يوضح بالتفصيل الإطار الزمني لتنفيذ هذه الخطوة ولكنه قال إنه سيتم وفقا لتوصيات اللجنة الاستشارية.
وفي الوقت نفسه، لا تزال التحديات في ولاية أراكان تتضاعف ففي 3 أغسطس، عثر على سبعة من مزارعي المروي – وهي مجموعة عرقية من البوذيين الأركانيين – قتلى بالرصاص وعليهم جروح بالمنجل، يشتبه في أنهم قتلوا على يد مسلحين، ورد الجيش بنشر مئات من الجنود على سلسلة جبال مايو بحثا عن المتمردين على طول الحدود.
وتطلب المنظمات الدولية من حكومة ميانمار التعاون مع بعثة تقصي الحقائق التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ووضع فيها ثلاثة خبراء دوليين للتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان من قبل قوات الأمن خلال عمليات التطهير في ولاية أراكان؛ لكن حتى الآن، ترفض الحكومة السماح للوفد بالدخول إلى البلاد.
التقرير النهائي
الحاج يو آيي لوين، ممثل مسلمي ميانمار في اللجنة الاستشارية، قال لـ إيراوادي إن الحكومة بحاجة إلى الاستثمار في تطوير وئام أكبر بين الطائفتين من أجل تحقيق السلام والاستقرار في ولاية أراكان.
ومن أجل مكافحة المخاوف والقوالب النمطية أو سوء التقدير بين الطوائف الدينية المختلفة، حثت اللجنة الحكومة أيضا على توعية الجمهور بالمبادئ الأساسية للديانات المختلفة في ميانمار. وأضاف يو آي لوين أن أعضاء اللجنة وجدوا أن بعض الناس لا يعرفون تعاليم دياناتهم.
وأشار يو آي لوين إلى أن أحد التحديات الرئيسية للمجتمع الأراكاني هو ارتفاع أعداد الشباب الذين يغادرون الدولة بحثا عن فرص عمل في أماكن أخرى، بما في ذلك البلدان الاخرى؛ ومن الممكن أن تساهم مشاريع السلام والتنمية في المنطقة إلى معالجة قضايا الهجرة.
وقالت عضو اللجنة داو ساو خين تينت إن الوفد وثق خلال فترة ولايته كل حادثة تمكنوا منها في ولاية أراكان لخلق صورة شاملة عن السياق. واعترفت بأن ” عدم التعاون من جانب عرقية “راخين” هو أحد نقاط الضعف في التقرير”.