وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
بعد ما تناولت الصحف أخبار مسلمي الروهنغيا وما يعانوه من تعذيب، تزايدت التساؤلات حول دور زعيمة ميانمار أون سان سو تشي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام في العام 1991.
فقد أوردت المنظمة الدولية للهجرة الأربعاء أن ما يقدر بنحو 18 ألف من مسلمي الروهنغيا عبروا الحدود إلى بنغلاديش هربا من أسوأ أعمال عنف يشهدها شمال غرب البلاد منذ أكثر من خمس سنوات. فكيف يمكن أن يعاني هؤلاء من التعذيب والتهجير في ظل الزعيمة التي سبق وكرمت من أجل تبجيلها للسلام بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ تعتبر جائزة نوبل للسلام، التي تمنح سنويا في العاصمة النرويجية أوسلو، الجائزة الأكبر في هذا المجال والتي غالبا ما تمنح لساسة طبقوا السلام من خلال أدوارهم الفعالة في إحلال السلام لشعوبهم.
وبينما أطلقت “أونغ سان سوتشي” صراعا وطنيا ضد عقود من الحكم العسكري القاسي بهدف مواجهة قوات الجيش التي كانت تحاول سحق الحركة المؤيدة للديمقراطية. أما بالنسبة إلى نشاطها وولائها، ولم يستطع أحد آنذاك التشكيك في ولائها للفكرة إذ خضعت أونغ سان سو كي إلى الحبس الانفرادي لمدة ست سنوات.
وبالرغم من ذلك لم تتردد أونغ سان سوتشي في وصف المتمردين من مسلمي الروهنغيا بالإرهابيين ولذلك اتهمت من قبل العديد من النشطاء بتجاهل العنف الذي تمارسه الدولة ضد الأقليات العرقية عامة والمسلمين خاصة، وما إلى ذلك من سجن الصحافيين والناشطين. كما اتهمت أونغ بعدم تعزيز القادة الديمقراطيين وبخلق فراغ ما في السلطة من الممكن أن يفتح المجال أمام الجيش مرة أخرى.
وكان من بين المنتقدين الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي الذي وصف مستشارة الدولة في ميانمار (ميانمار)، والناطقة الرسمية باسم رئاسة البلاد، بسبب “عدم شجاعتها لمواجهة الانتهاكات الفظيعة التي تواجهها أقلية الروهنغيا المسلمة في البلد“، متحدثا عن أن هذه المرأة “غير جديرة بالاحترام”.
وكتب المرزوقي، مؤسس حزب تونس حراك الإرادة، على حسابه الرسمي بفيسبوك، الأحد، إن الحقوقيين في العالم أجمع وقفوا مع سان سو تشي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام سنة 1991، عندما كانت تتعرض للقمع من قبل الدكتاتورية في ميانمار، لكنها ومنذ حصول حزبها على الأغلبية في الانتخابات الرئاسية، لم تقم بشيء لإنهاء مأساة الروهنغيا.
وتابع المرزوقي: “آملنا أن تضع حدّا لمأساة الروهنغيا .. هذه الأقلية المسلمة التي تعيش على تخوم ميانمار وبنغلاديش والتي تتعرض من قبل الأغلبية البوذية التي تنتمي لها السيدة أونغ سان سو تشي إلى إنكار أبسط الحقوق الإنسانية“، لافتًا إلى أنه كاتبها عام 2016 لـ“تفعل شيئا باسم القيم الكونية التي جمعتهما في نفس الصف”
نبذة عن أونغ سان سو تشي
ولدت أونغ سان سوتشي في 19 يونيو عام 1945م وقد حصلت من مجلس النواب الأمريكي على أرفع ميدالياته.
والدها هو الجنرال سان سوكي الذي قام بمفاوضات أدت إلى استقلال البلاد من المملكة المتحدة في سنة 1947م. وقد تم اغتياله لاحقاً على يد منافسيه في نفس العام. تربت على يد والدتها في العاصمة الميانماري هي وأشقاؤها الاثنين. ولاحقاً غرق أحدهما في حمام السباحة وهو طفل والآخر هاجر إلى الولايات المتحدة.
تلقت تعليمها في المدارس الكاثوليكية ثم التحقت بإحدى الكليات في الهند عندما عملت أمها كسفيرة لميانمار في الهند ونيبال وفي عام 1969م حصلت على البكالوريوس في علوم الاقتصاد والسياسة من اوكسفورد. عملت في الأمم المتحدة في نيويورك لمدة ثلاثة أعوام في مسائل تتعلق أساساً بالميزانية.
وفي عام 1972م تزوجت من الدكتور مايكل اريس وهو أستاذ بريطاني متخصص في أديان وثقافة التبت ولكنه كان يعيش في بوتان وانجبت منه ولديها ألكسندر وكيم وفي عام 1985م حصلت على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من كلية الدارسات الشرقية والأفريقية جامعة لندن وقد عادت إلى ميانمار عام 1988م لكي تعني بأمها المريضة ولكنها فيما بعد قادت الحركة الديمقراطية في ميانمار ووضعت تحت الإقامة الجبرية في منزلها منذ عام 1989م لأنها شغلت منصب أمين عام الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية أهم أحزاب المعارضة في ميانمار.
حصلت على جائزة سخاروف لحرية الفكر سنة 1990م وجائزة نوبل للسلام سنة 1991م من أجل دعمها للنضال اللاعنفوي. وفي عام 1992م على جائزة جواهر لال نهرو من الحكومة الهندية.
معاناة مسلمي ميانمار
رغم أن المسلمين في ميانمار يشكلون نحو 4.3 % فقط من إجمالي عدد السكان، البالغ تعدادهم نحو 51.5 مليوناً، بحسب إحصاء رسمي لعام 2014، إلا أنهم يواجهون عمليات قتل وترويع. وينحدر أغلب المسلمين في البلاد من أقلية الروهنغيا، التي يتركز وجودها بإقليم أراكان، المعروف حالياً باسم ولاية أراكان، حيث يعد أكثر أقاليم ميانمار فقراً، شمال غرب البلاد.
وترفض حكومة ميانمار رفضاً قاطعاً منح مسلمي الروهنغيا الجنسية الميانمارية، حيث ينص القانون الميانماري حول الجنسية الصادر في 1982 على أنه وحدها المجموعات العرقية التي تثبت وجودها على الأراضي الميانمارية قبل 1823 – قبل الحرب الأولى الإنجليزية الميانمارية التي أدت إلى الاستعمار – يمكنها الحصول على الجنسية الميانماري، ولذلك تتخذ الحكومة هذا الأمر ذريعة لحرمان الروهنغيا من الحصول على الجنسية، لكن ممثلي الروهنغيا يؤكدون أنهم كانوا في ميانمار قبل هذا التاريخ بكثير.
في عام 2012، شن البوذيون عمليات عنف انتقامية ضد مسلمي الروهنغيا، تحت حراسة وحماية جيش ميانمار، ما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد عشرات الآلاف، ما دفع الآلاف من المسلمين إلى اللجوء والنزوح هرباً من البطش والظلم والقتل إلى كل من بنغلادش وماليزيا وإندونيسيا لكن دون جدوى، حيث لقي المئات حتفهم خلال عمليات النزوح بحراً.