وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
عن مملكة أراكان التي كانت مملكة إسلامية ولديها منقوش يحمل كلمة التوحيد، عن صراع دخل عامه السبعين، عن أطفال يولدون ليقتلوا وشيوخ يحرقون أحياء في ديارهم لا لشيء إلا لأنهم مسلمون، عن هذا كله وغير يتحدث ممثل المركز الروهنغي العالمي عمران الأركاني الذي زار الكويت ليشكر القائمين على العمل الخيري والإغاثي بها.
الأركاني، الذي استقبله نائب رئيس مجلس الأمة عيسى الكندري في مكتبه، ينحدر من أسرة قدمت تضحياتها دماً من أجل الدفاع عن المسلمين في إقليم أراكان التابع لدولة ميانمار والذين ينحدرون من عرقية الروهنغيا فقد استشهد جده وثلاثة من أعمامه بينما خرج والده فاراً بحياته وحياة أبنائه بلا عودة لأن العودة تعني القتل وفق ما أكده الأركاني في حديث خص به «الرأي».
قصص لها أول وليس لها آخر يرويها الأركاني الذي أكد أن «الكويت من أكثر الدول التي لها تواجد ميداني في قضية النازحين الروهنغيين»، لافتاً إلى أن « ثمة خطة ممنهجة لإبادة عرقية الروهنغيا صاحبة الحق التاريخي في اقليم أراكان».
وشدد على أن «الأركانيين حريصون على نسبتهم لأراكان وليس ميانمار»، موضحاً بالقول «نسبتنا لميانمار كما لو أنك نسبت شخصا فلسطينيا لإسرائيل».
وأقر بأن «العالم الدولي لا يعترف بأراكان كدولة مستقلة»، معلقاً بالقول «نعم هذا صحيح ولذلك لجأت ميانمار منذ 1942 في تغيير ديموغرافية أراكان، وغيرت اسمه وعاصمته وأسماء المسلمين فيه إلى أسماء بوذية»، مشدداً على أن «أكبر فئة عديمي الجنسية (البدون) على مستوى العالم هم الشعب الروهنغي الذين لا يمتك ولا واحد منهم جواز سفر وعددهم أربعة ملايين ونصف المليون».
وزاد «على مدار سبعين سنة لا يوجد أركاني واحد تحول للبوذية بل هناك آلاف البوذيين الذين اعتنقوا الإسلام»، لافتاً إلى أن «حكومة ميانمار تضلل الرأي العام لتبدو وكأنها توفر الحرية الدينية، فقامت بالسماح برفع الاذان في عاصمة أراكان». وفي ما يلي التفاصيل:
● ما سبب زيارتك للكويت؟
كنت في زيارة لبنغلاديش قرابة 31 يوماً، وشاهدت أنه ميدانياً يمكن تقسيم العمل الإغاثي هناك لثلاثة أقسام: قسم خاص بالمؤسسات البنغلاديشية، وقسم خاص بالمؤسسات الدولية، أما القسم الثالث فهو جهد الكويت لوحدها في إغاثة الضحايا الفارين من اقليم أراكان.
رأيت تفاعلاً كبيراً من قبل المؤسسات الإغاثية والحقوقية الكويتية والتي تحترق من أجل قضية أراكان، وهذا ما جعلني أزور الكويت لتقديم الشكر للكويت ومؤسساتها وشعبها لأنهم تبنوا هذه القضية رغم البعد الجغرافي وعدم إجادة سكان أراكان (أصحاب العرق الروهنغي) للغة العربية.
الكويت ممثلة في مؤسساتها الإغاثية من أكثر الدول التي لها تواجد ميداني في قضية النازحين الروهنغيين، وعندما هبطت لمطار الكويت متوجهاً للفندق شاهدت في الشوارع اللوحات المتضامنة مع النازحين الروهنغيين من إقليم أراكان ضحايا الحكومة الميانمارية، وهذا جعلني كأراكاني أشعر بمعنى أمة الجسد الواحد ليس فقط بسبب المساعدات الكويتية وإنما بتفاعل شوارع الكويت وديوانياتها مع قضيتنا.
● هل قضية الصراع بين حكومة ميانمار( بورما سابقاً) وإقليم أراكان الذي يقطنه المسلمون المنحدرون من عرق الروهنغيا هي قضية دينية أم سياسية أم اقتصادية؟
أزمة أراكان هي أزمة تاريخية، لأن أراكان كانت مملكة إسلامية مستقلة وكانت عملتها مكتوب عليها ( لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وكانت اللغة الروهنغية تكتب باللغة العربية وتم احتلالها من قبل ميانمار (بورما سابقاً)، وبعد الاحتلال بدأت ميانمار في تصفية العرقية الروهنغية وهي العرقية المسلمة الوحيدة من بين 136 عرقية تقطن ميانمار.
وتم اتباع خطة ممنهجة لإبادة عرقية الروهنغيا صاحبة الحق التاريخي في اقليم أراكان والتي كانت مؤثرة جداً في نشر الإسلام في جنوب شرق آسيا. الدول المجاورة لأراكان كلها دول بوذية، فميانمار تعتبر الآن قبلة البوذيين على مستوى العالم، وأراكان كانت آخر مملكة في شرق الكرة الأرضية.
● وهل لهذه الأسباب أنتم حريصون على نسبة أسمائكم لأركان وليس لميانمار؟
نعم نحن حريصون على ذلك، ونسبتنا لميانمار كما لو أنك نسبت شخصا فلسطينيا لإسرائيل.
● ولكن العالم الدولي لا يتعرف بكم كدولة مستقلة؟
نعم هذا صحيح ولذلك لجأت ميانمار منذ 1942 إلى تغيير ديموغرافية أراكان، وغيرت اسمه وعاصمته وأسماء المسلمين فيه إلى أسماء بوذية فأنا مثلاً اسماء أجدادي حتى الجد الثالث عشر أسماء عربية، لكنك إذا أردت أن تسكن أراكان فلن تستطيع أن تتسمى بأي اسم عربي ولا بد أن يكون اسمك مثل شيمو هونج أو غيرها من الأسماء البوذية.
● هل مسموح بارتداء زي عربي أو اسلامي في أراكان؟
أبداً، غير مسموح وهناك عداء لأي إرث اسلامي أو عربي.
● وهل هذا يعني أنك لا تستطيع أن تدخل أراكان مرتدياً دشداشة؟
إذا استطعت أن أدخل بجسدي فهذا خير وبركة.
● كم مرة زرتها؟
لم أزرها أبداً، فالخارج من أراكان لا يستطيع الدخول لها مرة أخرى، والدي خرج من أراكان في عام 1942 وحتى يومنا هذا لم يستطع دخولها مرة أخرى وإذا حاول الدخول سيقتل مباشرة من دون محاكمات.
● كم عدد الأركانيين الذين شردوا من أراكان؟
أكبر فئة عديمي الجنسية (البدون) على مستوى العالم هم الشعب الروهنغي الذين لا يمتك ولا واحد منهم جواز سفر وعددهم أربعة ملايين ونصف المليون وهذا باعتراف الأمم المتحدة، خرجوا لستة وثلاثين دولة.
● ولماذا لا تندمجوا في دولة ميانمار؟
هذا ما نريده وهو ارجاع حق المواطنة التي سحبت منا عام 1982، والحكومة الميانمارية ترفض ذلك لأنها تعرف أنه لو أعطتنا حق المواطنة فستكون الخطوة المقبلة حق استرجاع أراكان وطلب الانفصال.
● وهل ما زال القتل والتعذيب لمسلمي الروهنغيا قائم؟
نعم، ولا يمكن لأحد أن يتخيل حجم التعذيب الواقع عليهم فهي قصص أغرب من الخيال، فخلال شهر ونصف الشهر تم تهجير أكثر من 800 ألف إلى الشريط الحدودي بين ميانمار وبنغلاديش وهي منطقة غير صالحة للعيش البشري تماماً، ويومياً هناك ضحايا قتلى في هذه المنطقة التي تنتشر بها الثعابين والعقارب.
خلال شهر ونصف الشهر تم قتل أكثر من تسعة آلاف من الروهنغيا داخل أراكان، عدد الأطفال النازحين وصل لـ260 ألف طفل نازح لا يتحدثون إلا بلغة البكاء، تم حرق 287 قرية خلال شهر ونصف الشهر بما فيها ومن فيها، ثم يتم تعقب الفارين من الحريق في الغابات من قبل الميليشيات البوذية المتطرفة.
● وماذا لو ارتد أحد مسلمي الروهنغيا عن الإسلام وقال سأصبح بوذياً لأنجو بنفسي؟
على مدار سبعين سنة لا يوجد أراكاني واحد تحول للبذوية، بل هناك آلاف البوذيين الذين اعتنقوا الإسلام، وفي معتقلات تايلند هناك 11 ألفا من الفارين من جحيم التعذيب في أراكان، نحن على يقين تام أن التعذيب الذي نتعرض له بسبب الدين.
● ما مطالبكم؟
أن تخصص حكومة بنغلاديش منطقة آمنة لاستيعاب اللاجئين، وأن تتعهد حكومة ميانمار بإعادة كل اللاجئين الفارين من الاضطهاد والتعذيب، ويجب على المجتمع الدولي أن يفرض منطقة آمنة داخل أراكان لعودتهم.
● وهل تتوقع أن يأمن الأركانيون على أنفسهم في حال العودة؟
رغم كل العذاب والاضطهاد والعنصرية، لدينا شهادات موثقة من أراكانيين أكدوا استعدادهم للعودة لأراكان إذا توفر لهم ملاذ آمن، فالنازحون في مخيمات بائسة ومياه المجاري تجري من تحتهم.
● هل يرفع الأذان في أراكان؟
حكومة ميانمار تضلل الرأي العام لتبدو وكأنها توفر الحرية الدينية، فقامت بالسماح برفع الأذان في عاصمة أراكان في منطقة أكياب، ولكن هناك سبعة وعشرين منطقة لا يرفع فيها الأذان ولم يتمكن المسلمون من تأدية صلاة عيد الأضحى الماضي، وتم افتتاح قرابة خمسة مساجد في عاصمة ميانمار كي تراها وفود الأمم المتحدة عندما تأتي للزيارة.
● هل تقصد أن الحكومة الميانمارية تمارس التضليل؟
نعم فهم يدعون أن مسلمي أراكان هاجموا مقرات الجيش البوذي، وعندما طلبت منهم المؤسسات الإعلامية أن يظهروا مقطعاً واحداً لهذا الهجوم المزعوم لم يفعلوا.
– هل يمكن أن يدخل تنظيم «داعش» أو القاعدة لميانمار بحجة الدفاع عن المسلمين هناك؟
أعتقد أن البيئة غير مهيئة لدخول التنظيمات الإرهابية، لكن الحكومة الميانمارية ستوجد الطرق لإدخالهم وتتعمد ذلك، وقبل دخولهم أعلنت الحكومة أنهم دخلوا لأنها تستفيد من هذا الإعلان.
● ألا يوجد بين الحكومة الميانمارية رجل رشيد يقول لهم ما تفعلوه خطأ؟
الدلايا لاما وهو أعلى مرجعية بوذية طالب حكومة ميانمار بالكف عن ظلم المسلمين، ولكن الحكومة تستخدم البوذية لتحقيق أهدافها التي من بينها توطين البوذيين محل المسلمين في أراكان.
على الهامش
رسالة إلى مفتي سورية: حسبنا الله ونعم الوكيل
في معرض حديثه على مفتي سورية أحمد بدر الدين حسون الذي قال إن مشكلة الروهنغيا مبالغ فيها ويجري استثمارها من اجل بث دعاية إعلامية موجهة ضد حكومة ميانمار، قال: حسبنا الله ونعم الوكيل فالكل يبحث عن مصلحته فقط.
الحكومة العسكرية تستغل البوذية
قال الأركاني في معرض تقييمه الأزمة: الحكومة في ميانمار نظامها عسكري، ومن مصلحة هذه الحكومة إخلاء منطقة أراكان بالكامل لذلك لجأت إلى إشعال الصراعات الدينية واستغلت الرهبان البوذيين لتمرير ما تريده.
جماعة 969… داعش البوذية
عن التطرف لدى الجماعات البوذية، يقول الأركاني: هناك العديد من الجماعات البوذية التي تسوم المسلمين سوء العذاب لكن أكثرها تطرفاً ووحشية هي جماعة 969 البوذية والتي يمكن أن نعتبرها أنها بمثابة تنظيم داعش البوذي، وتدعو لسحل وقتل المسلمين، ولها نشاطات وتتلقى الدعم من الدول البوذية المجاورة، والحكومة الميانمارية تتبنى هذه المنظمة المتطرفة.
ميانمار… قبلة البوذيين
وصف الأركاني دولة ميانمار بأنها قبلة البوذيين على مستوى العالم، مشدداً على أنه إذا لم تخصص بنغلاديش منطقة آمنة لاستقبال اللاجئين فستتفاقم هذه الكارثة الإنسانية.
مقاومتنا سلمية
بسؤال الأركاني حول إمكانية اللجوء للمقاومة المسلحة، أجاب بالقول: أزمتنا عمرها سبعين عاماً لم نتخل فيها يوماً عن الطرق السلمية. وفي الأزمة الأخيرة عند حرق القرى وجدنا مجموعة من الذين يئسوا من الحياة والظلم قرروا يقولون انه إذا دخلت الميليشيات البوذية لحرق قرانا فإننا سندافع عن أنفسنا بالعصي من باب الدفاع عن النفس، وحتى يومنا هذا تدعوا كل قياداتنا ومنظماتنا إلى اتخاذ الموقف السلمي.