وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
روى عدد من اللاجئين الروهنغيا قصص فرارهم من أراكان بعدما شنت قوات ميانمار حملة عسكرية ضدهم في أغسطس الماضي استمرت ثلاثة شهور وما لاقوه خلال الطريق حتى الوصول إلى بنغلادش ثم مواجهة بيئة جديدة وظروف جديدة في المخيمات التي كشفت عن وجود الآلاف من المصابين والمرضى والذين تلقوا العلاج من قبل المنظمات الإنسانية .
ونقلت منظمة أطباء بلا حدود عددا من القصص التي وقفت عليها وساهمت في معالجة أصحابها وقالت إن امرأة روهنغية تدعى ياسمين تبلغ من العمر 19 عاماً أتت إلى عيادة المنظمة في كوتوبالونغ بكوكس بازار برفقة ابنتها فاطمة ذات العامين التي من سوء التغذية الحاد لتتلقى العلاج.
وذكرت ياسمين قصتها قائلة :” بقينا يومين على الحدود. هنالك الكثير من الناس الذين لا يمكنهم عبور الحدود من جهة ميانمار بسبب المال. بعضهم يعبرون من خلال تقديم مجوهراتهم أو هواتفهم الجوالة. أما الذين ليس لديهم ما يقدمون فلا يمكنهم العبور. يقوم “الموغ” بحرق بيوتنا وتعذيبنا. يعذبون الفتيات الصغيرات والأطفال. لقد سرقوا طعامنا وأحرقوا منازلنا. بعد ذلك فررنا إلى هنا، وصلنا ليلاً. لم نستطع أخذ أي شيء من منزلنا. الكثيرون منا فقدوا ما لديهم من مال. وعندما جئت لم يكن لدي أي شيء سوى ملابسي “.
وتقول ياسمين إنها شاهدت الكثير من الجثث في البحر، نساءً وأطفالاً ورجالاً، وجثثاً بلا أطراف. ولم تر أحداً حياً. وقد حاول الجنود إطلاق النار عليهم لكنهم ركضوا مسرعين ولم يتمكنوا من إصابتهم. ثم قاموا بملاحقتهم.
وروت ياسمين أيضا معاناتها لأن الطريق إلى البحر كان مغلقاً، والتلال أيضاً كانت مغلقة، ولم يكن لديهم ما يأكلون.
وأضافت ” كان حال ابنتي جيداً في السابق، فقد كانت تمشي وتأكل بشكل جيد. عندما فررنا كانت مريضة ووضعها الآن أسوأ فهي لا تأكل الطعام وجسمها لا ينمو. أخذتها إلى الأطباء وإلى بعض المعالجين التقليديين لكنها لم تتحسن. نصحني البعض بأن آخذها إلى العيادة في كوتوبالونع… وأخبرني الأطباء أن عليها أن تبقى لتلقي العلاج”.
أما محمد إدريس (11 عاماً) وهو أحد المرضى الذين يراجعون عيادة المنظمة أيضا في كوتوبالونغ بكوكس بازار فقال :” أثناء فرارنا شاهدنا منازل تحترق، وكانوا يطلقون النار على الناس ويحرقون جميع البيوت. لم نأخذ معنا طعاماً من البيت، فقد كان علينا أن نركض هاربين. لم نتمكن من أخذ أي شيء، فقد كانوا يحرقون منزلنا أيضاً لذلك شرعنا في الركض.
كانوا يطاردون الناس ويقتلون كل من يجدون في طريقهم، أما إن لم يجدوا أحداً فيقومون بإحراق البيت. شاهدت ذلك بأم عيني. كانوا يطلقون قاذفات الصواريخ، وكنا مذعورين وهربنا. وبعد أن خرجنا من بيتنا أحرقوه.
وصلنا إلى هنا قبل سبعة أيام. أعتقد أننا لن نتمكن من العودة إلى ميانمار. فلم يعد لدينا مكان يؤوينا بعد أن احترق منزلنا. كيف لنا أن نعود إلى هناك؟ نعيش الآن في أونشيبارانغ، ونواجه صعوبة في إيجاد ماء للشرب أو ماء للاستحمام، من الصعب جداً إيجاد الماء. لذلك نقوم بجمع الماء من الأرض من خلال الحفر. لكن طعم الماء يشبه طعم الطين. هنالك مصاعب في تأمين الغذاء أيضاً، إذ لا يتوفر سوى النزر اليسير. ليس هنالك سقف يظلنا لذلك عندما تمطر نتبلل جميعنا. المكان صغير وليس من السهل العيش فيه وتشارك الحزن والسرور. لا توجد هنا مدرسة. أرغب الذهاب إلى المدرسة لأن العلم مفيد، وبالتعلم يمكن أن يصبح المرء طبيباً أو مهندساً”.
وفر أبو أحمد (52 عاماً) أيضا من ميانمار مع ابنته الصغرى رُقيَّة (10 أعوام). التي تتلقى العلاج في عيادة كوتوبالونغ في كوكس بازار.
اضطر أبو أحمد لترك سبعة من أولاده في ميانمار ولا يعلم ما إذا كانوا على قيد الحياة أم لا. ويقول :”عندما قررت المجيء قال لي ابني: “لا يمكننا المجيء الآن لأنهم أغلقوا الطرقات، أغلقوا جميع المنافذ. خذ أختنا معك مهما كلف الثمن، فحياتها أهم شيء”. “هنا لا يمكننا إنقاذها أو حمايتها، اذهبوا أنت وأمي وأختي وانجوا بحياتكم. وسيكون الله معنا”. ثم ودَّعنا بعضنا واستودعنا بعضنا البعض الآخر عند الله. عندما وصلنا الحدود مع بنغلادش عانينا لمدة يومين في المنطقة ’المحايدة‘ وعانينا لثمانية أيام على الجانب الميانماري. لم نعثر على أي قارب يقلنا ولم نجد ما نأكل من طعام أو ما نشرب من ماء، عانينا الأمرين من ذلك. ثم وجدنا قارباً وعن طريقه وصلنا إلى بنغلادش.
بعد شهرين أصبحت متيقناً أنني لن أجد أسرتي، لكنني سمعن خبراً عن ابني الكبير أنه على قيد الحياة ومعه ابنه وزوجته وهم الآن في مكان بعيد عن قريتنا… هما بخير لكنني لم أسمع شيئاً عن باقي أفراد الأسرة. بوضعنا الراهن وليس معي سوى ابنتي، قلت لنفسي ماذا عساي أن أفعل؟ فأراني الله الطريق وسمعت عن مستشفى أطباء بلا حدود، ونحن فيه الآن.
لا أجد أي راحة في قلبي الآن، أشعر بقلق مستمر طيلة اليوم. إذا تحسن وضع ابنتي فسيزول قلقي. ما أتمناه هو أن نعيش كباقي الناس، وأن يلتم شملنا من جديد وأعيش مع ابنتي وزوجتي، ومع وأسرتي. وإذا تحسن وضع ابنتي آمل عندها أن أجد مكاناً لنعيش فيه معاً”.
وتقول رقية :” كان الجيش يأخذ الناس، وقد حاولوا أخذنا كذلك لكنهم لم يستطيعوا ذلك. كان يأخذون الناس من بيوتهم. جميع الناس. حملني أبي وهربنا. وأنا الآن في المستشفى منذ أربعة أشهر. في البداية أدخلوني المستشفى في كوكس بازار، ثم تم إدخالي إلى العيادة هنا.
لا أحب المكان لأنه عليه أن أبقى مستلقية طيلة اليوم، ولا أستطيع أن ألعب. أرغب باللعب لكنني لا أستطيع. لذلك أقوم بالرسم، أرسم وحوشاً”.