ترجمة: علاء الدين أبو زينة
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
بدأت مأساة مسلمي الروهنغيا في ميانمار بطرد أكثر من نصف مليون فرد منهم من ولاية أراكان إلى بنغلادش المجاورة، في عملية عسكرية وحشية.
لكن هذا الصراع، الذي أصبح كارثة إنسانية الآن بينما تهدد الفيضانات والانهيارات الطينية معسكرات اللاجئين الروهنغيا، يجري خوضه أيضاً بالكلمات. فقد قامت حكومة ميانمار، المعروفة أيضاً باسم ميانمار، بمسح اسمهم نفسه -“روهنغيا”- من الأخبار.
عاش الروهنغيا في ميانمار منذ عقود، لكن الأغلبية البوذية في البلد اعتبرتهم متطفلين من بنغلادش وأطلقت عليهم بسخرية اسم “البنغاليين”. وفي بلد يضم العشرات من مجموعات الأقليات العرقية، تُرك الروهنغيا بلا جنسية وتعرضوا للاضطهاد. ولم يتراجع سوء المعاملة هذا مع وصول ديمقراطية هشة إلى البلد في السنوات الأخيرة، بقيادة المعارضة المنشقة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، أونغ سان سو تشي، التي تشغل الآن منصب الرئيس الفعلي للحكومة.
في الأسابيع الأخيرة، اكتشفت وزارة الإعلام الميانمارية كلمة تردد “روهنغيا” في البرامج التلفزيونية التي تبثها إذاعة “راديو آسيا الحرة” -وهي مؤسسة إخبارية خاصة غير ربحية، تمولها الحكومة الأميركية، والتي تنقل الأخبار إلى المجتمعات المغلقة في آسيا- وفي برامج محطة هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”. وقد استخدمت كلتا المنظمتين الإخباريتين كلمة “روهنغيا” في برامج تقاسمتاها مع محطة “صوت ميانمار الديمقراطية”، التي تعمل على قناة MRTV التابعة للدولة. وقالت وزارة الإعلام الميانمارية إن محطتي راديو آسيا الحرة و”بي. بي. سي” لن تستطيعا بث محتواهما بعد الآن إذا استمرتا في استخدام كلمة “روهنغيا”، وهو الأمر “الممنوع منعاً باتاً”. ورفضت كل من راديو آسيا الحرة والـ”بي. بي. سي” فرض الرقابة على برامجهما، وانسحبتا من شراكتهما، على الرغم من أن المحطتين ستظلان متاحتين للميانماريين من خلال الموجات القصيرة، ووسائل الإعلام الاجتماعية والمواقع الإلكترونية.
كانت رقابة الدولة مطلقة في ظل الديكتاتورية العسكرية التي حكمت ميانمار من العام 1962 وحتى 2010. ثم ازدهر الأمل في التغيير عندما بدأ التحول إلى الديمقراطية، وخاصة بعد فوز الرابطة الوطنية للديمقراطية بقيادة أونغ سان سوتشي بأغلبية ساحقة في انتخابات العام 2015. لكن السنوات القليلة الماضية أظهرت أنه لا الرابطة الوطنية للديمقراطية ولا الجيش يحققان أي تقدم يعتد به في اتجاه حرية الصحافة. وما تزال القوانين القديمة التي تسمح بالعقوبة الانتقائية للصحفيين قائمة.
وكان الاحتجاز غير العادل لمراسلَي وكالة رويترز، كياو سو أو، 28 عاماً، ووا لون، 32 عاماً، اللذين كانا يحققان في مقتل 10 من الرجال والصبيان الروهنغيا خلال حملة القمع، آخر مثال على ذلك.
يتساءل الكثيرون لماذا سمحت أونغ سان سوتشي بحدوث ذلك. وفي الدفاع عنها، غالباً ما يُشار -عن حق- إلى أن الجيش ما يزال يحتفظ بسلطة كبيرة في ميانمار، بما في ذلك في البرلمان وفي السيطرة على الوزارات الرئيسية، بحيث لا تستطيع كيي أن تفعل الكثير. وصحيح أيضاً أن أونغ سان سو كي ناشدت الناس بعدم استخدام أي من كلمتي “الروهنغيا” أو “البنغال”، وقالت إنهما مصطلحان محرضان للعواطف، وهما بالكاد استجابة شجاعة. لكنها يجب أن تُسأل عن السبب في أن حكومتها تعمل كرقيب على الإعلام. ومن المؤكد أنها تتذكر كيف كانت تلجأ خلال سنوات طويلة من الإقامة الجبرية في المنزل إلى راديو آسيا الحرة و”بي. بي. سي” حتى تسمع منهما الحقيقة. ومن المحزن رؤية هذه الحقيقة وهي تُقمَع تحت مراقبتها.