وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
المعبد البوذي الشهير «تيزو-ان» في منطقة «ميوشين جى» شمال غرب مدينة كيوتو اليابانية، هو مجمع يضم أكثر من 46 معبداً بوذياً على مذهب الزان الشهير، ويعد نموذجاً للطراز المعماري الهندسي التاريخي باليابان، وأشهر المعالم السياحية في امبراطورية الساموراي، تم تأسيسه عام 1904، وحدائقه تحفة فنية فريدة.
بابتسامة صافية وترحيب شديد، استقبلنا دايكما تساو ياما، الراهب البوذي لمعبد ميوشينجي، وخلال الجولة دار بيننا الحوار التالي وهذا نصه..
ما تفاصيل منشآت معبد «تيزو-ان»؟
– نحن الآن في مركز معابد الزان، الذى يضم داخله 46 معبداً صغيراً من 3400 معبد بوذي في اليابان.
ما أهم التعاليم التي توجّه للزوار؟
– تعاليم بوذا تدعو إلى المحبة والتسامح والتعامل بالحسنى والتصدّق على الفقراء وترك الغنى والترف وحمل النفس على التقشّف والخشونة، ونحثهم على التفكير الصحيح المستقيم الذى لا يتأثر بالأهواء البوذية تنادى بعدم القتل، والسرقة، والكذب، وتلزمنا بالعفة، فالبوذية دين إنسانية في المقام الأول، وبوذا كان من أكبر الشخصيات التاريخية الإنسانية، وكبار العلماء يصفون رسالته بأنها رحيمة.
البوذية واحدة من أكثر الديانات انتشاراً في العالم ويعتنقها أكثر من مليار شخص، فلماذا تنتشر المفاهيم الخاطئة عنها؟
– يرجع الفهم الخاطئ للبوذية إلى الفهم الضعيف للفلسفة أو الديانة البوذية، فالبعض يقول إن البوذيين يحبون الألم والمعاناة، والمعاناة نوع من الممارسات الدينية عند البوذيين، غير أن نصوص البوذية خالية تماماً من هذا الحب أو المتعة، وما تقوله الديانة هو أن على الشخص ألا ينظر بسلبية للمعاناة، وأن يبقى متفائلاً، وأن يتقبّلها عند عدم قدرته على تجنّبها واضطراره إلى التعامل معها، وهذا المفهوم في البوذية يهدف إلى جعل الناس أقوياء ويساعدهم على تحمّل الألم والمعاناة في الحياة.
ما رأيك في ما يحدث للمسلمين في ميانمار؟
– ما يحدث من تعذيب وإبادة للمسلمين في ميانمار وميانمار ليس له علاقة بالبوذية، والبوذية بريئة من أعمال العنف، والمتورطون فيها ليس لديهم فهم صحيح للدين، وقمت بزيارة ميانمار قبل 3 سنوات، والتقيت مع بوذيين متطرفين هناك، لديهم تمييز عنصري شديد، وحاولت التحدث معهم، لكن للأسف التطرّف موجود في كل مكان وكل الأديان، وأنا عن نفسى مهتم بالأمر، وأتمنى أن ينتهى ما يحدث هناك من مآسٍ للمسلمين.
ما دورك كراهب بوذي في نبذ العداء ضد المسلمين؟
– نحن هنا في ميوشينجي نصدر بيانات للشجب والإدانة لما يحدث لمسلمي ميانمار، لكن البيانات ليست كافية، وبُعد المسافة بيننا وبينهم يعطى تأثيراً غير قوى، ومع ذلك نحاول أن نغير هذا الوضع من خلال الزائرين وننقل لهم تعاليم البوذية السليمة، وتعاليم الإسلام السليمة، وهما لا يتعارضان مع بعضها البعض.
زرت مسجد «أيوب» في تركيا.. والرهبان بكوا من خشوع مرتاديه أثناء الصلاة.. ونستقبل المسلمين داخل معابدنا
كيف يتم التعايش بين الإسلام والبوذية في اليابان؟
– نحن في ميوشينجى نستقبل المسلمين، ونبذل جهداً حتى نتجاوز الحدود بين الأديان، فنستمع إليهم ونتعلم منه، ونحضر لهم الطعام «الحلال»، كما نجهز مكاناً للصلاة، ومنذ شهور قليلة زار وفد إسلامي معبد دتوداجي، أحد أكبر المعابد البوذية في اليابان، وأقاموا الصلاة داخل المعبد البوذي، كما أنني قمت بنفسي بزيارة تركيا وزُرت مسجد أيوب هناك، وشهدت الترحيب والسماحة بين المسلمين، حتى إن مشهد صلاة المسلمين الجماعة أبكى أحد الرهبان البوذيين تأثراً من براعة المنظر والخشوع في الصلاة.
ما رأيك في بعض الطقوس الغريبة التي يمارسها البوذيون؟
– هناك الكثير من الطقوس الغريبة والخاطئة التي كانت تمارس قديماً نتيجة سوء الفهم للبوذية، فمثلاً الدعوة إلى الانعزال أحد التقاليد التي تمارَس أحياناً بطريقة غير صحيحة، لكن ليس كل البوذيين يمارسون هذه التقاليد، مثل المتطرفين في الإسلام ليس كل المسلمين يمارسون التطرف، فهناك 25% من المجاهدين غير متعلمين، ولم يتخرجوا في مدارس إسلامية صحيحة، وكذلك البوذية.
ما الرسالة التي تود أن توجهها للعالم؟
– أصل الوجود بين الأديان هو التعايش، والصراع والحروب باسم الدين يتناقض مع تعاليم كل الأديان، وعلى الجميع إدراك أن المتورطين في أعمال العنف ليست لديهم معرفة أو فهم صحيح للدين.
زي الرهبان
هي ملابس تقليدية، جلباب طويل، كرمزية البساطة والتجرد من الماديات، أما حلق الشعر للراهب البوذي فهو أيضاً رمز إلى البساطة والتجرد من تغيير الشكليات، فالبوذية ليست مجرد دين أو تقليد، وإنما أسلوب تعامل مع الحياة ببساطة. وهي في الواقع فلسفة لمن يريد أن يتعلم أسلوب العيش، بعيداً عن الحياة الرغدة والرفاهية الزائفة.
(الوطن)