وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
بين الحين والآخر تطل أخبارهم المؤلمة وصورهم القاسية عبر الصحف والمواقع الإخبارية في مشاهد قتل وحرق واغتصاب وغيرها من أشكال التعذيب والاضطهاد، التي تجرع مرارتها مسلمو الروهنغيا، وجعلتهم يفقدون الأمان في وطنهم ويسعون للفرار منه ليبدؤوا رحلة لا تقل مشقة ، ويتكدسوا فى مراكب متهالكة ، ومن يحالفه الحظ منهم يصل إلى بنغلادش ليسكنوا في مخيمات غير آدمية، إلا أنها تعد بر الأمان بالنسبة لهم.. والتي يفضلون البقاء بها على العودة لوطنهم.
فمنذ أواخر عام 2017، فر أكثر من 700 ألف لاجئ روهنغي في نزوح جماعي من ميانمار إلى بنغلادش، ليقيموا في مخيمات كروس بازار. وبعد مرور شهور طويلة ، وقعت ميانمار اتفاقا مع بنغلادش العام الماضي يقضي بإعادة لاجئي الروهنغيا لوطنهم مرة أخرى على دفعات بداية من نوفمبر الماضي، ولكن لم يتم تفعيل الاتفاق، وذلك بسبب رفض اللاجئين العودة لوطنهم بعدما رفعوا شعار «مخيمات الغربة أفضل من العودة لوطن الخطر!».
وعقب إعطائهم استمارات رسمية لحصر أعدادهم وهوياتهم، وأرغموا على ملئها، خرجوا في مظاهرة احتجاجية على ترحيلهم، وهم يحملون لافتات كتب عليها إذا قاموا بترحيلنا بالقوة، فسنعاني من نفس الوضع السيء الذى هربنا منه، وسنتعرض مجددا للاضطهاد والقتل.
وفي محاولة للتضامن معهم، وقعت 42 وكالة إغاثة دولية رسالة مشتركة تحث بنغلادش وميانمار على إعادة النظر في خطة إعادة التوطين، وجاء من خلالها تحذير من العودة غير الطوعية للاجئين، وأنها ستعد انتهاكا للمبدأ الأساسي المتمثل في عدم الإعادة القسرية، وهو المبدأ المتفق عليه دوليا وينص على أنه لا يمكن إعادة اللاجئين إلى بلدان يخشى فيها من الاضطهاد. ومع تزايد الانتقادات الدولية توقفت عملية إعادة توطين أول دفعة، المكونة من 200 روهنغي بشكل مبدئي.
مستقبل غير آمن
وبالنظر إلى ما ينتظر لاجئي الروهنغيا المطالبون إذا ما عادوا إلى الوطن نجد أنه في ولاية أراكان، على سبيل المثال، والتي تضم أكبر عدد من الروهنغيا حيث مازال يقيم بها حاليا نحو 400 ألف روهنغي، أن الحياة أشبه بالإقامة في سجن كبير، وأنهم يفتقرون إلى أبسط شروط الأمن والأمان. وتقول الأمم المتحدة إن الروهنغيا الذين مازالوا يعيشون في ولاية أراكان بحاجة إلى منحهم الجنسية وحرية التنقل قبل أن يكون من الممكن التفكير في إعادة اللاجئين، كما أنه لم يكن هناك أي ذكر لمنح الجنسية الكاملة لأى من الروهنغيا العائدين، وعدم حصولهم على بطاقات هوية يجعلهم يشعرون بأنهم يعيشون بشكل غير قانوني. كما أن إعادة الثقة لهم في رئيسة البلاد أونغ سان سوتشي المتهمة بتوطيد الانقسام والتمييز وحكومة بلادهم بعد ما تعرضوا له من مجازر على أيديهم يعد أمرا شديد الصعوبة وقد يستغرق وقتا طويلا.
ميانمار تتعهد بالتغيير
ومن ناحيتها تبدى ميانمار ترحيبا بعودة اللاجئين، حيث تعهد عدد من المسئولين العسكريين والمدنيين بتوفير كل ما يتطلعون إليه، وذلك من خلال توفير نحو 100 منزل قامت الصين بالتبرع بها، كما أن هناك خطة لتوفير المياه العذبة والدعم الطبي ورعاية خاصة للأمهات وتوفير الطعام وبدل يومي قدره 1000 كيات للشخص الواحد (0.63 دولار – 0.49 جنيه إسترليني).وأشار المسئولون، في مؤتمر صحفي عقد أخيرا، إلى أن هناك خططا على المدى الأطول تهدف إلى توفير فرص عمل وإتاحة الفرصة وفتح الباب أمام إنشاء منازل جديدة في 42 موقعا تم تحديدها للعائدين. كما سيتواصل تنظيم ورش عمل في ولاية أراكان لمساعدة الناس على فهم الاختلافات العرقية وتجديد العلاقات وسيتم بناء ملاجئ.
مخاوف دولية
وفي مقابل ذلك، حذرت منظمات الإغاثة من أن خطط البدء في إعادة مسلمي الروهنغيا تعتبر سابقة لأوانها، فمجرد طرحها تسبب في نشر حالة من الذعر وسط اكبر مخيم للاجئين في العالم. وبالرغم من تعهدات حكومتي ميانمار وبنغلادش بأن العودة ستكون على أساس سليم وآمن إلا أن المسؤولين في الأمم المتحدة حذروا من أن الأوضاع في ولاية أراكان ليست مؤهلة بعد للعودة. وتشير كريس ليوا، مديرة مشروع يركز أنشطته على الروهنغيا، إلى أن صفقة الإعادة إلى الوطن ربما تكون قد ساهمت في توجه اللاجئين لمهربي البشر للفرار إلى دولة أخرى، وقد لجأ بعضهم بالفعل أخيرا للهروب إلى ماليزيا.
وقد حذرت يانغ هي لي، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنى بحقوق الإنسان في ميانمار، في بيان صدر أخيرا من أن مسلمي الروهنغيا مازالوا يواجهون مخاطر الاضطهاد، كما أكدت أنها لم تر أي دليل على قيام حكومة ميانمار بإيجاد بيئة يمكن للروهنغيا العودة والعيش فيها في أمان مع ضمان حقوقهم.
(الأهرام)