بقلم: دلال يوسف
وكالة أنباء أراكان ANA | خاص
تختلف أنواع البضائع والسلع في زماننا هذا عن الأزمنة الماضية، فهناك تجارات في سلع لم تكن موجودة وأخرى قد تطورت وأصبحت أكثر حِرفية، إلا أننا وفي هذا القرن سنجد تجارة يستنكرها الجميع لو علموا بها لكنها موجودة بالفعل، رغم أنك لو سألت الناس عنها في الشوارع سينفونها تماماً فهي تجارة من نوع خاص ومختلف، ألا وهي تجارة البشر!! نعم يا سيدي لا زالت هذه التجارة موجودة ونَشِطة رغم أنك لا تشعر بها.
ولتعرف أكثر عما يحدث في الدهاليز المظلمة والغابات القاسية تعرف أولاً على مفهوم التجارة العجيبة غير الإنسانية.
تعريف الإتجار بالبشر : هي عملية توظيف أو تجنيد شخص وإيوائه ونقله أو الحصول عليه من طريق التهديد أو استخدام القوة أو الاحتيال أو الإكراه؛ وإخضاعه للعبودية رغماً عنه، لغرض استخدامه أو تسخيره أو إجباره على العمل القسري، أو العبودية، أو ممارسة الدعارة (البغاء)، أو استغلالهم لأغراض جنسية.
وللأسف فإن كثيرا من الروهنغيا وقعوا ضحايا لهذه التجارة؛ فهم يعيشون في أعشاش بالية محرومين من كل الحقوق فليس لهم أي حق في التعليم أو العلاج أو العمل أو التنقل والسفر والزواج وممارسة شعائرهم الدينية وأيضاً يُعانون من الاضطهاد الجسدي بالتعذيب والقتل والاعتقال والاغتصاب والتهجير القسري فيرون أن الهجرة والفرار أهون عليهم من العذاب الذي يعيشون فيه.
بعد هذا السرد.. السؤال المهم كيف تبدأ رحلة البيع؟ وهل الحكومة الميانمارية تعلم بهذه التجارة؟ يدخل تجار البشر إلى المخيمات ويتم إغراء الروهنغيا بحياة جديدة وكريمة بعيدة عن الاضطهاد ويتم الاتفاق على مبلغ لإخراجهم من الظلم ويتم أخذ نصف المبلغ والاتفاق معهم على يوم معين للفرار ويتم توفير قارب للروهنغيا حتى يصلوا إلى وجهتهم، تايلند، أو ماليزيا، وغالباً ما تأخذ الرحلة من ٧-٩ أيام وفي الأغلب ينفذ طعامهم خلال تلك الفترة، إن حالفهم الحظ وصلوا لوجهتهم وإن لم يحالفهم فستأخذهم الأمواج إلى المياه الإقليمية، وهناك تمسك بهم القوارب التايلندية وتأخذ المحركات وتجعلهم يغرقون عمداً، أما من حالفهم الحظ ووصل إلى وجهته فيجب عليه دفع نصف المبلغ وإن لم يستطع فإنه يُباع كما يباع المتاع إلى أصحاب المزارع والصيادين والنخاسة وبيوت الدعارة والسوق السوداء، أما من كان غير قادر على العمل فيُضرب ويعذب تعذيباً شديداً إلى أن يلقى حتفه أو يصاب بالشلل! والحكومة الميانمارية تعلم بهذا الأمر فبالتالي تزيد الظلم والاضطهاد والتعذيب من جهة وتسمح للتجار بالوصول للروهنغيا من جهة أخرى بل أنها وظفت عصابات من تجار البشر للتخلص من الروهنغيا وتصفيتهم وبيعهم وإخراجهم من أرضهم والهدف التخلص منهم بطريقة غير مباشرة .
أهم الدول التي يتم تهريب الروهنغيا إليها هي الصين وماليزيا وإندونيسيا والهند وتايلند وأخيراً العالم الغربي.. ودليل وجود هذه التجارة هو اكتشاف مقبرة جماعية كبيرة بها أكثر من ١٠٠ جثة مدفونة تعود للروهنغيا في مخيمات لإخفاء المهاجرين على طول الحدود بين تايلند وماليزيا وكان كل من فيها هم ضحايا تجار البشر، وهناك تقارير تثبت ذلك فلقد سجلت منظمة أيرين حالات لبيع الروهنغيا من أراكان للصين ومن أراكان لبنغلاديش بغرض العمل والإتجار الجنسي أو الزواج دون مهر؛ وأيضاً تقرير آخر أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية حول الإتجار بالبشر (TIP) .
وذكر التقرير أن أكثر من 20 ألف من الروهنغيا فروا على متن قوارب متهالكة من ولاية أراكان في غرب ميانمار، حيث دفع العديد منهم مئات الدولارات لوسطاء تخلوا عنهم في الطريق أو تم بيعهم للتجار وكل ذلك يرجع لسبب واحد وهو أن الحكومة الميانمارية تقوم بتأجيج العمل الجبري والاتجار بالروهنغيا المسلمين، وتحرمهم من المواطنة وتجردهم من الحقوق الأساسية. وللأسف فإنه يتم استغلال النساء والأطفال الروهنغيا في الاتجار الجنسي ببيعهم لبيوت الدعارة، ويتم بيع الرجال والأطفال أيضاً إلى أصحاب المزارع والصيادين وغيرهم كعبيد يعملون معهم دون أي حق من الحقوق إلى أن يموت أو يصبح غير قادر على العمل، والأكثر ألماً أن المتاجرة بالروهنغي لم تقتصر عليه حياً فقط بل أنه يتم سرقة أعضائه بعد قتله ويتم تسليمه لذويه جثة ناقصة الأعضاء.
هذا غيض من فيض وليس ما يُقرأ كالواقع لكن ربما تستطيع أن تتخيل وتضع نفسك في مكان هذا المسلم المضطهد لتصل إليك الصورة .