بقلم: روميو دالير + د. شيلي ويتمان
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
إذا أعطى المجتمع الدولي الأولوية لحقوق الأطفال في معالجة الوضع في ميانمار، فقد تكون لديه فرصة للحدّ من العنف الموجّه حالياً ضدّهم، والبدء
في عكس اتجاه الوضع المأساوي على الأرض..
منذ أواخر أغسطس/آب، ارتكب جيش الدولة في ميانمار، والميليشيات المتحالفة معه، فظائع جماعية ضد أقلية الروهنغيا المسلمة، التي تعيش بشكل أساسي في ولاية أراكان. والآثار الناجمة عن حملة العنف هذه مذهلة.
أكثر من 400 ألف من الروهنغيا فرّوا إلى بنغلادش طلباً للأمان خلال الأسابيع الماضية، وكان 230 ألفاً منهم من الأطفال. وسيكون لحملة العنف الوحشية المنظمة، التي تميزت باتباع تكتيكات الأرض المحروقة، تأثيرات مهمة على الروهنغيا لأجيال قادمة.
وبينما علت أصوات الغضب والإدانة المُحقة من المجتمع الدولي، كانت حملة التطهير العرقي تلك متوقعة، على مدى السنوات الخمس الماضية على الأقل، وهي منسجمة مع ولع جيش ميانمار بالانتهاك الصارخ للقانون الدولي.
ويتضح ذلك بوجه خاص، عندما يتعلق الأمر بحقوق الأطفال، ما يعكس صورة لنموذج شهدناه من قبل في الفظائع الجماعية التي ارتكبت في سوريا، ورواندا وجنوب السودان وغيرها.
وقد روى لاجئو الروهنغيا للصحفيين وجماعات حقوق الإنسان قصصاً مروّعة عن الجنود والمسلحين، الذين يستهدفون الأطفال، قتلاً وإحراقاً واغتصاباً وتشويهاً. وقد يكون الأطفال أيضاً من بين مرتكبي العنف؛ نظراً إلى سجلّ ميانمار الشائن: فهي مرتكب دائم للعنف ضدّ الأطفال، مدْرَج من قبل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، بشأن الأطفال والصراع المسلح، لارتكاب انتهاكات خطرة ضد الأطفال منذ سنوات عديدة.
والقوات المسلحة في ميانمار، واحدة من سبع من القوات المسلحة من قِبل الدولة، المدرجة على قائمة تجنيد الأطفال واستخدامهم.
وعندما لا تتورع إحدى الحكومات عن استخدام الأطفال في قواتها الأمنية وارتكاب جرائم خطرة ضدّ أصغر أفراد مجتمعها، لا ينبغي أن نستغرب استعدادها لارتكاب جرائم ضد الإنسانية على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي.
إن العالم يفتقر إلى الإرادة السياسية لمجابهة الفظائع الجماعية، وليس إلى المعرفة. فقد كانت مؤشرات الإنذار المبكر من الفظائع الجماعية في ميانمار، واضحة من خلال ما يُنشر عنها من التقارير المفصلة منذ سنوات.
وقد أصدرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» للتوّ تقريراً يصف العنف الحالي في أراكان بأنه جرائم ضدّ الإنسانية. وقد خلصت إلى النتيجة ذاتها، التي تخصّ العنف السابق هناك عام 2006 و2012. فعلى مدى سنوات، ظل المتطرفون يؤججون نار الكراهية والحقد لدى السكان، بالحديث الموجّه ضدّ الروهنغيا، ما أدى إلى موجات من العنف الذي يمارسه الغوغائيون. وقد حُرم الروهنغيا عن قصد من الجنسية، بموجب قانون صدر عام 1982. وليست هذه الأفعال جديدة أو مخفية.
ومع ذلك، تقاعس المجتمع الدولي، مرة أخرى عن اتخاذ تدابير كافية على ضوء الأدلة الدامغة.
فكيف نخلق الإرادة السياسية الضرورية في مواجهة الأزمات المتعددة الجارية، والمؤسسات الدولية المثقلة بالأعباء، والتاريخ المرصع بالتدخل الإنساني؟
إننا إذا وضعنا حقوق الأطفال في المقدمة من أجندة السلام والأمن، نستطيع أن نفتح آفاقاً جديدة للتعاون، والدبلوماسية والعمل. فحماية الأطفال غالباً ما تكون همّاً يمكن أن يتجاوز الخلافات السياسية المستعصية، ويُظهر للأطراف المتعارضة أن لديها بالفعل بعضاً من الأرضية المشتركة التي يمكن تنطلق منها للعمل معاً.
واتفاقية حقوق الطفل، هي الاتفاقية الدولية التي تحظى بأكبر مصادقة في التاريخ. وقد تمّ تمرير قرارات أساسية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مثل القرار 1612 و2250 بالإجماع، في حقبة من الجمود بين الأعضاء الدائمين. وتبرهن هذه الأمثلة على أن مثل هذه الاستراتيجية يمكن أن تنجح.
وإذا أعطى المجتمع الدولي الأولوية لحقوق الأطفال في معالجة الوضع في ميانمار، فقد تكون لديه فرصة للحدّ من العنف الموجّه حالياً ضدّهم، والبدء في عكس اتجاه الوضع المأساوي على الأرض، الذي عجزت خمسة أعوام من الإصلاح السياسي عن تحقيقه.
وفي خضمّ هذا الكم الكبير من المآسي والمعاناة، هنالك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراء. وبينما لا يزال يترتب علينا، أن نعمل بصورة عاجلة لإنهاء الانتهاكات المرتكبة من قبل القوات المسلحة في ميانمار، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة، فإنه يجب علينا أن نقيّم تقاعسنا الجماعي عن منع الفظائع الهائلة، وأن نطالب بالإرادة والقدرة على ضمان ألّا يتكرر ذلك، ولا مرة أخرى.