بقلم : إبراهيم حافظ
وكالة أنباء أراكان ANA | خاص
كان هنا على ثرى اﻷرض الطاهرة مسلمون موحدون .. كانوا بـ ” لا إله إلا الله” يشهدون ويقرون .. كانوا يعبدون الله مخلصين له الدين .. وكانوا على صلواتهم يحافظون، وباﻷسحار هم يستغفرون .. رغم اﻻضطهاد والتنكيل .. والتشريد والتقتيل .. رغم كل صنوف المحن وضروب البﻻء وأشكال العنف وألوان العذابات التي لم تكن تنتهي : معلم قرآن يهان بحلق لحيته .. فتاة عذراء تصرخ قهرا من كلب عقور يلغ في عرضها .. جنين يتشكل، يذوق ألم الطعنة في بطن أمه قبل أن يخرج إلى الدنيا .. أطفال لم يبلغوا الحلم يدفنون أحياء في مقابر جماعية .. أجساد تتمزق .. أشﻻء تتناثر .. نداءات وصيحات .. صرخات واستغاثات .. تستمر لعشرات السنين .. ﻻ تقنط وﻻ تيأس .. وﻻ تظفر باستجابة .. ماتت النخوة .. لم تعد هناك حمية .. عاشوا على أرضي محاصرين معزولين عن العالم .. تعذبوا وتشردوا فوق أرضي طويﻻ طويﻻ على مرأى ومسمع من العالم .. تعبوا وأرهقوا إلى حد اﻹنهاك التام، فاستسلموا أخيرا وأغمضوا أعينهم بسﻻم، وراحوا في سبات عميق عميق ينقلهم الموت إلى نعيم الشهداء في الحياة البرزخية .. واحتفل البوذيون عندها بقتل آخر مسلم روهنغي عاش على ثرى أرضي الطاهرة .. أقصد تلك التي كانت طاهرة .. ومن يومها أحن لسماع نشيد التوحيد بﻻ جدوى .. لم تعد المساجد إلا معابد بوذية، تصخب فيها جموع الرهبان بتﻻوات وثنية .. ومن يومها أشتهي قبلة طاهرة أطبعها على جبين مسلم ساجد على ثرى أرضي بﻻ جدوى .. لم يعد اليوم على أرضي مسلم واحد يذكر الله ويسبحه .. لم أعد أراكان التي عمرها المسلمون الروهنغيون قرونا متطاولة .. بت أندلسا أخرى شرقية .. بعد تلك اﻷندلس الغربية .. وإنما أنا اليوم بعد خلو المسلمين مني بالكلية : ” أرض راخين البوذية” !