بقلم: رملة عبد الحميد
وكالة أنباء أراكان ANA | الوسط
يبقى مصير الجماعات المكروهة مقرونا بأن تعيش وفق ما يراد لها أو تختار بين الموت أو الرحيل.
تبرز في عالمنا جماعة الروهنغيا والتي صنفتها الأمم المتحدة بأنها الأقلية الأكثر اضطهادًا في العالم، بسبب ما تلاقيه من تعديات واضطهاد يصل إلى التهجير والقتل القائم على المعتقد والهوية.
الروهنغيا الذين يمثلون 15 في المئة من سكان ميانمار والبالغ عددهم نحو 800.000 من أصل 55 مليون نسمة عدد سكان ميانمار، هم من المسلمين الذين يقطنون في ولاية أراكان غربي البلاد، وتنحدر غالبية أصولهم من بنغلاديش والهند، أما أصل تسميتهم ففيها اختلاف، فيشير بعض مؤرخي الروهنغيا إلى أنها مشتقة من العربية «الرحمة» وترجع إلى قصة السفينة التي بها تجار عرب، وتحطمت على سواحل أراكان، فما كان من ملكها إلا أن أمر بقتلهم وهو يصيحون الرحمة، الرحمة، فأطلق عليهم راهام، وتبدل الاسم مع الزمن إلى روهنغيا.
أغلب سكان بورما من البوذيين، وهي تعرف أيضا باسم ميانمار، وتقع على خليج البنغال، ما بين الصين والهند وبنغلاديش وتايلند، وقعت تحت الاحتلال البريطاني منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى حصولها استقلالها عام 1948، بدأ التمييز ضد المسلمين في ميانمار منذ الاحتلال البريطاني بسبب مقاومة المسلمين له، لذا عملت على التفرقة بين المسلمين والبوذيين، وإشعال الفتن بينهما، وتحريض البوذيين وتسليحهم، وطرد المسلمين من وظائفهم، ومصادرة أملاكهم، واعتقال نشطائهم ونفيهم، كما أنها سارعت في إغلاق معاهدهم الإسلامية. وقد سارت حكومة العسكر، ومن بعدها حكومة حزب التضامن والتنمية الاتحادي المدعوم من جهة العسكريين بالنهج نفسه.
في السنوات الأخيرة اندلع قتال طائفي بين البوذيين ومسلمي الروهنغيا قتل خلالها نحو 650 من الروهنغيا، بينما اعتبر 1200 من المفقودين، وتشرد أكثر من 80 ألفاً، دون أن يحرك الجيش ساكنا أو كان عاملا مساعدا في تلك الانتهاكات من خلال الاعتقالات الجماعية واستخدام العنف، إذ إن الحكومة البورمية تعتبر الروهنغيا جماعات عرقية لا تستحق الجنسية الميانمارية، وإنها قدمت من بنغلاديش العام 1982، مع أنهم أصحاب أرض منذ القدم.
المجتمع الدولي لم يحرك ساكنا؛ إنما اكتفى بإبداء القلق وانتقادات موجهة لحكومة ميانمار، وهي ماضية فيما تنوي به من اضطهاد تلك الأقلية للتخلص منها، في ضوء صمت دولي لا تتحرك قواه إلا ضمن مصالح وتبادل منافع. وتبقى مصير الأقوام المكروهة والمنبوذة رهينة مصيرها المحتوم، تخضع للخوف تارة والابتزاز تارة أخرى.
الروهنغيا ليسوا وحدهم في هذه الأرض إنما يشاركهم في الهّم ذاته أقوام آخرون في هذا العالم المتسع الأطراف، قوم كتب عليهم القدر أن يعيشوا في أوطانهم أقلية مستضعفة يتعرضون بين الفينة والأخرى إلى شبح الفناء، دون أن يهتز الى العالم جفن، ودون أن يفتح فاه، وتمضي أعوام النسيان، ليكتب التاريخ في صفحاته مذابحهم، لتسأل الأرواح فيها «بأي ذنب قتلت»؟