وكالة أنباء أراكان ANA | مصر العربية
بعد فترة طويلة من الاستنكار للصمت الأممي على ما يتعرض له مسلمو الروهنغيا في ميانمار “بورما”، وافق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أمس الجمعة، على إرسال بعثة تقصي حقائق، للتحقيق في انتهاكات بحق أقلية الروهنغيا، على يد قوات الأمن في ولاية أركان بميانمار، لتبدأ رحلة الكشف عن المعاناة التي عاشتها الأقلية من قتل واغتصاب جماعي وتعذيب.
واعتمد مجلس حقوق الإنسان القرار دون تصويت، وقد طرحه الاتحاد الأوروبي ودعمته دول منها الولايات المتحدة، ودعا لضمان المحاسبة الكاملة للجناة وتحقيق العدل للضحايا.
وذكر تقرير لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، مطلع فبراير الماضي أن “قوات الأمن في ميانمار ترتكب جرائم قتل واغتصاب جماعي بحق مسلمي الروهنغيا وتحرق قراهم منذ أكتوبر الماضي في حملة من المرجح جدا أن تصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية وربما التطهير العرقي”.
وعن دور بعثة الأمم المتحدة في ميانمار، قال الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي العام وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن قرار المجلس لن يصدر إلا بعد أن توثق بما لم يدع مجالا للشك وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان منذ أكثر من ثلاثة أعوام بحق مسلمي الروهنغيا في ميانمار، مشددا على أن اللجنة ستحقق بنفسها عن قرب.
ويضيف لـ “مصر العربية”: “بالرغم من أن القرارات الصادرة عن المجلس غير ملزمة للدول، وإذا كان القرار الذي صدر أمس بتشكيل لجنة تقصي الحقائق ربما لا يتمتع بالإلزامية الجبرية، إلا أن ذلك لا ينفي قيمتها القانونية والسياسية والأدبية من حيث تسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمية التي ترقى لجرائم ضد الانسانية بل وإلى جريمة التطهير العرقي”.
قرار غير مسبوق
ويجزم سلامة بأن النهج وسلوك السلطات الميانمارية سيختلف تماما تجاه مسلمي الروهنغيا بعد صدور قرار تشكيل اللجنة المهم وغير المسبوق من ذلك المجلس.
ووفق أستاذ القانون الدولي يعد مجلس حقوق الإنسان لمنظمة اﻷمم المتحدة في جنيف أحد أهم الآليات الدولية لمراقبة ومتابعة حالة حقوق الإنسان للدول أعضاء الأمم المتحدة سواء أثناء السلم أو النزاعات المسلحة، وسبق للمجلس أن أرسل لجنة لتقصي الحقائق في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة أثناء حملة الرصاص المصبوب في ديسمبر 2008 حتى يناير 2009.
ميانمار ترفض
ورفضت ميانمار، اليوم السبت، قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إرسال لجنة تقصي حقائق عاجلة إلى إقليم “أراكان”، غربي ميانمار.
وقالت الخارجية الميانمارية في بيان إن إرسال بعثة تقصي حقائق دولية في هذا الوقت، سيتسبب في تعقيد القضية أكثر من حلها.
دور البعثة
وعن دور البعثة أوضح السفير أحمد فتحي أبو الخير، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنها معنية بطرح الأسئلة والاستفسارات وتقصي الحقائق وتقدم بها تقرير للجنة حقوق الانسان، ومن ثم يطرح للمناقشة والاستماع، ليتمخض عنه قرارات حسب ما انتهى إليه تقرير البعثة.
وعن رفض ميانمار دخول البعثة الأممية قال أبو الخير لـ “مصر العربية”: “ستكون هناك إدانة من جانب مجلس حقوق الإنسان لعدم استجابة الدولة بالقرار الأممي، ومن ثم إعادة تقديم مشروع القرار للمجلس الذي سيقوم بدوره بتشكيل لجنة أخرى لتقصي الحقائق”.
الأكثر اضطهادا بالعالم
ويعيش نحو مليون من مسلمي الروهنغيا في مخيمات بإقليم أراكان، بعد أن حُرموا من حق المواطنة، بموجب قانون أقرته ميانمار عام 19822؛ إذ تعتبرهم الحكومة مهاجرين غير شرعيين من بنغلاديش، بينما تصنفهم الأمم المتحدة الأقلية الدينية الأكثر اضطهاداً في العالم.
ويعد الإقليم من أكثر ولايات ميانمار فقراً، ويشهد منذ عام 2012 اعتداءات على المسلمين، ما تسبب في مقتل المئات منهم، وتشريد أكثر من 100 ألف شخص.
وأعلن المجلس الأوروبي للروهنغيا (منظمة حقوقية)، تعرض 400 امرأة على الأقل، من مسلمي الروهنغيا في ولاية أركان الميانمارية، للاغتصاب بشكل ممنهج منذ 99 أكتوبر الماضي.
50 ألفا يفرون
فر نحو 50 ألفا من مسلمي الروهنغيا إلى بنغلاديش من ميانمار هربا من حملة للجيش ضدهم.
واستدعت وزارة خارجية بنغلاديش سفير ميانمار للإعراب عن القلق العميق إزاء التدفق المستمر لعشرات الآلاف من أقلية الروهنغيا المسلمة العرقية التي لا دولة لها، بحسب شبكة إذاعة “BBC” .
وتقع ولاية أراكان على الحدود مع بنغلاديش، وهي موطن أقلية الروهنغيا المسلمة التي تتعرض للاضطهاد من قبل الأغلبية البوذية في ميانمار بحسب الأمم المتحدة.
لا وطن لهم
طلبت دكا أيضا بإعادة كل مواطني ميانمار الذين يعيشون بصورة غير شرعية في بنغلاديش ذات الأغلبية المسلمة، إلى بلادهم، ومن بينهم 300 ألف من الروهنغيا.
ويعيش معظم الفارين في مناطق عشوائية ومخيمات رسمية للاجئين وفي قرى منطقة المنتجعات في بنغلاديش.
وتتعرض حكومة بنغلاديش لضغوط لفتح حدودها للاجئين الفارين في أزمة وُصفت بأنها تطهير عرقي للروهنغيا، ولكن بنغلاديش شددت الحراسة على المعابر الحدودية ونشرت سفن حرس الحدود للحيلولة دون وصول لاجئين جدد.
وفي الشهور الثلاثة الأخيرة، منع خفر السواحل في بنجلاديش مئات القوارب التي تغص بآلاف اللاجئين من نساء وأطفال الروهنغيا من دخول أراضيها.