بقلم: وليد صبري
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
في خضم الأزمات الإقليمية والدولية، يتناسى المجتمع الدولي بوجه عام والمسلمون بوجه خاص مأساة أقلية الروهنغيا المسلمة المضطهدة والمحرومة من الجنسية في ميانمار. مأساة مسلمي الروهنغيا لا تقل أهمية وشأناً عن مأساة اضطهاد المسلمين في دول أخرى حول العالم، فهم يذوقون مرارة الظلم والاضطهاد على يد السلطات، ويقعون بين مطرقة جيش ميانمار، وسندان القوميين البوذيين، لكن المأساة الحقيقية في أنه لا يوجد حتى الآن من يدافع عنهم ويساندهم ويدعمهم، وهم الأقلية الدينية الأكثر اضطهاداً وظلماً حول العالم بشهادة الأمم المتحدة.
يعيش أبناء أقلية الروهنغيا في ميانمار وسط ظروف إنسانية صعبة وقاسية ويتعرضون لأقسى درجات العنف والتمييز والاضطهاد والظلم والابتزاز والتضييق عليهم في التعليم وفي الخدمات الاجتماعية العامة ويعانون من صعوبة حرية التنقل والخضوع لقواعد زواج ظالمة وانتزاع أراضيهم والحرمان من الحصول على الجنسية الميانمارية ويصل الأمر إلى حد التعذيب والقتل سواء على يد جيش ميانمار أو على يد القوميين البوذيين، فقط لأنهم مسلمون ومتمسكون بديانتهم، وهو ما حدا بالأمم المتحدة إلى اعتبار الروهنغيا الأقلية الأكثر تعرضاً للاضطهاد والظلم في العالم.
في عام 2012، شن البوذيون عمليات عنف انتقامية ضد مسلمي الروهنغيا، تحت حراسة وحماية جيش ميانمار، ما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد عشرات الآلاف، ما دفع الآلاف من المسلمين إلى اللجوء والنزوح هرباً من البطش والظلم والقتل إلى كل من بنغلادش وماليزيا وإندونيسيا لكن دون جدوى، حيث لقي المئات حتفهم خلال عمليات النزوح بحراً.
ورغم أن المسلمين في ميانمار يشكلون نحو 4.3 % فقط من إجمالي عدد السكان، البالغ تعدادهم نحو 51.5 مليوناً، بحسب إحصاء رسمي لعام 2014، إلا أنهم يواجهون عمليات قتل وترويع. وينحدر أغلب المسلمين في البلاد من أقلية الروهنغيا، التي يتركز وجودها بإقليم أراكان، المعروف حالياً باسم ولاية أراكان، حيث يعد أكثر أقاليم ميانمار فقراً، شمال غرب البلاد.
وترفض حكومة ميانمار رفضاً قاطعاً منح مسلمي الروهنغيا الجنسية الميانمارية، حيث ينص القانون الميانماري حول الجنسية الصادر في 1982 على أنه وحدها المجموعات العرقية التي تثبت وجودها على الأراضي الميانمارية قبل 1823 – قبل الحرب الأولى الإنجليزية الميانمارية التي ادت إلى الاستعمار – يمكنها الحصول على الجنسية الميانمارية، ولذلك تتخذ الحكومة هذا الأمر ذريعة لحرمان الروهنغيا من الحصول على الجنسية، لكن ممثلي الروهنغيا يؤكدون أنهم كانوا في ميانمار قبل هذا التاريخ بكثير.
وقد استبشر مراقبون ومحللون خيراً بتولي زعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي الملقبة بـ «أيقونة الديمقراطية»، مقاليد السلطة في ميانمار، لكنها تعرضت لانتقادات دولية حادة نتيجة فشلها في إدارة ملف مسلمي الروهنغيا وعدم قدرتها على حماية تلك الأقلية الدينية، وإنكارها وقوع عمليات تعذيب وقتل ضد تلك الأقلية، إضافة إلى أن التوتر والعنف قد شهد زيادة ملحوظة بين الطوائف الدينية في ميانمار منذ 2011 مع حل المجلس العسكري الذي حكم ميانمار لنحو نصف قرن.
ورغم ما يمر به مسلمو الروهنغيا من عنف واضطهاد وتمييز وترويع وتعذيب وقتل إلا أنهم لم يلجؤوا إلى العنف، وفي الوقت ذاته، تمثل دعوة اللجنة الدولية التي يترأسها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان، ميانمار، إلى إلغاء القيود على منح الجنسية لأقلية الروهنغيا المسلمة وتخفيف تقييد حركتها، بارقة أمل في ظل تعنت حكومة أونغ سان سو تشي. وقد حذرت اللجنة الدولية برئاسة عنان من مخاطر تحول الروهنغيا إلى العنف والتطرف، خاصة في مواجهة ما تقوم به حركة الرهبان البوذيين القوميين في السنوات الأخيرة من تأجيج الكراهية ضد الأقلية المسلمة وسط مزاعم بأن الروهنغيا المسلمين يشكلون تهديداً لميانمار البلد البوذي بنسبة 90 %!
*وقفة:
تجاهل المجتمع الدولي لاستغاثات مسلمي الروهنغيا وما يتعرضون له من قمع وتعذيب وقتل على يد البوذيين وجيش ميانمار سيؤدي حتماً إلى مواجهة الاضطهاد بالعنف، وما ظهور «جيش أراكان لإنقاذ الروهنغيا» في أكتوبر الماضي، إلا دليل على أن كيل مسلمي الروهنغيا قد طفح !!