بقلم: عبد الحق الأركاني
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
عندما حلّ الصبحُ الدامي استيقظت تحت حطام بيتي وحولي أرمدة تخلّفت من احتراق كل شيء من قريتي, مخضب بدماء لا أعرف فصائلها , فأقبلت أدبُّ بين الحطام وبين ستار أدخنة متصاعدة, وبينهما جثث مليئة كأنها قطيع أضحية العيد, بل هي أضحية البوذيين بمسلمي الروهنجيا, فهرعت أنشد أهلي حتى وقفت على أشلاء أبويّ ورفات إخوتي وقفة مؤبِّن أُرتِجَ عليّ وانعقد لساني فجعاً وحزناً, وانصبت دموعي معبرة عن مواجعي, آه .. يا أهلاه! دونكم كيف تطيب الحياة؟, وقد تلاشى رحيقها بعد فقدكم وأنا كبرعوم الزهر يجهل من أين تهب عليه الرياح .
تحسست بيديّ الصغيرتين جثتي أبويّ لعلّي أجد ما يوقظ أملي في الحياة, فشعرت كأن صرخة تَنْبَجِسُ انْبِجاس الماء من خلايا قلب منزوع, وتتموج مسامعي ليوحى إليّ رسائل للعالم النائم نومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب شيء إليه .
انصرفت من هذا المسرح الفظيع الذي ارتكب فيه البوذيون أبشع الجرائم في حق المسلمين ودينهم, من قتل وحرق واغتصاب واضطهاد وكل معاني الظلم والاستبداد, بسيوف الرهبان وأسلحة الحكومة الفاشية وجبروت الموغ .
حتى جلست أمام منظر أشبه بأهوال القيامة, ترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن بطش البوذيين فظيع؛ حفاة, وعراة, قتلى, وجرحى, وكم من ذوات الحمل تضع حملها في الطريق العام وعلى مرأى الأنام, بكل معاني البؤس والأسى .
جلست ساكناً مصدوماً متنهداً, ولو لامس أجيج تنهداتي أشجار قريتي لتحركت وقاومت بأغصانها من أجلي , وهدمت بجذوعها جدران الظلم على رؤوس البوذيين, آه .. لو يعلم العالم كم تحرق دموعي خدي وتؤلم عينيّ, في مسائي أفرش الأرض وألتحف السماء أكاد أتجمد بالبرد المؤلم, وفي الصباح أبحث عما يرتوي ظمئي وما يسد رمقي, هذا هو حالي, وما يحدث لغيري من الآلاف يفوق وصف الشعراء وبلاغة الأدباء,.. ولكن لا أحد يبالي بما يجري في أركان ولا حياة لمن ينادي, فإلى الله أشتكي ومنه العون أرتجي.