وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع مصورة، تظهر معاناة عدد من مسلمي “الروهنغيا” خلال رحلة فرارهم إلى بنغلاديش، التي استغرقت 9 أيام، هربًا من ممارسات الجيش الميانماري والميليشيات البوذية المتطرفة.
وتظهر المقاطع تمكن النازحين من تناول الطعام لأول مرة منذ 9 أيام، وأفاد بعضهم بأنهم كانوا يأكلون أوراق الأشجار والأعشاب في طريقهم، وفقدوا اثنين من صغارهم، وسط مخاطر جمة، على طول الطريق من إقليم أراكان، غربي ميانمار، إلى بنغلاديش.
وناشد النازحون المسلمون السلطات البنغالية تقديم المساعدات والسماح لهم بعبور الحدود، وأن تنقذهم من الاضطهاد والظلم الذي تتعرض له أقليتهم منذ أسابيع.
ومنذ 25 أغسطس الماضي، يرتكب جيش ميانمار إبادة جماعية بحق المسلمين الروهنغيا في إقليم أراكان (راخين)، أسفرت عن مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين، حسب ناشطين أراكانيين.
وتقول “عارفة بيغوم “والدة طفل من الروهنغيا، إنها لا تجد طعامًا كافيًا لنفسها يساعدها على إرضاع طفلها الذي لا يكف عن البكاء بسبب الجوع، منذ وصولها إلى معسكر كوكس بازار للاجئين في بنغلاديش قبل ثلاثة أيام.
وأوضح كريستوف بوليراك المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، أن الأطفال يشكلون 60% لاجئي الروهنغيا الفارين من العنف في ميانمار والذين وصل عددهم إلى 400 ألف حتى الآن.
وأشار إلى أنه لم يتم توفير كل الاحتياجات الأساسية بالنسبة لهؤلاء الأطفال، ومنها التغذية والحماية والأمن.
وبحسب منظمة “يونيسيف”: الأمراض تهاجم ربع مليون طفل مسلم من الروهنغيا بمخيمات بنغلاديش
وقالت يونيسيف، إن نحو 240 ألف طفل، أي ما يصل إلى 60% من لاجئي الروهنغيا الفارين من العنف في ميانمار، يعيشون في أوضاع بائسة داخل المخيمات في بنغلاديش مما يثير خطر تفشي الأمراض فيما بينهم.
وأكدت اليونيسيف، أن من بينهم 36 ألفا تقل أعمارهم عن سنة واحدة و92 ألفا تقل أعمارهم عن خمس سنوات، معرضون لتفشي الأمراض بينهم كما أن هناك أيضا نحو 52 ألف امرأة حبلى ومرضعة بين اللاجئين.
وأضافت اليونيسيف أنه بينما يعيش أغلبية الأطفال مع أُسرهم فإن هناك ما يزيد على 1100 طفل بلا مرافقين أو فصلوا عن أهلهم حتى الأسبوع الماضي.
“الروهنغيا.. روايات حية من المأساة”
أقام اللاجئون مخيما من خيام سوداء تالفة، عند الحدود البورمية البنغلاديشية يتطلعون إلى يوم قريب تتقلب فيها الأبصار ناحيتهم. مساعدات عاجلة وصلت من أستراليا، حملوا أكياسا من دقيق على أكتافهم الغضة لتفادي الجوع بعد أن نأى عنهم من تكرشت بطونهم.
ويعيش أطفال الروهنغيا بين البعوض والناموس والأتربة والغبار وبين مياه الصرف الصحي.
وتقول أم لأطفال صغار: “لن أستطيع التحمل أكثر، لاقينا صعوبات جمة في ميانمار، قطعنا وتجاوزنا القناة المائية والنهر الحدودي، والجبال، ومشينا خمسة أيام حتى وصلنا الى هنا… إلى بنغلاديش”.
وتقول أخرى: “نحن في حالة بؤس وحرمان، الأطفال لا يستطيعون النوم في المخيم، هم مرضى، لا أستطيع أن أعطيهم أي دواء، لا نملك أي نقود، لا نستطيع الذهاب إلى أي مكان لكسب المال، إن حصلنا على شيء من المساعدات، عندها فقط أستطيع إطعام أطفالي”.
منظمة هيومن رايتس ووتش نشرت صورا أظهرت اثنتين وستين قرية للمسلمين الروهنغيا أحرقت بالكامل على يدي جيش ميانمار وبموافقة رئيسة حكومتها أونغ سان سوتشي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام.
في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم هذه الأيام إلى معاناة لاجئي الروهنغيا بدولة بنغلاديش والذين هربوا من الاضطهاد والقتل في إقليم أراكان غربي ميانمار، فإن هناك مئات الآلاف منهم هربوا إلى باكستان خوفا من المصير ذاته ولكن قبل عشرات السنين.
وًأوضح كمال حسين، وهو روهنغي مقيم في كراتشي وصاحب متجر صغير، أنه فقد الكثير من أقاربه خلال هجمات جيش ميانمار أعوام 1978، و1982، و1998.
وأعرب عن خشيته على حياة أقاربه المقيمين في أراكان، مضيفا: “فقدنا جميعا اتصالنا معهم، لا نعرف ما إن كانوا على قيد الحياة أم فقدوا حياتهم”.
أما الطفلة مريم (12 عاما)، فقالت: “لم نتمكن من التواصل مع أقاربي في أراكان منذ عدة أسابيع، آخر مرة تحدثنا معهم في 24 أغسطس الماضي”.
من جانبه، أوضح نور حسين أراكاني، رئيس جمعية “منتدى التضامن الروهنغي” في كراتشي، أن “أكثر من 100 ألف شخص لقوا مصرعهم جراء هجمات جيش ميانمار في 1942”.
وأشار إلى أن باكستان (رغم أنها ليست دولة مجاورة لميانمار) أصبحت ملجأ الكثير من الروهنغيا منذ 1970 لغاية 1980، حيث وصولوا إليها بعد رحلة شاقة.
أما ساجد عثماني، رئيس جميعة “ازدهار بورما” التي تنشط في مناطق الروهنغيا بكراتشي، فقال: “واحد من بين أربع روهنغيين في كراتشي يعيش حياة جيدة، غير أن حياتهم تعد أفضل من المقيمين في أراكان، وبعض الأسر لديها أبناء يعملون في دول الخليج وأوروبا”.
كما تعتبر معاناة أمهات أطفال “الروهنغيا” انعكاسا واضحا لما يكابده مسلمو ميانمار من آثار اللجوء القاسية بمخيمات بنغلاديش.
إحدى أمهات أولئك الأطفال تقول “إنها لا تجد طعاما كافيا لنفسها يساعدها على إرضاع طفلها الذي لا يكف عن البكاء بسبب الجوع منذ وصولها إلى معسكر “كوكس بازار” للاجئين في بنغلاديش قبل ثلاثة أيام.
وأوضح كريستوف بوليراك، المتحدث باسم المنظمة “ إن الأطفال يشكلون ما يصل إلى 60% من لاجئي الروهنغيا الفارين من العنف في ميانمار والذين وصل عددهم إلى 400 ألف حتى الآن”.
وأشار إلى أنه لم يتم توفير كل الاحتياجات الأساسية بالنسبة لهؤلاء الأطفال، ومنها التغذية والحماية والأمن.
وإلى ذلك، لا تبدو الصورة مكتملة في بنغلاديش، التي تفرض حكومتها قيودا على مسلمي الروهنغيا الفارين من المذابح في ميانمار، فبحسب ما ذكرت شبكة تليفزيون هيئة الإذاعة البريطانية، أن المتحدث باسم الشرطة في بنغلاديش أعلن أن الروهنغيا سوف يتعين عليهم البقاء في الأماكن المخصصة لهم من جانب الحكومة ولن يسمح لهم بمغادرتها.
ويرى المراقبون أن الغرض من تطبيق هذه القيود يتمثل في رغبة الحكومة في إبقاء الروهنغيا تحت عيون الشرطة وعدم السماح لهم بالاختفاء بين سكان بنغلاديش أملا في عودتهم مرة أخرى إلى بلاده في المستقبل أو ترحيلهم الى دولة ثالثة.
مشهد آخر تناقلته وكالات الانباء هذا الأسبوع، فبعدما ساروا أياما وليال في الأدغال، وصل أفراد هذه العائلة المكونة من الأبوين وستة من أطفالهم إلى الحدود مع بنغلاديش. سليمة الأم حامل في شهرها الثامن ورغم وضعها الصحي إلا أنها تشجعت وقطعت مئات الكيلومترات من أجل أن تفر هي وأبناؤها من شبح الموت والتعذيب الذي يعيشه الروهنغيا على يد البوذيين في ميانمار.
فرت العائلة من موت محقق بعدما أباد الجيش الميانماري كل القرية التي كانوا يقطنون فيها ثم حرقوا كل المنازل.
شهادات مؤلمة للاجئين من الروهنغيا حالفهم الحظ في الفرار من ميانمار
إلى ذلك، يقول عثمان جوني (55 عاما) بعد أن نزل من قارب مع أولاده السبعة وزوجته ”جاء الجيش وأحرق منازلنا وقتل قومنا. كانت هناك عصابة من سكان أراكان أيضا“.
وتحدث الكثير من اللاجئين عن انضمام مدنيين من البوذيين العرقيين في أراكان إلى جيش ميانمار في هجماته. وتنفي ميانمار ذلك وتلقي مسؤولية العنف على المتمردين من المسلمين.
وقالت نورهابا (23 عاما)، وهي من قرية قرب بلدة منغدو، في حسرة: ”لم يتبق شيء.
مأساة أخرى وقعت عندما لقي لاجئان من الروهنغيا كانا نائمين تحت شوادر بلاستيكية مصرعهما الاثنين الماضي في هجوم لفيلة في جنوب بنغلاديش حيث يسجل تدفق كبير للاجئين، بحسب مصادر من الشرطة.
وقال كمال حسين أحد المسؤولين: “كانا ينامان تحت شوادر بلاستيكية، فداست عليهما فيل برية حتى الموت، وهما من الكبار في السن”.