وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
الكثير من الناس حياتهم تتدمر بفعل الهجرة الإجبارية، كما يحدث في العديد من بلدان العالم حينما تندلع حرب أهلية كسوريا أو اليمن، أو تطهير عرقي كميانمار، ولكن على جانب آخر، هناك من تكون له تلك النوائب فوائد، حيث يجد في موطنه الجديد، حياة لم يكن ليراها في مسكنه الأول.
ورغم قسوة البعد عن الوطن، إلا أن أفق الحياة الممتد، لتلك البذرة، ونسلها، يكون أكبر عزاء، ورغم كون ترك الأهل والأقارب يعانون يكون أكثر ألمًا من أن يتألم الفارّ نفسهِ، فإن عزاءه يكون في جيل أتى من بعده ليكون هو له أبًا وعم ويومًا جد.
طافت صحيفة «نيويورك تايمز» في واحدة من تلك القصص التي هي رغم جانبها السيء وهو الفرار، ففيها أمل، حيث دخلت لعالم الروهنغيا في مدينة شيكاغو الأمريكية، وقالت الصحيفة إن نحو 400 أسرة قد استقرت بشكل كامل في حديقة روجرز في شيكاغو، وتعتبر تلك المنطقة واحدة من أكبر تجمعات الروهنغيا.
يقول المحرر علي لابيتينا، إنه أراد أن يصور كيف أن هؤلاء تمكنوا من السعي لاستيعاب الحياة في أمريكا، بينما بقوا محافظين على عاداتهم الأصلية، وإسلامهم، ويشير إلى أنه عندما زار حديقة «روجرز» أخبره الروهنغيون أن فكرة قربهم من بعض وتكوينهم مجتمع مع المهاجرين الآخرين ساعدهم على إعادة بناء حيواتهم من جديد.
يتابع التقرير أن الكثير من العائلات قد تركت ورائها آخرون، من بينهم عبد الصمد، صاحب الخمسة وعشرون عامًا، والذي ذهب إلى أمريكا تاركًا والدته في ميانمار، تحدث المحرر له، وأجاب: «أمي حدثتني اليوم، قالت لي أنا افتقدك بني، أتمنى يومًا واحدًا نجتمع فيه سويًا مرة أخرى».
يشير التقرير إلى أن مركز الروهنغيا الثقافي في شيكاغو، ومسجد «جاميا»، ومحل البقالة «شوي ميانمار» أصبحوا محاور حي جديد، حيث يلتقي الناس ويتسوقون ويحصلون على الخدمات الاجتماعية، المباني السكنية في حديقة روجرز المليئة بأجيال من العائلات أو الأصدقاء الذين يعيشون معًا، وقد قام الشباب ببناء مكان لكرة القدم وكرة السلة في ملعب وارن بارك.
وتابع، مثل الكثير من اللاجئين، الروهنغيا قد اكتشفوا أن الحصول على عمل ليس بالأمر السهل، والقليلون منهم فقط من تمكنوا من العمل كمترجمين في وكالة توطين اللاجئين، وبعضهم يعمل لوقت متأخر من الليل في المطارات أو مصانع الدواجن، وبعضهم يبيع البالونات في الشوارع.
ولكن بين كل ذلك، بعض الأشخاص أخبروا «نيويورك تايمز» أن فرصة إرسال أطفالهم للمدارس، والحصول على رعاية طبية، وتعليم أطفالهم القراءة تجعل تلك التحديات تستحق الجهد المبذول فيها، فهم يشعرون للمرة الأولى في حياتهم أنهم آمنون.
واستعرض التقرير حكاية عبد الصمد، والذي تم توطينه في الولايات المتحدة الأمريكية قبل عامين مع والده بعد الفرار من ميانمار إلى ماليزيا، بينما ترك خلفة أمه وأشقائه، يقول عبدالصمد: «لقد رحلت عبر الجبال والغابات، وتحركنا بقارب لمدة شهر من ميانمار إلى ماليزيا، بقيت في تايلاند لمدة أسبوع، رأيت أناسًا يموتون في القارب، أمضيت أسبوعا بالكامل بلا طعام».
يعيش الآن عبدالصمد، برفقة زوجته «بي بي» 18 عامًا، بالقرب من بحيرة ميتشجين، بعد أن التقوا في أمريكا في العام 2016.
واستمر التقرير في عرض روايات عن حياة آخرون، تمكنوا من العيش، وتمكنوا من الاستمرار في تقاليدهم، وطرقهم الخاصة في الزواج، ويشعر بعضهم بالأمل لأن أبناءهم سيكونون أول أفراد في عائلتهم يحصلون على مواطنة، بفضل ميلادهم في أمريكا، بينما يفكر آخرون في اليوم الذي يعودون فيه لبلادهم، ويخبرون ذويهم أنهم أصبحوا الآن أمريكيين.