بقلم: خالد مصطفى
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
بعد الانتهاكات الواسعة التي تعرض لها مسلمو الروهنغيا طوال السنوات الماضية والتي زادت وتيرتها في الأشهر الأخيرة, من قتل وتعذيب وتهجير في ميانمار, بدأت حلقة جديدة من الانتهاكات ضدهم وهي التلاعب بقضيتهم ومحاولة إجهاض حقوقهم أو التنازل عنها من قبل من لا يملكون الحق في ذلك..
لقد تكلمنا في مقال سابق عن انحياز الولايات المتحدة وبعض العاملين في الأمم المتحدة لحكومة ميانمار وغض الطرف عن جرائمها تحت ذرائع مختلفة مما سمح لها بالاستمرار في غيها حتى اللحظة رغم الوثائق الدامغة التي تؤكد ارتكابها لجرائم ضد الإنسانية..
ولكن الآن هناك مخاوف أخرى لا تقل خطورة أصبحت تحيط بقضية الروهنغيا اتضحت معالمها خلال الأيام الأخيرة, منها ما تردد عن مبادرة صينية لحل الأزمة وإجراء بكين لاتصالات بهذا الشأن مع بنغلادش وحكومة ميانمار وهو أمر يثير الريبة لأن موقف بكين فيه انحياز واضح ضد مسلمي الروهنغيا فقد أعلن مسؤول في الحزب الشيوعي الحاكم في الصين في وقت سابق، أن بكين تدعم حكومة ميانمار في "حماية السلام والاستقرار" ولن تنضم إلى أي دول أخرى في التنديد بما يعتبره كثيرون "حملة تطهير عرقي" ضد مسلمي الروهنغيا.
وقال قوه يى تشو، المسؤول بالقسم الدولي في الحزب، للصحفيين، إن بكين تدين ما أسماه بـ "الأعمال العنيفة والإرهابية"، في إشارة لما تزعمه حكومة ميانمار من حدوث هجمات لمسلحين من الروهنغيا ضد قوات الأمن...وأكد المسؤول الصيني في تصريحاته بوضوح على قوه ما وصفها بالعلاقات الودية بين الشيوعيين الصينيين والأحزاب السياسية في ميانمار...
مما سبق يتضح أن أي مبادرات من هذه الناحية لن تكون حيادية ولن تكون في صالح مسلمي الروهنغيا..من المخاوف التي تدور أيضا في هذا الاتجاه ما قيل عن اتفاق بين بنغلادش وميانمار بشأن مسألة عودة لاجئي الروهنغيا، الفارين من أعمال العنف في إقليم "أراكان"، من بنغلادش إلى بلادهم...وبحسب ما أفادت به وسائل إعلام محلية بنغالية، فإن زعيمة ميانمار، أونغ سان سوتشي، ووزير الخارجية البنغالي، حسن محمود علي، أجريا لقاءً استغرق 45 دقيقة، في ميانمار وعقب اللقاء تم الإعلان عن توقيع وزير الخارجية البغالي مع المسؤول بحكومة ميانمار "كياو تينت سوي" على اتفاق بعنوان "التسوية بشأن عودة اللاجئين من أراكان"...
ولم تشر وسائل الإعلام إلى تفاصيل الاتفاق وتاريخ عودة الروهنغيا إلى مناطقهم وهو أمر مثير للريبة كيف قضية بهذا الحجم يتم فيها اتفاق مثل هذا في معزل عن الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية وممثلين عن الروهنغيا لضمان وقف الانتهاكات المستمرة بالفعل حتى الآن دون توقف..لقد تحفظت الأمم المتحدة على الاتفاق وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، إن الظروف في ولاية راخين شمالي ميانمار “ليست ملائمة بما يسمح بعودة آمنة ومستمرة” لأكثر من 600 ألف من لاجئي الروهنغيا، الذين فرّوا من العنف إلى بنغلادش منذ أواخر شهر أغسطس الماضي...وقالت المفوضية، إنها لم تطّلع بعد على اتفاق عودة اللاجئين الذي وقّعه البلدان، لكنها أكدت على أن أي رجوع للاجئين المنتمين للجماعة التي عانت صدمة شديدة يجب أن يكون “آمنًا وطوعيًا”...
وقال المتحدث باسم المفوضية أدريان إدواردز في تصريح صحفي، إن “تطبيق المعايير الدولية ضروري ونحن مستعدون للمساعدة”...من جهتها, طالبت جماعات لحقوق الإنسان، بالسماح لوكالات دولية بمراقبة العودة المزمعة لمئات الآلاف من المسلمين الروهنغيا من بنغلادش إلى ديارهم في ميانمار، التي فرّوا منها في الشهور الثلاثة الماضية...
وقال مدير حقوق اللاجئين في هيومن رايتس ووتش، بيل فريليك، إن “على المجتمع الدولي توضيح أنه لا يمكن عودة اللاجئين دون وجود مراقبين دوليين لضمان الأمن ونهاية فكرة تسكين العائدين في مخيمات وإعادة الأرض وبناء المنازل والقرى المدمرة”...يبدو أن هناك جهات تريد مساعدة حكومة ميانمار لكي تفلت بفعلتها والنجاة من العقوبات التي تطالب بها العديد من المنظمات الدولية والحقوقية, وذلك عن طريق الإسراع في إيجاد حل مؤقت لا يضمن لمسلمي الروهنغيا حقوقهم كاملة ويضعهم مرة أخرى تحت أيدي المتطرفين البوذيين والجيش الميانماري..
وما يؤكد ذلك الغموض الذي يلف اتفاق العودة وعدم التصريح بأي تفاصيل بشأنه وما هي الضمانات التي ستكفل الأمن لمئات الآلاف من مسلمي الروهنغيا حال عودتهم إلى ميانمار..لا شك أن بنغلادش وهي دولة فقيرة تعاني بشدة جراء استقبال هذا العدد من اللاجئين على أراضيها مع قلة المساعدات المقدمة من الخارج وهو ما يجعلها معرضة للرضوخ لأي ضغوط لإيجاد حل سريع وغير مناسب لمسلمي الروهنغيا لذا ينبغي على الدول الإسلامية دعمها وعدم تركها وحيدة في ميدان التفاوض.