بقلم: حامد يوسف السيد هاشم الغربللي
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
تطرقنا في المقال السابق إلى وحشية جيش ميانمار ورجال أمنه، عندما هاجموا الروهنغيا بلا رحمة، فدمروا الأخضر واليابس. فتشردت وهربت مجاميع المسلمين المسالمين إلى بنغلادش، عابرين الأحراش والطرق الخطرة من دون غذاء، ولا غطاء يحميهم من الأمطار. بعد نزوحهم الشاق والمستمر طوال الأشهر الخمسة الماضية بأجسام مرهقة، فاقت أعدادهم مئات الألوف. ذكرْت أيضاً بعض ملاحظاتي الصحافية، حيث كنت حينها قريباً من الحدث الجلل. أشرت إلى استنكار وشجب جميع دول العالم وهيئاته المدنية وتصريحات الأمم المتحدة المستاءة مما اقترفه جيش ميانمار من خراب، بالإضافة إلى الحياة الصعبة والأمراض التي واجهت شعب الروهنغيا المُنْهك بملاجئهم المتواضعة في بنغلادش، إلا أن ذلك لمْ يغيّر من سياسة الحكومة الميانمارية ولا نظرتها تجاه هؤلاء الروهنغيين الغلابة. بل إنها لم تسمح لهم بالعودة إلى قراهم، حتى أن جيش ميانمار زرع الألغام على حدوده، كي لا يعود الروهنغيا إلى مساكنهم.
بما أن ما حدث للروهنغيا من أهوال أمام أعين العالم أجمع، أولاها عينا «سوتشي»، فلم تستطع السيطرة على الجيش الدكتاتوري، ولَم تستقل أيضاً، فهي إذاً لا تستحق الاحتفاظ بجائزة «السلام».
إنني اقترح على الهيئة المنظمة لهذه الجائزة العالمية أن تخفّف شروطها ذات الصِّلة، وتعتبر هذه سابقة لا علاقة لها بالسلام وتجرّد سوتشي من «الجائزة». فهناك العديد من الأبطال الوطنيين الميانمارين ممّن يستحقونها، مثلاً المناضل وبطل الغابات الميانمارية الماطرة، الذي كان بشبابه يحارب العسكر الميانماري في محاولة لقلب نظام الحكم العسكري الفاشي، عاش «مِنْ زاد أُو» بعد ذلك في المنفى عشرين سنة، حين درس وحصل على الدكتوراه. عاد إلى البلاد وقاد عملية السلام والتوافق من مركز السلام الميانماري بين الثوار العرقيين والحكومة الميانمارية. تكلّلت عدة عمليات تفاوضية سلمية بين الأطراف المتناحرة بالنجاح بفضل أدائه المميز.
هناك أيضاً سيدة روهنغية فاضلة تستحق تلك «الجائزة» وبجدارة. فهي قد سارت في مناطق وعرة وهي حامل، وواجهت عناء رحلة شاقة عسيرة ومرعبة، من كوخها الذي أحرقته نيران الحقد إلى وصولها بنغلادش مع الروهنغيين الهاربين بأرواحهم. قبل أيّام، وضعت هذه السيدة مولوداً أسمته محمداً في مساكن اللاجئين، قاست ولا تزال تقاسي وتصارع الظروف الإنسانية والنفسية والمعيشية القاسية من أجل بقائها وبقاء رضيعها.
الحل العالمي الإنساني في نظري لحل هذه الأزمة الإنسانية هو الذي تبنّته وطبّقته الأمم المتحدة في قضايا مشابهة. فاستناداً إلى قانون الأمم المتحدة، الذي يسمح للشعوب بحق تقرير المصير، انفصلت سنغافورة عن ماليزيا سنة ١٩٦٥، كما انفصلت تيمور الشرقية عن إندونيسيا سنة ١٩٩٩، وكذلك جنوب السودان عن السودان في عام ٢٠١١. أمّا آن الاوان لأن يُنظر بعين الشفقة لشعب الروهنغيا المسكين، الذي عانى الأمرّين من قبل الحكومات الميانمارية المتعاقبة، بأن يمنحوا حق تقرير مصيرهم برعاية الأمم المتحدة؟