بقلم: فتح العليم الفكي
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
القرار الذي اعتمده مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته السابعة والثلاثين بجنيف يوم الجمعة الماضية وطالب فيه حكومة ميانمار بالقضاء على التمييز المؤسسي والمنهجي ضد مسلمي الروهنغيا والأقليات الدينية والعرقية الأخرى في البلاد ومعالجة الأسباب الجذرية للتمييز والقضاء على حالات انعدام الجنسية ومراجعة قانون المواطنة لعام 1982، جاء مخيباً للآمال ولا يتناسب مع حجم الكارثة، وسيظل حبراً على ورق، ولن يردع جنرالات جيش ميانمار ويحملهم على تغيير سلوكهم الهمجي تجاه فئة من مواطنيهم.
ومنذ بروز أزمة الروهنغيا إلى السطح ظلت الأمم المتحدة ومنظماتها الحقوقية تتجنب وصف ما يجري في ميانمار ب«الإبادة الجماعية»، وبرأت في الأسبوع الأول من مارس/ آذار الجاري لجنة أممية لتقصي الحقائق «الجيش وقوات الأمن» من معظم الانتهاكات البشعة التي نقلتها وسائل الإعلام والقنوات الفضائية العالمية وشاهدها العالم بأسره، وأدت إلى تشريد أكثر من 700 ألف شخص من الروهنغيا.
بيد أنه على الرغم من تبرئة اللجنة الأممية لحكام ميانمار من تهمة الإبادة الجماعية، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد رعد بن الحسين إنه يشتبه في وجود «إبادة جماعية». وكانت قد سبقته في ذلك المحققة الأممية يانغي لي التي قالت إنها باتت أكثر اقتناعاً بأن هناك جرائم تم ارتكابها تحمل سمات الإبادة الجماعية، ودعت لمحاسبة المسؤولين عنها، كما دعت إلى محاسبة القيادات الحكومية التي لم تفعل شيئاً لوقف العنف وإنقاذ أرواح الآلاف.
ولعل الدلائل على أن ما يجري في ولاية أراكان غربي ميانمار يرقى لمستوى الإبادة الجماعية أكثر من أن تحصى، حيث رصدت منظمة العفو الدولية في تقرير لها صدر في أوائل الشهر الجاري قيام قوات الجيش ببناء قواعد عسكرية ومهابط لطائرات حربية على قرى للروهنغيا أحرقت وسويت بالأرض كما تمت إزالة المقابر الجماعية.
كما أن القناعة بأن ما تتعرض له أقلية الروهنيجا «إبادة جماعية» تعززت عند معظم الشعوب الحرة، وتبدى ذلك في التظاهرات التي ظلت تستقبل بها زعيمة ميانمار أونغ سان سوتشي في كل جولاتها الخارجية، والمطالبات بتقديمها للمحاكمة وكان آخرها التظاهرة الضخمة التي شهدتها مدينة سيدني الأسترالية الأسبوع الماضي أثناء مشاركتها في قمة قادة دول «أسيان» حيث قدم محامون في ملبورن طلباً لمحاكمتها بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
إن قرارات مجلس حقوق الإنسان بشأن أزمة الروهنغيا لا تزال بعيدة عن الواقع، بل تدفع للتشكيك بوجود تواطؤ مع الجناة ضد الضحايا، الأمر الذي يتطلب من دول العالم الإسلامي الضغط أكثر على المجتمع الدولي لجلب قادة ميانمار إلى المحكمة الجنائية الدولية.