بقلم: د. زياد الشامي
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
لا يبدو أن حال مأساة الروهنغيا الذي يتظاهر ما يسمى بــ "مجلس الأمن الدولي" بالعمل على حلها سيختلف عن سابقتها من مآسي ومحن المسلمين الكثيرة التي لم يزدها تدخل المجلس الأممي إلا سوءا وتدهورا , فسجل هذا المجلس حافل بالخداع والتآمر والكذب والتلاعب بمصير قضايا المسلمين المصيرية وعلى رأسها قضية القدس والمسجد الأقصى الذي ما زال أسير محاولات التهويد والتخريب على يد الصهيونية العالمية .
لم يكن تأخر انعقاد أول جلسة مفتوحة لمجلس الأمن لبحث مأساة مسلمي أراكان بعد شهر كامل من بداية أشرس حملة إبادة وتهجير يشنها جيش ميانمار والمليشيات البوذية المتطرفة ضد أقلية الروهنغيا إلا دليلا فاضحا على مدى تآمر المجلس على قضية الروهنغيا واستخفاف الدول الدائمة العضوية فيه بدماء المسلمين التي تراق دون اكتراث.
جميع جلسات مجلس الأمن المعدودة الخاصة ببحث قضية مسلمي الروهنغيا وتجاوزات وانتهاكات ومجازر حكومة ميانمار الأخيرة الجسيمة المثبتة والموثقة لم تفض إلى أي نتيجة تذكر واقتصرت على إرسال الوفود والبعثات والاطلاع على الأوضاع وتقييمها دون ممارسة أي ضغوط على حكومة ميانمار لإعادة أكثر من مليون لاجئ روهنغي باتوا خارج أراكان أو ضمان عدم انتهاك حقوق من تبقى من الروهنغيا في أراكان .
وضمن مسلسل التلاعب بقضية الروهنغيا ودوامة إرسال البعثات والوفود من مجلس الأمن للاطلاع على أوضاع الروهنغيا المأساوية المعروفة والوقوف على مطالبهم التي لا تتجاوز حدود الأمل في العودة إلى ديارهم وضمان عدم تعرضهم للاضطهاد والتنكيل ومنحهم حق المواطنة في بلدهم الأم وموطنهم التاريخي......وصل مندوبو الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي أمس السبت إلى مدينة “كوكس بازار” في بنغلادش ضمن جولة جديدة من جولات المماطلة والتلاعب بمصير مليون مسلم روهنغي تم تهجيرهم من ديارهم وحرق قراهم تحت سمع وبصر دول المنظمة الأممية .
محطات زيارة الوفد الأممي المؤلف من 15 مندوبا ستشمل عاصمة بنغلادش "داكا" للتباحث مع مسؤولي الحكومة ومن ثم "نايبيداو" عاصمة ميانمار حيث سيلتقي الوفد قادة سياسيين وعسكريين وأخيرا إقليم أراكان للوقوف على الأوضاع الميدانية هناك .
مسلمو أراكان المتواجدون في مخيمات اللجوء في بنغلادش أعربوا عن أملهم في مساعدة الوفد الأممي في الحصول على حق المواطنة في ميانمار واستعادة ممتلكاتهم في مناطقهم التي هُجروا منها .
رد وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يزور اليوم الأحد مخيمات لجوء الروهنغيا ببنغلادش اقتصر على الكلام الدبلوماسي المعهود وإطلاق الوعود والعهود بالعمل على حل أزمة أكثر من مليون لاجئ روهنغي والتأكيد على أن زيارتهم هي فرصة للوقوف على الأوضاع عن كثب !!
أحد أعضاء الوفد الأممي كان أكثر المعبرين عن حقيقة عمل الوفد ومهمته وسقف ما يمكن أن يقوم به حين قال : إنه وزملاءه من أعضاء الفريق لن يتجاهلوا الأزمة بعد زيارتهم، رغم أنه أشار إلى عدم توفر حلول بسيطة لها .
السفير الروسي في الأمم المتحدة "فاسيلي نيبينزيا" أضاف في مؤتمر صحفي عقده في مخيم كوتوبالونغ ببلدة كوكس بازار الساحلية : "إنه من الضروري جدًا أن نأتي ونقف على الأوضاع هنا في بنغلادش، وأيضًا في ميانمار. لكن ليس هناك حل سحري ولا عصا سحرية لحل كل هذا القضايا".
إذن فغاية ما في الأمر هو المجيء إلى مخيمات اللاجئين الروهنغيا ومنتهى هدف الوفد هو الاطلاع على مأساة الروهنغيا التي بات يعلمها القاسي والداني وتسجيل تحرك شكلي ظاهري لمجلس الأمن الذي لم يكن غايته وهدفه يوما حفظ الأمن والسلم الدوليين منذ ابتداعه واختراعه من قبل الدول الاستعمارية منتصف القرن الماضي .
أما مسألة حل مأساة مسلمي أراكان وإنصافهم وممارسة الضغوط اللازمة على ميانمار لإجبارها على إعادة اللاجئين الروهنغيا إلى قراهم وبيوتهم فمجلس الأمن ودوله الخمس دائمة العضوية لا تملك "عصا سحرية" لتحقيق ذلك !!
يبدو أن الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لا تستخدم العصا السحرية إلا في القضايا التي تتعلق بأطماعها في المنطقة - كما حدث في الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان - وكل ما من شأنه إلحاق الهزيمة بعدوهم المشترك المعلن وأتباعه الموحدين في كافة أرجاء العالم .