وكالة أنباء أراكان | الأهرام
بقلم | أسامة الألفي
كشفت كلمة الرئيس السيسي أمام قمة مكة المكرمة حقيقتين مهمتين، الأولى ثبات موقف مصر من قضية فلسطين، وهو التمسك بقرارات الشرعية الدولية بالعودة إلى حدود ما قبل 5 يونيو 1967م، مما يقطع الطريق على كل الشائعات، التي زعمت موافقة مصر على إقامة دولة فلسطين على جزء من أرض سيناء، وهو زعم تكرر كثيرًا كلما تداول الإعلام الغربي الصهيوني ما يسمى صفقة القرن.
الحقيقة الأخرى أن مصر رغم كل ظروفها الصعبة لم تنس أو تتجاهل مشكلات الأمة الإسلامية، إذ حملت الكلمة قلقًا وتحذيرًا مصريين من استمرار تردى أوضاع مسلمي الروهنغيا، الذين تمارس الأغلبية البوذية ضدهم منذ سنوات مجازر إرهاب وعنف، مما يستوجب قيام المجتمع الدولي بتحمل مسئولياته، لإيقاف هذه المجازر التي ترتكب بحق المسلمين، وتقود العالم إلى حلقة من التطرف والإرهاب.
إن ما يحدث مع مسلمي الروهنغيا من قتل وتصفية، يثبت أن المجتمع الدولي يتعامل بوجهين مع قضايا حقوق الإنسان، فحين تكون الجرائم ضد المسلمين تخرس الأصوات أو تتكلم هامسة، أما حين يرتكب بعض المنتسبين للإسلام جريمة ولو فردية، تصرخ وسائل الإعلام وجمعيات حقوق الإنسان محذرة من الإرهاب الإسلامي.
والجرائم التي تمارس ضد مسلمي ميانمار تندرج ضمن إطار جرائم الحرب، حيث أكد تقرير لمنظمة العفو الدولية أن الجيش البورمي ارتكب جرائم حرب جديدة، تضمنت قتلاً خارج نطاق القانون وتعذيبًا في عملياته ضد المسلمين، التي تعد امتدادًا لعمليات عسكرية سبق أن أطلقها الجيش ضد الروهنغيا في 2017م، ونجم عنها إجبار قرابة 740 ألف مسلم على الفرار إلى بنغلادش في ظروف صعبة، حيث حذرت المفوضية العليا لشئون اللاجئين من أن عدم توافر المياه، يزيد القلق بشأن معايير الصحة وإمكانات انتقال الأمراض بين اللاجئين.
ومن أدلة رعاية الحكومة البورمية لعمليات التطهير العرقي العنصرية ضد المسلمين، إفراجها عن 7 جنود أدينوا وحكم عليهم بالسجن 10 سنوات لقتلهم عشرة رجال وصبية من الروهنغيا، خلال حملة عسكرية عام 2017م، ولم يمضوا في السجن إلا اقل من عام من مدة حكمهم، بينما أمضى وا لون وتشاو سو أو الصحفيان برويترز ما يربو على 16 شهرًا خلف القضبان بتهمة إفشاء أسرار الدولة لكشفهما عمليات قتل المسلمين.
ومسلمو الروهنغيا كانت لهم أصلاً دولة خاصة بهم تدعى أراكان تضم 3 ملايين مسلم، ومن خلالهم بدأ الإسلام في عام 1784م ينتشر في جارتهم دولة ميانمار ذات الأغلبية البوذية، مما أثار حقَدَ البوذيين عليهم فحاربوهم وأمعنوا فيهم القتل وفعلوا بهم الأفاعيل، وغزوا أراكان وضموها إلى ميانمار بعد أن غيروا اسمها إلى ميانمار.
ومن يومها بدأت مأساة مسلمي أراكان، حيث أصبحوا أقلية وسط أغلبية بوذية يقدر عددها بـ 50 مليونًا، وأدى تمسكهم بهويتهم الإسلامية، وحرصهم على تكوين جمعيات تكفل دعاتهم ومساجدَهم، إلى حقد البورميين البوذيين عليهم، فصاروا يهاجمون قرى المسلمين ليرهبوهم ويخرجوهم من ديارهم.