وكالة أنباء أراكان ANA: ترجمة الوكالة
بقلم : نكولاس كريستوف
عبرنا جسرا من الخيزران فوق النهر، على جاموس، و عبر حقول الأرز المهجورة، قبل نقطة تفتيش للشرطة، خلف قرية صغيرة حيث تم تعذيب 28 طفلا مسلماً حتى الموت.
تدفق المزارعون للترحيب بنا من قريتين محاصرتين انعزلتا لمدة عامين عن العالم .
وضع رجل، وهو معلم يتحدث قليلا من الإنكليزية، رسالة مكتوبة بخط اليد في يدي. سألته بحيرة لمن كتب هذه الرسالة، فأوضح أنه كتبها على أمل أن يزور أحد من الغرباء المنطقة وينقل أخبار معاناة القرويين .
قال في الرسالة بلغة إنكليزية: " توفي كثير من الناس جراء جروح عنيفة ، كما أن شعبنا الروهنجي أصبح بلا مأوى. ليس لدينا منزل أو غذاء وأضحت المعيشة صعبة جدا. لقد تم إرسالنا الآن إلى السجن. "
القرويون من الروهنجيا، وهم أقلية مسلمة ذو بشرة داكنة ومكروهة جداً من قبل الغالبية البوذية في ميانمار. وعلى مدى عقود، اضطهدت ميانمار الروهنجيا و تركتهم بلا جنسية .
وخلال الأشهر القليلة الماضية زادت السلطات من الجرائم ضد الإنسانية - وحتى الآن كان رد الفعل العالمي يتسم باللامبالاة إلى حد كبير.
منذ اندلاع الاشتباكات العنيفة في عام 2012م، تم حجز الروهنجيا في معسكرات الاعتقال أو في قراهم ، ومنعوا من الوصول المباشر إلى الأسواق والمستشفيات أو الحصول على وظائف.
خلال هذا الربيع ، قامت السلطات بطرد منظمة أطباء بلا حدود ، التي تؤمن الرعاية الطبية للروهنجيا.
وقد أدت الهجمات العنيفة والمدبرة على مكاتب العديد من المنظمات الإنسانية إلى دفع عمال الإغاثة بعيدا .
وقد بدا هذا وكأنها دبرت عن قصد للتخلص من الشهود الأجانب على هذا التطهير العرقي.
أنا الآن في رحلة سنوية " يربحها أحد طلاب الجامعة " – وقد ربحتها أنا "نيكول سغانغا" من نوتردام هذا العام - في رحلة لكتابة التقارير في مدونة nytimes.com / ontheground ) ) .
أردنا الوصول إلى القرى النائية حيث يعيش الروهنجيا و حيث لا أحد لديه فكرة عما يحدث ، لذلك انطلقنا بالسيارة ثم سيرا على الأقدام.
ما وجدناه هو التوتر الخطير وسوء التغذية ، ولكن حتى الآن المشكلة الأكبر هي الرعاية الطبية، فأكثر من مليون روهنجي لا يحصلون إلا على القليل - إن وجدت- من الرعاية الصحية ، وبعضهم يموتون نتيجة لذلك.
في قرية زيزار، التقينا أم شابة تدعى سعيدة، 20 عاماً، يفقد طفلها البالغ 10 أيام وزنه كل يوم .
الطفل في حاجة إلى الطبيب ، ولكن لا يسمح لعمال الإغاثة بالقدوم إلى القرية، و لا يسمح للروهنجيا بالمغادرة بحرية.
من الناحية النظرية، يمكن أن تعبر سعيدة نقاط التفتيش وزيارة العيادة. ولكن في التطبيق ، هذا يعني دفع رشاوى في بعض الأحيان و حتما يعني اجتياز بيوت الناس الذين اتهموا بقتل الروهنجيا وبالنسبة لها هذا أمر مرعب ولذلك راهنت أن طفلها سيتعافى بفضل جهودها الخاصة.
في أحد معسكرات اعتقال الروهنجيا ، التقينا "ثين مونغ" ، 46 عاماً، وهو مصاب بالإيدز وكان يستخدم الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية من أطباء بلا حدود ليبقى على قيد الحياة والآن ليس لديه أي مصدر للدواء، و يشعر بتدهور صحته .
شخص آخر، يدعى أمير حسين، كسر ذراعه قبل عامين على يد العصابات البوذية ولم يجد حينها طبيبا لجبر العظام ، ولذلك ذراعه يتدلى الآن بشكل غريب.
يحرم الأطفال الروهنجيا أيضا من التعليم... في إحدى القرى التي زرناها، تدرس فتاة تبلغ من العمر 17 عاما في مدرسة رسمية، وهذه الفتاة توقف تعليمها الخاص .
استشهد الرئيس أوباما، في خطابه قبل أيام في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت، بميانمار باعتبارها واحدة من النجاحات الدبلوماسية لإدارته .
صحيح أن ميانمار حققت مكاسب سياسية هائلة في السنوات الأخيرة – والإذن الذي حصلت عليه لكتابة التقرير هو شهادة على ذلك - وهناك الكثير لنعجب بتقدم البلاد نحو الديمقراطية. ولكن دعونا لا نلتمس الأعذار لنظام يمارس الفصل العنصري في القرن 21 ، وهو أسوأ حتى من نظام جنوب أفريقيا السابق .
وكما وثّقت هيومن رايتس ووتش ، ما كشفت عنه هنا يشكل التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية. وبالمثل ، رصدت مجموعة "فورتيفاي رايتس" وثائق ميانمار الداخلية ، وتؤكد حصول نمط من القتل والتعذيب والاغتصاب وأعمال قمع أخرى ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي على مر السنين.
مقابل هذه الانتهاكات كانت انتقادات أوباما لميانمار خجولة ومثيرة للشفقة لأنه نال الإعجاب بشكل كبير هنا ، لدى أوباما رأس مال سياسي للضغط على الحكومة لكنه لم يستخدمه .
في الواقع، الولايات المتحدة وغيرها من البلدان غالبا ما تتجنب كلمة الروهنجيا ، لتنضمم بشكل فعال إلى إنكار هوية الشعب.
هذه سياسة فاشلة ، ولهذا السبب شددت ميانمار الخناق على الروهنجيا هذا العام.
أعطى الروهنجيا لنا أسماء بعض البوذيين الذين قالوا إنهم كانوا قادة في ذبح المسلمين ، وقد زرنا أحدهم، وهو مزارع يبلغ من العمر 53 عاما وقد نفى أي تورط في العنف ، لكنه كان محرجا، يتكلم بتوتر، ويرجع ذلك جزئيا إلى غضب البوذيين من جماعات الإغاثة والصحفيين كما يقول لانحيازها مع المسلمين .
روايتهم هو أن الإرهابيين المسلمين من بنغلاديش يغزون البلاد، ويتكاثرون لتهميش البوذيين ، ثم يحظون بالرعاية من قبل الأجانب.
يدعم المتطرفون هذه الرواية السخيفة مع التخويف. سائقي البوذي، الذين يضع وشما قوميا، كان على استعداد لأخذي إلى مخيمات وقرى الروهنجيا وليس لديه الخوف من الاعتداء من قبل المسلمين لكنه كان مرعوبا من الذهاب إلى بعض المناطق البوذية المتشددة، خوفا من أن يعتدي عليه كمتعاطف مع المسلمين .
عندما وجدت السلطات أننا كنا نتجول في التلال، أرسلت فريقا من ضباط الشرطة يحملون أسلحة آلية للبحث علينا وحمايتنا ... عليهم البدء بحماية الروهنجيا أولا.
لقد رأيت أكبر مثال على سوء التغذية وانتشار الأمراض على مدى السنوات في جنوب السودان ، والنيجر ، والكونغو ، وغينيا ولكن ما هو بغيض حول ما يحدث هنا هو أن المعاناة تحدث عمدا كسياسة للحكومة فالسلطات تجرد أعضاء مجموعة عرقية من المواطنة ، ثم تحتجزهم في المخيمات أو القرى، وتحرمهم من التعليم والرعاية الطبية وتطرد حتى المنظمات الإنسانية الذين يسعون إلى إنقاذ حياتهم.
هذه ليست مأساة مجموعة عرقية غامضة؛ إنها إهانة للحضارة . من فضلك، أيها الرئيس أوباما ، تكلم .
المقالات > نجاح أوباما أم عار عالمي
نجاح أوباما أم عار عالمي
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://arakanna.com/wp_arakanna/articles/15349/