يبدو ان مستقبل الأقليات المسلمة سيكون في خطر، ما دامت الهيئات الدولية صامتة أمام المجازر المتوالية في بعض دول العالم، وأبرزها الآن بورما، ويبدو ان سيريلانكا ستكون في الطريق!
دخل الاسلام سيريلانكا بحسب المؤرخين منذ أكثر من ألف سنة، متعايشين مع الأكثرية البوذية الدين الأصل لمعظمهم، ووصل عدد المسلمين الى مليوني نسمة حسب احصاءات عام 2011 (تقريبا %9.7)، وكانوا يملكون الحصة العظمى في التجارة وكانوا ذوي مال وجاه.
الا ان هذا الاستقرار بدأ بالتخلخل في السنوات الأخيرة، والمسلمون قلقون على مستقبلهم وعلى الأجيال القادمة، من بعض المتطرفين البوذيين، فمنذ أوائل القرن العشرين قام زعيم بوذي بتحريض السكان ضد الاستعمار، والادعاء بأن هذه الجزيرة ملك للسنهاليين البوذيين الذين يشكلون الأغلبية، وعليه فان العناصر الأخرى عليهم ان يعيشوا كأقليات تحت نفوذ وسيطرة الحكم السنهالي البوذي.
وقد استهدفت هذه الحركة المسلمين مباشرة ونشرت أفكارا معادية ضدهم، وقادت البلاد الى أزمة، حيث قام عدد كبير من البوذيين بمهاجمة مدينة «جامبولا» وحرق ممتلكات المسلمين وتجارتهم عام 1915.ولهذه الحركة وأفكارها دور بارز في استمرار العنصرية واستمرار الكراهية تجاه الأقليات حتى بعد الاستقلال، وجر الدولة الى حرب أهلية استمرت على مدى 30 عاما بين الحكومة والمتمردين «نمور تاميل».
وبعد ان انتهت الحرب عام 2009م بعد مقتل الآلاف من المسلمين، عادت تلك الحركات للظهور ضمن منظمات بوذية متطرفة تستهدف الأقليات المسلمة من جديد، وأبرزها الحزب المتآلف مع الأغلبية لضمان صمت الحكومة «جاتكا هيلا أوروميا»، وقال بعضهم: ان المسلمين أقلية وعليهم ان يعيشوا حسب شروط الأغلبية البوذية وداخل عادات وتقاليد البوذية، فاذا لم يعجبهم الوضع يمكنهم الذهاب الى السعودية.وكل ذلك وسط صمت الحكومة المتآلفة معهم، مؤكدة بأن تصريحاتهم لا تمثل الحكومة بل تمثل آراءهم الشخصية.
وتم انشاء حركة باسم «سينهالا رافيا»، وقامت بنشر أفكار معادية للاسلام والمسلمين، ونشر المعلومات الخاطئة عن انتشار الاسلام والمسلمين في الجزيرة، حتى تمكنت من بناء حالة خوف وقلق بين البوذيين بأن الجزيرة سوف تكون دولة اسلامية تحكمها الشريعة في أقل من 20 – 30 سنة القادمة.وقامت هذه الحركة بتنظيم وتنفيذ عدد من المظاهرات والمداهمات ضد المسلمين ومساجد المسلمين بنجاح في انحاء الجزيرة خلال عام 2012م، على الرغم من وجود قوات الشرطة التي لم تتدخل لردعهم، ومن أهم هذه الأعمال:
< مداهمة المسلمين في مدنية «أنورادهابورا».
< مداهمة الجامع بمدينة «دامبولا» ورمي «قنبلة يدوية» قريبة من المسجد صباح يوم الجمعة، ثم المظاهرة قبيل الصلاة حتى اضطر المسلمون للهروب تفاديا للقتل، وقام المتظاهرون بقيادة كبار رهبان البوذية بالدخول عنوة للمسجد بعد كسر الأبواب، وحرق بعض المصاحف، ثم قاموا بأداء ترانيم خاصة بالبوذية داخل المسجد.
< محاولة مداهمة مسجد «دار الرحمن» بمنطقة «ديهيوالا»، ولأن الأبواب كانت مغلقة، بدأوا برمي الحجارة ولحوم الخنزير من خارج الأسوار.
< مداهمة مسجد «مسجد عمر بن الخطاب» والمدرسة القرآنية فيه بمنطقة «أرياسينهالاواتا».
ثم ظهرت حركة أكثر تنظيما وعداء للمسلمين باسم «بودو بالا سينا» والتي تعني «جيش القوة البوذية»، وانتشرت العدائية البوذية ضد المسلمين حتى في المدارس، واكثر قوة في الميدان، لدرجة ان الشرطة لا تتدخل بوجودهم! وشهدت الساحة أخيرا أكثر من 20 مظاهرة وأكثر من 15 مداهمة ضد المساجد، وغيرها من الأحدات المتفرقة.
وللحديث المأساوي بقية…
الوطن