[caption align="alignleft" width="300"]خيانة "أونغ سان سي كي" للروهنغيا في بورما[/caption]
مقال للكاتب عظيم إبراهيم (الرئيس التنفيذي لمعهد سكوتلاند وعضو في ادارة معهد السياسة والتفاهم الاجتماعي)
مازال الصمت المطبق للناشطة البورمية "أونغ سان سي كي" تجاه محنة المسلمين الروهنغيا في بورما يربك ويرعب كل الذين رحبوا بعودتها إلى الساحة الدولية بصفتها الصوت الأخلاقي لبورما.
مُنِحت "أونغ سان سي كي" جائزة نوبل للسلام واستلمت شهادات فخرية والتقت مع عدد من الملوك والرؤساء بما فيهم الرئيس أوباما، كما كان لها الفضل في إعادة ماينمار إلى عالم الأمم، لذلك فإن رفضها لإدانة المجزرة هو أمر محير ومحزن.
والروهنغيا هم أقلية دينية ولغوية مضطهدة عاشت لأجيال على الساحل الغربي لبورما. والحكومة البورمية التي يسيطر عليها العسكر بالرغم من كل الاصلاحات الديمقراطية مازالت تصر على اعتبارهم لاجئين غير شرعيين قدموا من بنغلاديش المجاورة وكأن هذا يبرر العنف الممنهج ضدهم والذي ترعاه الحكومة.
تسببت أعمال العنف الطائفية على مدى 6 اشهر بتشريد ما يزيد على 125000 شخص من منازلهم حيث ما زالوا ضحية التهجير في مخيمات اللاجئين ويتعرضون إلى التمييز ضدهم وعدم الاعتراف بهم في كل من بنغلادش و بورما. أما أحوالهم داخل المخيمات فهي مأساوية ومروعة بسبب منع البوذيين المحليين لوكالات الإغاثة من الوصول إليها. وكان من المنتظر أن تؤمن قوات الأمن الحماية للاجئين المسلمين إلا أنها تقوم بالمقابل بسجنهم ومنعهم من الوصولإالى الأسواق وتحرمهم من استلام المعونات الانسانية والمعيشية التي يحتاجون إليها بشدة.
ومن جهة أخرى يبدو واضحاً أن الحكومة البورمية تعد حملات منظمة لترحيل المسلمين أو تغيير مكان إقامتهم.
لم تتخذ الحكومة البورمية بقيادة الرئيس "ثان سين Thein Sein" أي إجراءات جدية لردع المسؤولين عن أعمال العنف أو لمنع اندلاعها في المستقبل. ففشل الحكومة في التدخل ثم مشاركتها في المقابل في أعمال العنف يجعلها طبقاً للقانون الدولي متواطئة في أعمال التطهير العرقي. فمنذ تسعينات القرن الماضي يقوم مقررون من الأمم المتحدة بالابلاغ عن أعمال تعسفية عديدة منظمة ضد المسلمين الروهنغيا ناتجة عن السياسة التي تنتهجها الدولة. فكان جواب الحكومة الرسمي على هذه الإبلاغات عن الأعمال العنف هو تشكيل لجنة تحقيق، لكن هذه اللجنة لم تنجح في عملها وفشلت حتى في إصدار تقرير. إلا أن الغضب الدولي دفع الرئيس "ثان سين Thein Sein" إلى بعث رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" يندد بها بأعمال العنف والاجرام التي لا معنى لها. وقد بُعِثت مثل هذه الرسالة إلى الرئيس أوباما قبل زيارته لبورما. ومنذ ذلك الوقت ازدادت وتيرة أعمال العنف ضد المسلمين حتى وصلت إلى مناطق في وسط بورما حيث قُتل و جُرح وتشرد الآلاف. تجاه هذا الوضع أطلقت منظمة "مراقبة الابادة الجماعية Genocide Watch" في 4 نيسان (أبريل) حملة طوارئ لمساعدة مسلمي بورما الذي اعتبرتهم أكثر شعوب الارض اضطهاداً. فالعنف المدعوم من الدولة ضدهم لا يطيل امد التمييز العنصري فقط بل يبقى معلماً للابادة الجماعية الشرسة ضد كل مسلمي ميانمار ومن كل الشعوب والتي ستظل مستشرية في هذا البلد. لذلك فان صمت "أونغ سان سي كي" ورفضها إدانة الهجمات على الروهنغيا المسلمين في ميانمار قد ضعّف سمعة جائزة نوبل لدى النشطاء في مجال الحقوق العالمية والذين اعتبروا أن على "أونغ سان سي كي" استعمال سلطتها المعنوية لشجب موقف الحكومة البورمية. كما لاحظ المراقبون أن "أونغ سان سي كي" تتوقع انتصاراً ساحقاً في انتخابات عام 2015 يمكنها من تولي رئاسة البلاد، لذلك فإن دعمها للمسلمين قد يضر بطموحها خصوصا في الدوائر الانتخابية ذات الأغلبية البوذية المعادية للمسلمين. فإذا كان هذا صحيحاً وهي تنوي تفضيل طموحاتها الشخصية على الرأفة والاعتبارات الانسانية فلن يكون لها حق معنوي بالاحتفاظ بجائزة نوبل للسلام، كما أنه من الصعب ان يظل الشعب البورمي يكن الاحترام والاعجاب لزعيم أيد سيادة القانون ثم فشل بالتصريح علناً عن الأذى والارهاب الذين يعاني منهما المسملين. وحسب "كرس لوا Chris Lewa"، وهو مدير مشروع أراكان الذي يدافع عن حقوق الروهنغيا ويتخذ من بانكوك مقراً له، فإن "أونغ سان سي كي" قد فشلت في اختبار هام في مجال الزعامة، كذلك وطبقاً للمعايير الدولية فان صمتها عن عمليات الابادة في بورما هو ايضا فشل في اختبار العدالة الانسانية العالمية.
المصدر :
huffingtonpost
الترجمة:
سعيد كريديه