[caption align="alignleft" width="300"]المسلمون الضحايا : شرطة ميانمار ساعدت المهاجمين[/caption]
بقلم: روبن ماكدول
ترجمة : سعيد كريديه
حتى مع قدوم الرئيس إلى غرب ميانمار للحث على وضع حد للعنف الطائفي الأسبوع الماضي، لم تتمكن قوات الأمن من منع العصابات الغوغائية البوذية من إحراق بيوت الأقلية المسلمة أو قتلهم بل في بعض الأحيان، وعن غير قصد شجعتهم.
أثارت هذه الأمور تساؤلات حول قدرة الحكومة على معالجة ورم الكراهية الدينية الخبيث حيث ألقي باللوم عليها في مقتل أكثر من 240 شخصا خلال 18 شهراً الماضية .
وكان قد قتل 5 مسلمين في هجوم يوم الثلاثاء في بلدة ثاندوي قبل أن تطأ الرئيس ثين سين قدماه البلدة بعدة ساعات فقط للقيام بزيارة مقررة لها . وعندما علم بالأمر وعد بإجراء تحقيق فوري، وقالت وسائل الإعلام التي تديرها الدولة وبسرعة غير معهودة ليلة السبت : انه تم اعتقال 44 من المشتبه بهم، على الرغم من الإفصاح عن تفاصيل قليلة . ومع ذلك ما زال "مينت أونغ" ومسلمون أخرون مقيمون في قرية "ثابيوشانغ" يشعرون بالخوف عندما يسير الجنود في شوارع القرية الأكثر تضررا وعلى أكتافهم أسلحة شبه أوتوماتيكية. وقالوا: إنه كان لدى السلطات الكثير من الفرص لمنع سلسلة هجمات يوم الثلاثاء ، كل هجوم كان أكثر وحشية من التالي ، لكنها لم تفعل شيئا . فتم إحراق أكثر من 110 منازل وأصبح ما يقرب من 500 شخص بلا مأوى .
قال رجل يبلغ 52 سنة من العمر ويقف أمام مسجد متفحم وعدد من المنازل : في البداية دخلت القرية العصابات الغوغائية البوذية التي بلغ عددها نحو 150 قبل الفجر ، وأحرقت منزلاً واحداً، لكن تمكن المسلمون في القرية من دفع هذه العصابات للوراء . وأضاف أن الشرطة اعتقلت ثلاثة من المشتبه بهم بعد فترة وجيزة ، إلا أنها أطلقت سراحهم مباشرة تقريبا بعد التهديدات بمزيد من العنف.
وبالرغم من أن الشرطة وعدت القرويين المسلمين بحمايتهم - كما نزعت سلاحهم وأمرتهم بالعودة إلى منازلهم – فإن أفراداً من العصابات الغوغائية عادوا بأعداد أكبر الساعة 9:30 صباحا، ثم أعادوا الكرة مرة أخرى الساعة 2:30 مساءً.
ومن بين القتلى امرأة تبلغ 94 عاما ورجل 89 عاما ، كلاهما لا يستطيعان الجري، و تلقى كل منهما طعنات متعددة.
وقال وين مينت (51 عاما) مقيم آخر في القرية كان يقف أمام منزله المهدم مرددا الشكاوى التي يسمعها من ضحايا في هجمات أخرى في أنحاء الولاية: "لم يكن لدينا أي وسيلة لحماية أنفسنا. و لم تفعل الشرطة شيئا . ألقت النظر فقط . الجميع الآن يعيش في خوف "
وفي مقابلة مع أسوشيتد برس في نيويورك نفى وزير الخارجية "وونا مونغ لوين" التهم التي تقول أن تنفيذ القانون أو القوات الحكومية فشلا في اتخاذ الإجراءات اللازمة .
كان هناك مزيد من العنف الطائفي في ميانمار مساء اليوم السبت ، وهذه المرة في منطقة جنوب الدلتا ، حيث قال كل من الشرطة والسكان: إن العصابات الغوغائية البوذية دمرت منزلين للمسلمين . وهذه هي المرة الأولى التي يبلغ بها عن الاضطرابات الطائفية في تلك المنطقة منذ بدأ العنف في حزيران (يونيو) 2012م .
انتشر العنف في بلدة كياونغون تبعد نحو 120 كيلومترا (75 ميلا ) إلى الغرب من المدينة الرئيسية في يانغون بعد انتشار ادعاءات أن رجلاً مسلماً اغتصب فتاة تبلغ من العمر 14 سنة . وقال "مينت سوي" وهو أحد المقيمين في كياونغون أن أفراد العصابات الغوغائية دمروا منزل المشتبه به في الاغتصاب بالإضافة إلى منزل مسلم آخر في المدينة. وأكدت الشرطة حصول العنف ، وقالت : إن كياونغون كانت هادئة يوم الاحد.
ميانمار ، وهي دولة ذات الأغلبية البوذية من 60 مليون نسمة، تشهد تحولا سياسيا محيراً بعد نصف قرن من الحكم العسكري الوحشي، ولكن المزيد من الحريات في التعبير لها جانب مظلم ، فالكشف عن الكراهية العميقة الجذور تجاه المسلمين المدعومة من الرهبان المتطرفين أشعلت الهجمات الأولى في ولاية أراكان الغربية ومن ثم مدينة ميكتيلا في وسط البلاد ثم مدينة لاشيو قرب الحدود الصينية .
في ظل الديمقراطية الجديدة تتولى الآن قوات الشرطة الضعيفة التدريب وسيئة التجهيز (وهي تتكون على وجه الحصر تقريبا من البوذيين) التعامل مع العنف الطائفي، أما الجيش فيتدخل فقط بناءً على دعوة من السلطات المدنية أو أثناء حالات الطوارئ . النتائج في معظم الأحيان كانت كارثية." وقال جيم ديلا - جياكوما مدير برنامج آسيا لمجموعة الأزمات الدولية وهي منظمة للأبحاث: " يبدو من الوقائع التي عُرضت أن الشرطة فشلت بالقيام بعملها بالشكل الصحيح."
وأضاف: "لكنه ليس خطأ السلطات هنا فقط ، المجتمع غاضب من المتطرفين ، وليس هناك مبرر لمثل هذا العنف."
بدأت التوترات في مدينة ثاندوي منذ أسبوع عندما اتهم سائق سيارة أجرة بوذي صاحب متجر مسلم بالإساءة إليه بسبب نزاع على أماكن لوقوف السيارات . فأحرقت وتضررت عدة منازل في الساعات التي تلت ذلك، و بحلول يوم الثلاثاء انفجر الغضب إلى عنف شامل.
ونقلت وسائل الاعلام الحكومية عن ثين سين قوله: إنه يشك في دوافع" أولئك الذين حولوا "حجة تافهة ومسألة عادية إلى اشتباكات عرقية ودينية . وقال: "ووفقا للأدلة المتوفرة، فإن مثيري الشغب الذين أضرموا النار في القرى هم من الغرباء. هناك حاجة إلى مشاركة الجميع في فضح واعتقال أولئك الذين تورطوا في الحادث والتحريض على الصراع خلف الكواليس، وستتخذ الإجراءات وفقا للقانون ، دون تمييز على أساس العرق والدين."
وفي ما بدا أنه انتقاد نادر لمنظمة " 969 " قال تقرير وسائل الإعلام الحكومية أن بعض المنظمات توزع الأعلام الدينية التي كانت معلقة أمام الآلاف من المنازل والمحلات التجارية المملوكة للبوذيين .
بدأت حملة بوذية تقودها منظمة " 969 " نشاطها على الصعيد الوطني مع مؤيديها بحث البوذيين للتسوق فقط في متاجر البوذيين و تجنب الزواج من المسلمين أو بيع المنازل لهم . وشوهدت لوحات مع شعارات على طول الطرق الوعرة .
وقد ألقى المسلمون في ثاندوي وحولها اللوم أيضا على الغرباء ، قائلين: إنهم أي المسلمين عاشوا في سلام جنبا إلى جنب مع البوذيين لأجيال ولم يتصوروا أبدا أنه يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك.
وقال يو وين مينت 51 عاما من أقلية كامان المسلمة : "الآن ، فجأة ، ينظر إلى كل من يعتنق الإسلام أنه العدو ". وأضاف: "إنهم يستهدفوننا فقط لمعتقداتنا ". وهناك آخرون ألقوا باللوم على منظمة 969 بوجه التحديد وعلى الراخين الشماليين "
وصفت زاو لاي خار (62 عاما) فقدت أمها في الهجوم ، كيف جاء أفراد العصابات الغوغائية وهم يلوحون بالسيوف والسكاكين في القرية. وقالت: " لم يكن هناك أي شيء يمكن أن نقوم به سوى الهرب. " وأضافت أنه في حين كانت وجوه غير مألوفة إلى حد كبير من المهاجمين ، رأيت بعض الجيران البوذيين يشيرون إلى منازل المسلمين، وأنا لا أعرف كيف حدث هذا "