وكالة أنباء أراكان ANA
يجب على المجتمع الدولي أن يركز اهتمامه على الأعمال الوحشية التي شنت على الأقلية المسلمة الروهنجيا في ميانمار .
كان شهر تشرين الأول قاسياً جدا بالنسبة للأقلية المسلمة في ميانمار ، هذا البلد الذي كان يعرف سابقا باسم بورما . وبينما انصب معظم اهتمام وسائل الإعلام على الحرب الكيميائية في سوريا أو على سيناريو ما بعد عجز الولايات المتحدة في المواجهة الحاسمة ؛ تناقل القليل جدا منها قضية التطهير العرقي المستمر في ميانمار . ربما هذا حصل لأن الضحايا التعساء هم فقراء مسلمون ، وليس هناك أي مكاسب استراتيجية لعرض قضيتهم.
ومع ذلك أفاد مراسل وكالة أسوشيتد برس في الآونة الأخيرة أن حشداً من البوذيين المسلحين بالسيوف والسكاكين قد أغاروا على قرية غالبية سكانها من المسلمين ، فهاجموا المسلمين وأحرقوا منازلهم . وقالت زاو لاي خار ، أحد شهود العيان : أنها صعقت عندما شاهدت حشدا مكونا من حوالي 40 بوذيا مسلحا يقترب من منزلها ، فأدركت جيدا نواياهم ، ولكن مع عدم وجود خيارات أخرى سوى الفرار ، فإنها هربت مع ابنتها ولكنها وبسسب عجالتها لم تتمكن من أخذ والدتها التي تبلغ من العمر 94 عاماً . وعندما عادت بعد يومين وجدت أن معظم المنازل في القرية قد أحرقت. وقالت : إنها عثرت على جثة والدتها ملقاة فيما تبقى من فناء المنزل وأن الجثة مصابة بستة جروح قاتلة في البطن والرقبة والرأس . وأضافت: "أشعلوا النار في المنزل ، لم يكن هناك شيء يمكن أن نقوم به إلا الهرب . لم يكن لدينا الوقت لمساعدتها".
كانت هناك أعمال مماثلة من سفك للدماء وتدمير في القرى المجاورة . ووصف أحد الضحايا نتيجة تلك الهجمات، فقال :"بعد أن أحرق البوذيون معظم القرى لم تسمح لنا قوات الأمن السيئة السمعة بالانتقال من قرية إلى أخرى للبحث عن أقاربنا المفقودين ، ومنعتنا من تقديم العزاء لموتانا . وإذا ضبطت قوات الأمن أحداً منا وهو يفعل ذلك فإنها ترمي به وراء القضبان لأجل غير مسمى دون توجيه اتهامات لهم . نحن لا تحصل على ما يكفي من الحصص التموينية والمساعدات الطبية . لا توجد مرافق طبية مسجلة لشعبنا ، حتى لو كان هناك أطباء في مناطقنا . لقد مضى 16 شهرا ونحن من دون حصص تموينية ، ولم نستلم لقمة أرز واحدة من حكومة ميانمار .
توفر لنا بعض الجهات الإسلامية المانحة بعض المواد الغذائية ، لكنها ليست كافية لسد جوع كل الناس هنا. وكان على الكثير منا أن يعاني من الجوع إذ لم يكن متوفرا إلا وجبة واحدة فقط تقدم الساعة 3:30 بعد الظهر، تكون بمثابة غداء وعشاء ليوم كامل ، كمالم يكن بمقدورنا الحصول على المزيد." وأضاف: "اليوم لا يوجد وظيفة لأحد ، ونحن لا يمكن الخروج من قريتنا للعمل ، ومعظمنا تجار ، وكنا قبل العنف الطائفي نسترزق من السوق البلدي في مدينة سيتوي - أكياب.
وكان هناك 145 محالا مزدهرا يمتلكها مسلمون روهنجيا ، لكن تم إغلاقها جميعاً . نحن نكافح من أجل البقاء على قيد الحياة من خلال بيع العقارات المتبقية لنا. لا يسمح لنا بالذهاب لشراء الطعام من السوق، لذلك تذهب شاحنة من قريتنا إلى سوق "داباينغ" التي تقع في الريف ، لشراء مواد غذائية للقرية بأكملها مرتين في الأسبوع ، برفقة الشرطة ودفع رشوة قيمتها 160 دولارا إلى مكتب وزارة الخارجية . وفي بعض الأحيان يأخذون الحمولة ما لم ندفع أكثر." وتابع: "عندما نعطي المال إلى الشرطة أو الجيش لشراء الأدوية للمرضى في حالات الطوارئ فإنها تختفي بالمال، وعندما نبلغ الشرطة أو الجيش يجيبون بأن الذين استولوا على المال من عندنا وتم نقلهم . أحيانا يشترون لنا الأشياء بضعف السعر العادي أو أكثر. وعندما نعطي المال لهم لشراء 10 سلع يشترون سبعا فقط وبضعف السعر والباقي يعتبرونه ' مفقودا' ... هذا هو ما يقولونه لنا. لا يسمح للأطباء بإعطائنا العلاج. دخل أعضاء من أطباء بلا حدود إلى منطقتنا لتقديم المساعدة الطبية يوم الاثنين والخميس مرتين في الأسبوع قبل بضعة أسابيع، لكن لم يكن لديهم الإذن المطلوب من الوزير للقيام بذلك. نحن قلقون جدا من أي نوع من الصراع في المستقبل .
تقوم الحكومة بقتلنا بشكل منهجي بالتزامن مع الاندلاع المستمر والدوري للعنف المنظم ، كل ذلك يرافقه تقاعس أو مشاركة قوات الأمن الحكومية والمحرضين من عملاء الحكومة المجهولين ."
تعبر محاكمات هؤلاء المواطنين من ميانمار السيئي الحظ والذين يُنظر إليهم اليوم كدخلاء من قبل غالبية بوذية عن الحالة المؤلمة والقاسية التي يعانون منها . ليس لديهم صوت ليتكلم بالنيابة عنهم . على العكس من ذلك هناك دعم حكومي للحركة البوذية القومية المتطرفة التي تعتبر وجود أي مسلم تهديدا في البلاد .
وبشكل مستتر للتطهير العرقي، اقترح رئيس ميانمار نفسه "ثين سين" خطة لإعادة توطين السكان الروهنجيا المسلمين خارج البلاد . وذلك في تناقض حاد مع محاولة ميانمار لتصوير نفسها على أنها نبذت ماضيها الوحشي و القمعي ، ولكن عدم مبالاتها واندلاع العنف غير المبرر ضد الأقلية المسلمة هو تذكير بأن شيئا لم يتغير .
يجب على المجتمع الدولي من دول ومنظمات دولية لحقوق الإنسان تتابع عن كثب عملية الديمقراطية في ميانمار أن تركز اهتمامها على إنقاذ إحدى أقليات هذا البلد. يجب ضمان سلامة وأمن جميع الأقليات في أي مجتمع ، بغض النظر عن العقيدة أو المعتقد .