فايز الفايز
كل عام وانتم بخير ..
لا يكاد يمرّ يوم على بني قومنا من العرب والمسلمين دون تعميده بالدم ، ولا تخلو حياة المسلمين في العالم وخصوصا في آسيا وأفريقيا من حروب دامية وحركات مناهضة وحكم دموي يحاول فيه القائد العسكري أن يتحول الى إله يحكم ويتحكم في مصائر البشر ، يفكر ويقرر بالإنابة عنهم حتى لو كان تفكيره لا يستوعب التفكير لأكثر من 10 دقائق ، ولذلك نجد أن غالبية المشردين والمضطهدين في أركان المعمورة هم من المسلمين ، والسبب في ذلك أن المسلمين وقادتهم نسوا الله فنساهم ، ورأوا في قوى عظمى تتحكم بقراراتهم أنها هي الرب ، فسجدوا لها ، ثم سجدت الشعوب للساجد للقوة التي تحميه ، ومن نسي الله وأعرض عن ذكره فله « معيشة ضنكا» ، وهذا كله ظلم يرتكبه المرء ضد نفسه أولا .
إنظر الى آخر نسخة من الحياة العربية ، وهي الثورات والانتفاضات ، لقد خلا الخطاب السياسي الثوري من حق الله على البشر ، والأدهى أن عمالقة التحرر قد عادوا الى التحوصل في أضيق زاوية قُطرية ، فلا محل للوحدة التي تقوم على مبدأ الدين والعقيدة ووحدة التراب والمصير الانساني ، فالأرض التي هي مهد الأديان الكريمة الثلاثة ضاقت بها دعوات المذهبية والطائفية ، وعاد جيل الشباب الذي كان متعطشا لفضاء عربي واسع ، الى الشوفينية القُطرية والإقليمية العصبية التي زحلقتنا الى المناطقية والعشائرية والعائلية حتى ، في ترد فاضح للعقلية السياسية والأكاديمية و المثقفة في عالمنا العربي .
اليوم لا تزال شوارع المدن الجميلة تغتسل كل صباح ومساء بالدم الذي حرمه الله حرمة مشددة إلا بالحق ، وأقرب ذلك ما يجري في سوريا ، وقبله في ليبيا ، والعراق ، وفلسطين ، والسودان ، واليمن ، والسبب في ذلك أن الإنسان العربي تخلى عن عمود حياته الذي تتمحور عليه الحياة ، وهو الله ، فأصبحت الصراعات بين القوة والقوة ، لأن الحق تخلى عنه الناس ، فمن يمتلك القوة الأكبر يحدد مصير القوة الأصغر .
في بورما أو « مانيمار » ، لا تزال المجازر الدموية ترتكب بحق المسلمين الأبرياء الذين يحاولون العيش في بيئة أفضل مما هي عليه ، وسط شعوب لا تزال تعبد الصنم الكبير « بوذا « ، وتسيطر على عقولها مبادىء القرابين والدماء والتمائم غير المفهومة ، ومن واجب العرب جميعهم وكافة المؤسسسات حمل قضية مسلمي بورما الى أعلى مستويات التحذير والمعالجة ، لنصرة بشر لا ذنب لهم يطالبون بالحرية والديمقراطية في بلادهم التي ينكرها عليهم آخرون .
رئيس منظمة تضامن الروهنجيه في بورما الشيخ «سليم الله حسين عبد الرحمن» ، يختزل المأساة في فقرة حيث يقول أنه و في عام 1978 شردت بورما ، التي سيطر عليها العسكر عام 1962 ، أكثر من ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنغلاديش، وفي عام 1982م ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنهم متوطنون في بورما بعد عام 1824م أي عام الاستعمار البريطاني لبورما، وفي عام 1992م شردت بورما حوالي ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديش مرة أخرى، ومن تبقّى منهم يتم إتباع سياسة الاستئصال معهم عن طريق برامج إبادة الجنس وتحديد النسل بين المسلمين، فالمسلمة ممنوع أن تتزوج قبل سن الـ 25 عاما أما الرجل فلا يسمح له بالزواج قبل سن الـ 30 من عمره.
على شعوبنا أن تدرك بأن التغيير الحقيقي هو الذي يأتي من الداخل لتغيير ما بأنفسنا ، ونصرة الله في شهر الله المبارك ، شهر رمضان الكريم الذي يجب أن يعلمنا كيف نعود الى عادة أهلنا في التكافل والتراحم ، ومساعدة الآخرين وحماية الأوطان ونصرة الضعفاء والمحتاجين ، فرمضان يجب أن يعيدنا الى الله الذي نسيناه فتركنا تضيّق صدورنا لأتفه الأسباب .
المصدر / جريدة الرأي ــــ alrai ـــــ