وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
لم يخفِ المخرج الياباني “أكيو فوجيموتو” قلقه مما جرى في ميانمار منذ البداية من مجازر تندى له جبين الإنسانية. حيث تعاني أقلية الروهنغيا المسلمة من اضطهاد ممنهج من قِبَل الغالبية البوذية في ميانمار (بورما سابقاً) وقد وصف المخرج “فوجيموتو” معاناة لاجئي الروهنغيا في ميانمار بأنها “مشاكل رهيبة” وقد استعرض بعضاً من هذه المعاناة في فيلم “ممر الحياة” الذي يروي قصة معاناة أسرة ميانمارية لاجئة في اليابان، وقد فاز الفيلم بجائزة “روح آسيا” في الدورة الثلاثين لمهرجان طوكيو السينمائي الدولي والذي يعد من أضخم مهرجانات آسيا السينمائية.
والجدير بالذكر بأن أدوار البطولة في فيلم “ممر الحياة” ليست بأداء ممثلين محترفين ونجوم ومشاهير، بل هم لاجئون حقيقيون قاموا بلعب هذه الأدوار لتجسيد واقع غائب ومغيب عن الرأي العام العالمي وذلك من أجل نقل الصورة الحقيقية كما هي للعالم. وقد تم البدء بتصوير الفيلم منذ عام 2014 ، وذلك من قبل فريق إنتاج ياباني ميانماري مشترك. وتبدأ حكاية الفيلم في عام 2010 مستعرضةً قصة أسرة لجأت إلى العاصمة اليابانية طوكيو من ميانمار. حيث عانى الكثير من الأسر من القمع والاضطهاد عقب الاحتجاجات التي نظمها عمال وطلاب في ميانمار للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية، فقام الجيش بقمع المحتجين، ثم سيطر على السلطة بانقلاب عسكري.
ثم يصور الفيلم الصراع الدائر مع طفل لاجئ يبلغ من العمر سبع سنوات، والذي يحمل الهويتين اليابانية والميانمارية. بل إن هذا الصراع يمتد إلى ما هو أبعد في البحث عن الهوية، فهو يرتطم بواقع التغيير الكبير مع مصاعب التأقلم والتعايش مع الوسط المحيط.
رسالة هادفة .. و هدف سامٍ
ما يثير الدهشة هو أن المخرج “فوجيموتو” لم يعتمد على خبرة طويلة لإخراج فيلم ينال من خلاله جائزة “روح آسيا” في مهرجان سينمائي يعد الأضخم من نوعه في آسيا! فقد قام بتصوير الفيلم بعد عام واحد من تخرجه فقط. إلا أن عمله فيه قد استغرق نحو 4 سنوات لإنجازه. أراد “فوجيموتو” من خلال هذا الإنجاز تسليط الضوء على أزمة اللجوء التي باتت مشكلة عالمية كبيرة جداً في الوقت الراهن على حد تعبيره.
وعلى الرغم من تناول قصة معاناة أسرة واحدة مع اللجوء والهجرة؛ إلا أن هناك الآلاف من الأسر التي هاجرت منذ ثمانينات القرن الماضي جراء حملات الاضطهاد الممنهجة التي تحدث في هذه المنطقة. بل من المؤسف القول بأن هذا الاضطهاد ليس وليد العصر الحديث، فهو استبداد مستمر منذ مئات السنين بحق مسلمي هذه المنطقة.
ما حدث مؤخراً هو قيام قوات الأمن الميانمارية بارتكاب مجازر وحشية بالتعاون مع مليشيات بوذية بحق أقلية الروهنغيا المسلمة بولاية آراكان، وقد أسفرت المجازر عن مقتل الآلاف، بالإضافة للاعتقالات التعسفية، الحرق الجماعي للممتلكات، والعنف الجنسي ضد النساء. وذلك وفقاً لما ورد في عدة تقارير محلية ودولية متطابقة من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان. بالإضافة إلى لجوء حوالي 700 ألف من السكان إلى بنغلادش، وفقاً للأمم المتحدة ومنظمة البرلمانيون في رابطة آسيان لحقوق الإنسان. حيث اعتبرت حكومة ميانمار مسلمي الروهنغيا “مهاجرين غير شرعيين” من بنغلادش، بينما تصنفهم الأمم المتحدة الأقلية الأكثر اضطهادًا في العالم.