وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
انطلق عام 2016 شور مولوك (50 عاماً) في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى ماليزيا، هرباً من العنف الممارس ضدّ الروهنغيا في ولاية أراكان في ميانمار، تاركاً زوجته وأولاده الثلاثة خلفه.
قضى مولوك، الذي دفع مبلغاً مالياً إلى المهربين كي ينقلوه إلى تايلاند، سبعة أيّام قابعاً على متن قارب مكتظّ بالركّاب قبل أن يتم اصطحابه إلى مخيم في أعماق الجبال التايلاندية. وهناك، بدأ الروهنغيا بالتعرّض للضرب، ولم يتوقف ذلك سوى عندما أرسل أقاربهم المزيد من المال إلى المهربين. أمّا أولئك الذين عجزت عائلاتهم عن توفير المال، فكان مصيرهم الموت، وتمّ التخلص من جثثهم في ظلمة الليل.
وبعدما نفذ المال من شور مولوك، قرّر الفرار خشية التعرض للقتل. انتظر حتّى حلول الظلام، وهرب إلى الغابة، حيث أمضى أسابيع يمشي من دون أن يعرف وجهته. وبطريقة ما، وصل إلى ماليزيا، وكان محظوظاً باستضافة عائلة من الروهنغيا له. عمل في مجال البناء، حتى أضحى الألم الناجم عن الإصابة التي تعرّض لها في ساقه نتيجة الضرب المبرح في تايلاند كبيراً للغاية، ولم يعد يسعه تحمّله. يشرح مولوك قائلاً: «لا أملك ما يكفي من المال لأتحمّل تكاليف السكن»، وأصبح اليوم يعتمد على المساعدات المالية، ويقول: «أنام حيث أستطيع، أحاول الصمود بقدر المستطاع».
شور مولوك هو واحد فقط من 177.690 لاجئ مسجّل وطالب لجوء في ماليزيا، ويأتي القسم الأكبر من هؤلاء من ميانمار. نحو 97.750 شخص هم لاجئون من الروهنغيا، ويشكّلون أكبر مجموعة من اللاجئين في البلد. بدأ الروهنغيا بالقدوم إلى ماليزيا هرباً من التمييز الذي يطالهم في ولاية أراكان منذ تسعينيات القرن الماضي، واستمروا بالفرار مع توفير المخيمات في بنغلاديش بعض الآفاق المستقبلية المحدودة. وفي حين تُقدّم البيئة الحضرية في ماليزيا إلى اللاجئين وطالبي اللجوء بعض السرية، إلا أنّ شبكات الأمان قليلة. فلم تُصدّق ماليزيا مثل بلدان عديدة أخرى في المنطقة على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، ما يعني أنّ طالبي اللجوء واللاجئين مُجرّمون بموجب القوانين المحلية. يمكن للاجئين أن يُسجّلوا أسماءهم لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولكنّهم لا يحصلون على قدر كبير من المساعدة، ولا يمكنهم أن يعملوا بصورة قانونية، ويواجهون محدودية فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الاجتماعية.
يدفع العيش في خوف دائم من التعرّض للاعتقال والاحتجاز وحتّى الترحيل، باللاجئين وغيرهم من الأشخاص الذين لا يملكون الوثائق الرسمية إلى الاختباء.
يتردّد معظمهم في الخروج ويؤجّلون حصولهم على الرعاية الصحية في حالات الطوارئ خوفاً من أن يبلغ موظّفو المستشفى عنهم لقسم خدمات الهجرة. وتقول رئيسة بعثة «أطبّاء بلا حدود» في ماليزيا بياتريس لو: «كي يضمنوا بقاءهم، يُجبر الكثير من اللاجئين على العمل في القطاع غير الرسمي، فيؤدّون أعمالًا خطيرة وصعبة مثل العمل في مجال البناء أو الزراعة. هم يخاطرون بالتعرّض للاستغلال والابتزاز وتقاضي أجور زهيدة، كما تشيع الحوادث في أماكن العمل». وتضيف لو: «يُحاصر الأشخاص الذين لا يملكون الوثائق الرسمية في حلقة مفرغة، ويدفعون ثمن ذلك بصحتهم الجسدية والنفسية».
وللاستجابة للغياب الواضح في تقديم الخدمات، تُوفر «أطباء بلا حدود» الرعاية الصحية للروهنغيا وغيرهم من طالبي اللجوء غير الحاملين للوثائق الرسمية في ولاية بينانج الماليزية منذ عام 2015، وهي افتتحت لهذه الغاية عيادات متنقلة تقدم الرعاية الصحية والدعم النفسي والخدمات الاستشارية، وتحيل اللاجئين الأكثر حاجة إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.