اسمه ونشأته :
هو الشيخ المناظر سيد أمين بن شاكر محمد بن عليم الدين بن سمي الدين رحمه الله ، وُلد في قريته (مغنامة) الواقعة بالجهة الشرقية الشمالية من مدينة منغدو عام 1927م، وترعرع في كنف والديه وتوفي عام 2014 .
حدة ذكائه وسرعة بديهته
كان من أقوى الطلاب حفظاً وأسرعهم فهماً وأفصحهم لساناً، واشتهر بين أقرانه وفاق على معاصريه. رحل إلى الهند ليكمل دراسته العليا بعد أن أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة في أركان بمنحة رسمية من قبل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية تحت رعاية الحكومة البورمية، والتحق بجامعة سهارامفور بالهند ليكمل دراسته هناك إلا أنه لم يكمل دراسته هناك لبعض العوارض، ورجوع بعض مشايخه الباكستانيين إلى بلادهم، فسافر الشيخ إلى باكستان الغربية مع مشايخه، ليلتحق بالجامعة الأشرفية بلاهور ويدرس على يد هؤلاء المشايخ، ولما أجريت له المقابلة الشخصية تعجب مشايخ الجامعة من حدة ذكائه وسرعة بديهته وقوة حافظته؛ حيث قال الشيخ غلام محمد أحد مشايخ الجامعة: “لم أر مثله من الطلاب قط في الفهم والذكاء”، وكان يقول الشيخ: “إنه حمل علم الهند إلى أركان”.
نباهته في طلب العلم
كان رحمه الله من أذكياء أبناء بورما ، جمع بين الفقه والعبادة والورع والسخاء، فصار من أفضل الطلاب خلقاً واجتهاداً وأحبهم وأقربهم إلى المشايخ والطلاب، كان يحظى برعاية خاصة من قبل الجامعة، وقد درس في الجامعة الأشرفية خمس سنوات، حتى تخرج في الجامعة عام 1957م، بتقدير ممتاز مع ما يماثل مرتبة الشرف، ونال الجائزة المثالية، حيث منحت له الجامعة الدرع الذهبي، وتذاكر سفره بالطائرة إلى بورما، في حفل سنوي أمام جمع غفير .
كان أهل أركان في انتظار رجوعه إلى بلادهم ، فلما سمعوا عن رجوعه خرج المئات لاستقباله بالدف والخيول والزهور، حسب عاداتهم وتقاليدهم في استقبال الكبار والعلماء والعظماء والزعماء، فوصل مدينته محفوفا بجم غفير من المستقبلين المحتفلين .
مرحلة الدعوة والعمل
ثم بدأ الشيخ دعوته وتدريسه ونشر العلم، حيث عُين مدرساً لإحدى المدارس الكبرى (الجامعة العالية) بشقدار فارة بمدينة منغدو، التي جمعت أكثر أعلام أركان في ذلك الزمان, كان الشيخ من أشهرهم وأعلمهم في علم الحديث والمنطق وفن الحوار والمناظرة، وقد استمر في هذه المدرسة ثماني سنوات متتالية، ومن هنا اشتهر الشيخ وذاع صيته.
ولظروف سياسية وقيود حكومية على تحركات علماء المسلمين انتقل الشيخ إلى أقرب مدرسة بقريته، وهي المدرسة المحمدية دار العلوم بمنطقة (فِرَامْفُوْرُ) شمال مدينة منغدو عام 1966م ليجلس مقعد (شيخ الحديث) ويدرس بها صحيح البخاري وصحيح مسلم، لطلاب المرحلة العالية.
جهوده في التعليم الجامعي
وقد تخرّج على يد الشيخ مئات العلماء والمصلحين والأئمة والخطباء، ولكبر سن الشيخ وتدهور حالته الصحية انتقل الشيخ إلى قريته (مَغْنَامَة) عام 1987م ليؤسس (الجامعة التوحيدية)، لتضاف مدرسة إسلامية جديدة إلى قائمة المدارس الإسلامية هناك.
وقد أسست الجامعة على حين غفلة من الحكومة العسكرية، وكانت مشغولة بنزاعات وخلافات داخلية، وشهدت البلاد حينها مظاهرات وإضرابات عامة ، حيث كثر فيها القتل والاغتيال، فاستغل الشيخ تلك الفرصة ببناء الجامعة وذلك بفضل الله وعنايته ثم بتعاون من أهالي المنطقة في بناء الجامعة وتأسيسها.
من أبرز تلامذة الشيخ:
1- الشيخ دين محمد (رحمه الله) الرئيس السابق لمنظمة تضامن الروهانجيا.
2- الشيخ عبد الحكيم (رحمه الله) من المدرسين في المدرسة المحمدية بفرامفور شمال منغدو.
3- الشيخ محمد سعيد مطيع.
4- الشيخ مشتاق أحمد أبو الحسين (محدث الجامعة العربية دار العلوم بمرانجلوا حالياً) .
5- الشيخ سليم الله عبد الرحمن الرئيس الحالي لمنظمة تضامن الروهانجيا حالياً، وغيرهم كثير لا يعدون ولا يحصون إلا بصعوبة.
ويعتبر الشيخ من أكبر مراجع المسلمين في بورما وجنوب بنجلاديش ، حيث تنتهي إليه الأسئلة العلمية، وحل المسائل الغامضة، ومناظرة المبتدعين والخرافيين، والوقوف أمام الحكومة ومواجهة تحدياتها، خاصة في مسألة الحجاب واللحية والركوع لعلم بورما من الطلاب المسلمين حين دخول المدارس الحكومية، ففي تلك المسائل وغيرها للشيخ وقفات قوية حتى عجزت الحكومة أمام ثباته وإصراره عن تنفيذ قراراتها الجائرة.
رحلته إلى أرض الحرمين
لقد سافر الشيخ إلى المملكة العربية السعودية قرابة تسع مرات لأداء فريضة الحج والعمرة، وفي أثناء تلك الرحلات التقى الشيخ مع بعض المشايخ الكبار، ورجال الأعمال في بنجلاديش والسعودية، واستحكمت علاقته بهم وتوثقت صلته معهم، وشجعته على تطوير الجامعة وتوسعة دائرته، ووعدوه بالتعاون والمساعدة في مجال التعليم والدعوة.
وبعد تلك السجلات الحافلاة من العلم والتعليم والدعوة توفي الشيخ المحدث عصر يوم الأحد بتاريخ 22/2/1436هـ في مسقط رأسه قرية مغنامة بشمال منغدو وصلى عليه المئات من مسلمي الروهنجيا من أنحاء أركان، فرحم الله الشيخ برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته.