أخبار عاجلة

مفتي ميانمار الدكتور عبدالسلام مينتين في حوار لـ«المصري اليوم»: مسلمو بورما في نظر حكومتنا «إرهابيون».. ونظام الحكم «ديكتاتوري»

وكالة أنباء أراكان ANA: (المصري اليوم)
قال مفتي ميانمار الدكتور عبدالسلام مينتين إن مسلمي ميانمار يعانون أشد معاناة، وإن وضعهم سيء للغاية، ولاسيما أن أعمال العنف والقتل والاضطهاد ضد المسلمين الأبرياء تتزايد يوماً تلو الآخر، لافتاً إلى أن قانون الحد من الإنجاب الذي تم سنُّه مؤخراً يستهدف الأقلية المسلمة.
وأضاف «مينتين»، خلال حواره مع «المصري اليوم»، على هامش زيارته للقاهرة، أنه أطلع شيخ الأزهر على المأساة التي يعيشها المواطن المسلم في ميانمار، وبحث سبل مساعدة مسلمي ميانمار وتوفير الدعم لهم في مجالي التعليم والثقافة وغيرهما، منوهاً بأن مسلمي ميانمار يعانون منذ عام ١٧٨٤، وأنه تم تهجير ما يقرب من ١٠٠ ألف مسلم منذ عام ٢٠١٢.. وفيما يلي نص الحوار:
■  بدايةً، هل قمت بزيارة مصر من قبل أم هي المرة الأولى؟
–  لا، هي المرة الأولى التي أقوم فيها بزيارة مصر.
■  من دعاك للزيارة؟
–  فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، نظراً لاهتمامه بأوضاع المسلمين في ميانمار، وما يتعرضون له من اضطهاد وأعمال عنف.
■  ما أسباب الزيارة؟
– لقاء شيخ الأزهر، وإطلاعه على المأساة التي يعيشها المواطن المسلم في ميانمار، وبحث سبل مساعدة مسلمي ميانمار، وتوفير الدعم لهم في مجالي التعليم والثقافة وغيرهما.
■ كيف ترى وضع مسلمي ميانمار، وإلى أي مدى يعانون؟
– مسلمو ميانمار يعانون أشد معاناة، ووضعهم سيئ للغاية، فأعمال العنف والقتل والاضطهاد ضد المسلمين الأبرياء تتزايد يوماً تلو الآخر، فمن وجهة نظر الحكومة مسلمو ميانمار ليست لهم أي حقوق حتى في الحياة، الحكومة تصادر أراضى المسلمين، وقوارب صيدهم دون سبب واضح، وتفرض ضرائب باهظة على كل شيء، كما تمنع بيع المحاصيل إلا للجيش أو من يمثلهم بسعر زهيد بهدف إجبار المسلمين على ترك ديارهم، أبسط حقوق المسلمين في استضافة أي ضيف في منازلهم ولو كانوا أشقاء أو أقارب غير مسموح به إلا بإذن مسبق، أما مبيت أحد الأقارب فيعتبر جريمة كبرى ربما يعاقب صاحبها بالاعتقال أو بهدم منزله.
■ متى بدأ العنف الطائفي في ميانمار وما أسبابه؟
– مسلمو ميانمار يعانون منذ عام ١٧٨٤، حينما احتلت «أراكان» من قبل الملك البوذي «بوداباي» الذي ضم الإقليم إلى ميانمار خوفاً من انتشار الإسلام في المنطقة، واستمر البوذيون البورميون في اضطهاد المسلمين ونهب خيراتهم، وأسباب الاضطهاد والعنف الطائفي الذي يعيشه مسلمو ميانمار حتى يومنا هذا – ترجع إلى خوف الحكومة من تزايد أعداد المسلمين، وهيمنتهم على البلد.
■ لماذا تخشى حكومة ميانمار تزايد عدد المسلمين؟
– حكومة ميانمار تخشى تزايد عدد المسلمين لأنها تعتبر المسلمين إرهابيين، وتستشهد بأعمال العنف التي يتبعها تنظيم «داعش» أو جماعة «بوكو حرام»، أو حركة طالبان، أو أي تنظيم يمارس أعمال عنف أو إرهاب تحت غطاء ديني، فضلاً عن أنها تعتقد أن ذبحنا الخرفان والبقر والجاموس في الأعياد عمل وحشي، وأننا إرهابيون ودمويون، فالعالم أجمع بات يخشى الإسلام والمسلمين، لأن هناك بعض المتخفّين وراء ساتر ديني يمارسون أعمالاً إرهابية، ولكن الغالبية العظمى من المسلمين متسامحون، ويمثلون الدين الإسلامي الصحيح.
■ هل يتعرض المسيحيون في ميانمار لما يتعرض له المسلمون؟
– نعم، يتعرضون لمضايقات أيضاً، لكن ليس بالشكل العنيف الكبير الذي يواجهه المسلمون، وقد يرجع السبب في ذلك إلى أن عددهم ليس بالكبير جداً، فلا يمثلون تهديداً بالنسبة للبوذيين في ميانمار مثل المسلمين الذين يتزايد عددهم بشكل كبير.
■ كم عدد المسلمين الذين تم تهجيرهم من ميانمار؟
– منذ عام ٢٠١٢ فرَّ أكثر من ١٠٠ ألف مسلم من ميانمار خشية الاضطهاد والفقر، ويتبقى نحو ١.٣ مليون من مسلمي الروهنجيا يعيشون في بيوت بدائية بإقليم أراكان في ميانمار.
■ هل يحمى دستور ميانمار الأقليات المسلمة ويمنحهم حرية العبادة؟
– الدستور يحمى الأقليات المسلمة لكن على الورق فقط، والمسلم مجرد جنسية، وليس مواطناً له أي حقوق، ولا حتى الحق في المواطنة الذي تحرمهم منه الدولة منذ ١٩٨٢ بحجة أنهم مهاجرون بنغاليون غير شرعيين.
■ كونك مفتي مسلمي ميانمار، هل تتعرض لصعوبات أو تهديدات من قبل المناهضين للإسلام؟
– نعم، أتعرض لمضايقات كثيرة، وفي حالة حدوث أي عمل إرهابي أو أي جريمة يتم استدعائي واستجوابي، فضلاً عن أنه يتم استدعائي من حين لآخر لمد الحكومة بآخر أخبار مسلمي ميانمار.
■ أعمال العنف ضد مسلمي ميانمار تتزايد، فهل تفكر في اللجوء إلى أي دولة أخرى؟
– لا أفكر في ترك وطني، وسأظل أعيش فيه حتى مماتي، وأنا أسافر لحضور مؤتمر أو في مهمة عمل لكن في النهاية أعود لأرض الوطن.
■ هل تم اعتقالك من قبل؟
– نعم كثيراً، أذكر أنني عام ٢٠١٠ دافعت عن حقوق المسلمين في ميانمار فتم اعتقالي، ومرة أخرى كتبت مقالة أدافع فيها عن حقوق مسلمي ميانمار فتم اعتقالي أيضاً.
■ هل لديك حراسة خاصة في ميانمار لحمايتك من أي تعديات من البوذيين أو غيرهم؟
– لا، ليس لدىَّ حراسة خاصة، وغالبية البوذيين جيراننا وأهلنا، ونتعايش معاً في سلام، لكن هناك فئة قليلة مناهضة للإسلام تمارس أعمال عنف واضطهاد ضد المسلمين، وفي آخر المطاف يتم وصف المسلمين بأنهم هم الإرهابيون وليس من يضطهدونهم.
■ إذن الأزمة في ميانمار تكون بسبب فئة قليلة من البوذيين تناهض الإسلام؟
– نعم، بجانب الدولة التي تخشى وجود المسلمين.
■ هل صحيح ما يردده مسؤولون حكوميون في ميانمار بأن الروهنجيا ليسوا مواطنين من ميانمار بل جاءوا من بنجلاديش؟
– لا، غير صحيح، لأن المسلمين يعيشون في ميانمار منذ مئات السنين، ويذكر التاريخ أن عام ١١٠٠ كان هناك مسلمون في بورما.
■ في مايو الماضي صادق رئيس ميانمار «ثين سين» على قانون جديد يحد من الإنجاب وينص على وجوب مرور ٣ سنوات على الأقل بين كل عملية ولادة، فهل المقصود بهذا القانون مسلمو الروهنجيا ؟
– قطعاً، مسلمو الروهنجيا هم المقصودون، وانتفض لهذا القانون العديد من المنظمات الحقوقية، لكن لا حياة لمن تنادي، والحكومة تمنع النساء من الإنجاب في حالات كثيرة، ويتم إجبار الفتيات المسلمات على الزواج من البوذيين، وإرغام المسلمات غير المتزوجات على الحضور إلى قيادة القوات المسلحة والعمل لمدة ٦ أشهر تحت إشراف أفراد قوات حرس الحدود، أقصد أن هذا القانون ليس أسوأ ما يعيشه مسلمو ميانمار.
■ كيف تصف النظام في ميانمار؟
– أصفه بأنه «نظام ديكتاتورى ظالم».
■ هل يؤيد البوذيون السياسة التي تتبعها ميانمار تجاه المسلمين؟
– لا، غالبية البوذيين متعاطفون مع المسلمين، وغير راضين عن أداء الحكومة ولا سياستها تجاه المسلمين، لكن من يؤيد الحكومة هم الفئة القليلة المناهضة للإسلام والمسلمين بالبلاد.
■ ما رأيك في استثناء المسلمين من أول إحصاء سكاني منذ ٣٠ عاماً؟
– حزين، لكن كل هذا بسبب خشية رئيس ميانمار من المسلمين ومعاملتهم على أنهم إرهابيون.
■ هل ترتدي النساء المسلمات الحجاب في ميانمار؟
– نعم، بعض النساء يرتدى، والبعض الآخر يخشى التعرض لمضايقات، لكن لا أحد لدينا يرتدى ما يسمى «البرقع»، لدينا الحجاب فقط.
■ هل تواجه النساء مشاكل بسبب ارتدائهن الحجاب؟
– نعم، أحياناً كثيرة، خاصة أثناء البحث عن وظيفة، حيث إنه غير مسموح للمحجبات بالعمل في المؤسسات الحكومية، ونادراً ما تجد من يقبل بمحجبة للعمل لديه.
■ هل يتم اضطهاد مسلمي ميانمار من قبل الشرطة أو الجيش؟
– هناك تفرقة عنصرية أو طائفية واضحة من قبل العاملين بالدولة تجاه المسلمين، والشرطة نفسها إذا رأت أحداً من المسلمين يتم التعدي عليه من قبل البوذيين المناهضين للإسلام تقف متفرجة، وتشاهد الموقف دون التدخل أو حتى منع الاعتداء على المسلم، المسلمون ليس لديهم أي حقوق في ميانمار.
■  ما سُبل حل الأزمة من وجهة نظرك؟
– سبل حل الأزمة تكمن في تأمين حماية عسكرية للأقلية المسلمة في «أراكان»، وإدراك ميانمار وحكومتها أن مسلميها مواطنون عاديون ولهم الحق في الحياة وليسوا إرهابيين، فضلاً عن أننا نرغب في أن يكون هناك ضغط دولي بشكل فعال وواضح.
■ ماذا تفعل الحكومة بالمساعدات التي تقدمها منظمات العالم الإسلامي؟
– الحكومة أحياناً كثيرة ترفض استقبال المساعدات الإنسانية خشية حصول المسلمين عليها، وتعلل رفضها بأن مواطنين بوذيين لا يريدون ذلك، إلا أن هناك منظمات كثيرة قدمت بالفعل الكثير من المساعدات لكن الحكومة لا توزعها على مسلمي ميانمار بل يقتسمها البوذيون فيما بينهم.
■ كيف ترى موقف دول العالم والدول العربية بشكل خاص تجاه ما يتعرض له مسلمو ميانمار؛ هل هو موقف متخاذل أم موقف إيجابي؟
– ميانمار كدولة لديها علاقات دبلوماسية قوية مع جميع دول العالم، وبشكل عام يعد موقف الدول العربية إيجابياً رغم أننا ننتظر المزيد، لأن العرب لديهم أموال كثيرة من الممكن المساهمة بها في إنشاء مستشفيات أو مدارس أو مساجد في ميانمار. وفيما يتعلق بالغرب وجدناهم تدخلوا سريعاً لحل المشكلة الأوكرانية، إلا أنهم لم يلتفتوا إطلاقاً لمسلمي ميانمار الأبرياء الذين يُذبحون أمام أعينهم دون ذنب.
■ ما الدور الذي تتمنى أن يلعبه المجتمع الدولي تجاه أحداث العنف ضد مسلمي ميانمار؟
– أتمنى أن يمارسوا ضغوطاً سياسية فعلية على ميانمار لوقف التفرقة بين طوائف ميانمار الدينية.
■ من وجهة نظرك، ما الدول التي تقوم بدور فعال وتسعى لحل أزمة مسلمي ميانمار؟
– أمريكا ثم أوروبا، وأي دولة أخرى تدعمنا دون أفعال.
■ أليس غريباً أن دولاً غير إسلامية هي التي تدافع عن حقوق المسلمين؟
– ليس غريباً لأنها في حقيقة الأمر لا تدافع عن المسلمين، هي فعلياً ضد المسلمين ولكنها تساعدنا من باب الدفاع عن الديمقراطية والحرية، فهي ترغب في أن تظهر دائماً في دور المدافعين عن الديمقراطية والحرية.
■ كيف ترى الدور الذي تلعبه إندونيسيا وماليزيا تجاه مسلمي ميانمار؟
– إندونيسيا وماليزيا دولتان آسيويتان تدعماننا بحكم الجيرة، واللاجئون من مسلمي ميانمار لبلادهم يتعايشون، ويعاملون بشكل جيد.
■ كيف ترى تنظيم «داعش» وأفعاله؟
– يسيء للإسلام ويشوه صورته السمحة.
■ ما رأيك في تجاهل الإعلام الدولي ما يحدث في ميانمار؟
– الإعلام الدولي بشكل عام يخشى الإسلام ولديه ما يسمى «الإسلاموفوبيا»، لذا لا يتم تسليط الضوء على مسلمي ميانمار لأنهم بالنسبة لهم إرهابيون.
■ هل مادة الدين الإسلامي تدرس في المدارس والجامعات بميانمار؟
– الدين الإسلامي لا يدرس في المدارس أو الجامعات الحكومية، من الممكن أن يدرس في مدارس خاصة، لكن أيضاً وقتما تريد الدولة إغلاق المدرسة تغلقها.
■ هل هناك مدارس أو جامعات تجمع بين جميع مواطني ميانمار بغض النظر عن دياناتهم؟
– نعم.. هناك مدارس عديدة تجمع بين طوائف دينية مختلفة ولكنها لا تدرس مادة دينية سوى البوذية.
■ ما أكثر شيء أثار إعجابك في مصر؟
– أعجبت بالثقافة المصرية، وبأن المصريين ودودون.
■ ما أكثر شيء لم يعجبك في مصر؟
– لم أذهب إلى أماكن كثيرة، لكن الأماكن التي قمت بزيارتها رائعة، وقد يكون هناك شيء لم يعجبني وهو طمع بعض المصريين خلال تعاملاتهم المادية معنا، وضرب مثالاً بسائق اتفق معه على القيام بجولة بـ٤٠٠ جنيه وأثناء محاسبته طالب بالضعف، «ورغم اتفاقنا معه من البداية إلا أنه لم يلتزم بالاتفاق، وهذا لا يحدث من الطبقة الراقية بل من الطبقة الفقيرة».
■ ما الأماكن التي قمت بزيارتها في مصر؟
– ذهبت إلى مسجد الإمام الشافعي، ومسجد الحسين، ومسجد السيدة زينب، ذهبت للمقامات القديمة، وذهبت إلى الإسكندرية ليوم واحد فقط ولكنى استمتعت بالبحر، باختصار نحن نعتبر مصر حقاً أم الدنيا، وهي في قلوبنا.
■ ما الشيء الموجود في مصر وتتمنى وجوده في ميانمار؟
– مصر بلد كبير وبه ثقافة دينية جميلة، وهناك تسامح ديني والجميع يحترم ديانة وثقافة الآخر، وذلك بالرغم من أن مصر دولة إسلامية وبها ديانات مختلفة إلا أنها كدولة تحترم الاختلاف وتحميه.. في مصر سلام وحرية وأمان أتمنى وجودها في ميانمار.
■ سعيد بنتائج زيارتك لمصر؟
– طبعاً، لكن كل ما حققناه من زيارتنا هذه لا يزال على الورق، أقصد بالكلام فقط، وأنتظر الفعل، ونتمنى أن ينفذ شيخ الأزهر ما وعدنا به من مساهمات وتعليم وتطوير وتدريب طلاب ميانمار.

شاهد أيضاً

“الروهنغيا”.. “إبادة جماعية” على وقع “كوفيد19”

وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات  وُصفت بأنها واحدة من أكثر الأقليات اضطهادا في العالم، …