بقلم: أسيد صديقي، كاتب وباحث كندي مستقل
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
تستمر ميانمار في سياسة التطهير العرقي ضد الروهنغيا بذرائع متعددة، ولم تواجه أي عقوبات أو مقاومة سياسية فعلية من المجتمع الدولي، وترى الورقة أن المقاومة الروهنغية المسلحة لن تستطيع الدفاع عن شعبها، والسبيل الأنجع هو تأليب الرأي العام الدولي للضغط على الحكومات لتتحرك.
مقدمة
منذ تاريخ 25 أغسطس/آب 2017، وفي عملية تهجير غير مسبوقة، أُجبر ما لا يقل عن 400 ألف روهنغي، من شمال ولاية أراكان، على اللجوء إلى دولة بنغلادش المجاورة(1)، وأُفرغت القرى التي كان يقطنها الروهنغيا بنسبة تقارب 40%.
وقال زيد بن رعد بن الحسين، رئيس المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، في حديث له حول الأزمة التي يواجهها مسلمو الروهنغيا في ميانمار: “يبدو الوضع وكأنه مثال تطبيقي من كتاب التطهير العِرقي”(2)، وشبَّه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الوضع بالإبادة الجماعية(3)، في حين أجمع المجتمع الدولي على الغضب واستنكار ما يجري في أراكان.
هذا وطالبت ملالة يوسف زاي، الناشطة في مجال حق الأطفال في التعليم والحاصلة على جائزة نوبل للسلام، مستشارةَ الدولة الميانمارية والزعيمة الفعلية، أونغ سان سو تشي، أن تعلن موقفها وأن تضع حدًّا للعنف الذي خلَّف مئات القتلى في صفوف السكان الروهنغيا. لكن سو تشي أصرت على موقفها المدافع عن توجهات حكومتها، وكانت ادَّعت، بعد بضعة أيام من اندلاع الأزمة، أن “الإرهابيين” هم من يتحملون المسؤولية عن الاضطرابات الأخيرة وعن نشر “جبل جليدي ضخم من التضليل الإعلامي”(4). وبينما تظل هذه السردية الرسمية للحكومة على حالها، فإن التاريخ يخبر بما يخالفها عما تم فعله ضد الروهنغيا؛ بما في ذلك ما تنتهجه الحكومة الميانمارية من سياسات عنصرية ومعادية للأجانب ما دعا الأمم المتحدة إلى إعلان أقلية الروهنغيا واحدة من بين أكثر الأقليات اضطهادًا وملاحقة قانونية في العالم.
وفي هذا السياق، تحاول الورقة إلقاء الضوء على تاريخ أزمة الروهنغيا، ومن ثم شرح كيف تمخضت هذه الأزمة عمَّا شهده العالم مؤخرًا من موجة عنف عارمة. كما تناقش ردود الفعل على المستويين الإقليمي والدولي. وأخيرًا، تعرض الورقة باختصار ما سيحمله المستقبل للروهنغيا وكيف سيكون وضعهم في ميانمار.
جذور أزمة الروهنغيا
تم إدراج الروهنغيا ضمن قائمة الجماعات الإثنية، البالغ عددها 135، التي تعترف بها حكومة ميانمار. لكن إثنية الروهنغيا تعتبر كيانًا غير قانوني تصنف الحكومة أفراده على أنهم أجانب قَدِموا من دولة بنغلادش المجاورة، وتشير إليهم باستعمال وصف “بنغاليون” بهدف “ازدرائهم” وإنكار وجود أي شعب روهنغي أصيل على أرض البلاد.
وعلى العكس من ذلك، يوجد عدد لا يُحصَى من الأدلة على أن الروهنغيا كانوا موجودين في منطقة أراكان منذ القرن السادس عشر(5). وقد كانت هناك حروب أهلية اندلعت، خلال القرن التاسع عشر، بين البوذيين والروهنغيا على إثر تسهيل قوات المستعمر استقدام أعداد كبيرة من العمال الروهنغيا بهدف الاستقرار والعمل في المناطق التي تمثِّل اليوم ميانمار الحديثة.
وخلال النصف الأول من القرن العشرين، وفي الوقت الذي تواصلت فيه النزاعات بين البوذيين والروهنغيا المسلمين، شهدت أوضاع الروهنغيا ترديًا ملحوظًا مع وصول المجموعة العسكرية إلى الحكم عام 1962. وفي العام 1982، صدر قانون تم بمقتضاه سحب الجنسية من الروهنغيا، وحرمانهم من أبسط حقوقهم المدنية الأساسية، مثل حرمانهم من حق العمل والإنجاب، وتواصل هذا المنع إلى ما بعد فترة الحكم العسكري(6).
في السنوات الخمس الماضية، تمكن الروهنغيا من فرض قضيتهم كمادة إعلامية لأهم العناوين الإخبارية الرئيسية في مختلف وسائل الإعلام العالمية، وفضح حملات كراهية الأجانب التي نُظِّمت ضدهم بقيادة مجموعة متحمسة من الرهبان البوذيين شديدي العداء للمسلمين. وتقود حملات الكراهية تلك، واحدة من المجموعات الرئيسية المسماة “ما با ثا”، والتي وضعت لنفسها هدفًا وحيدًا يتمثل في اجتثاث مظاهر النفوذ الإسلامي في البلاد، الذي يُنظر إليه باعتباره تهديدًا للهوية البوذية للدولة، على الرغم من كون نسبة المسلمين الروهنغيا لا تتجاوز 4? من مجموع السكان(7)، وكان من أبرز زعماء تلك المجموعة الراهب “ويراثو” الذي اكتسب شهرة عالمية واسعة بسبب مقترحاته المعلنة المعادية للروهنغيا خصوصًا والمسلمين عمومًا، ومن ذلك أنه دعا لفرض مقاطعة على الشركات الإسلامية العاملة في البلاد واقترح على الحكومة منع النساء البوذيات من الزواج من الرجال المسلمين، أو على الأقل ربط ذلك بموافقة أولياء أمر الفتيات البوذيات وعدم اعتراض السلطات المحلية(8).
وفي الوقت الذي تدَّعي فيه الجماعة البوذية المتشددة أنها حركة شعبية غير عنيفة، كانت من الجهة الأخرى تدعم كل عمل عسكري هدفه إنهاء وجود الروهنغيا في ولاية أراكان. وخلال الأزمة الأخيرة في 30 أغسطس/آب 2017، قال ويراثو لمجموعة من المتظاهرين في العاصمة يانغون(9): “قائد الجيش وحده هو الذي يمكنه حماية أرواح أبناء الشعب وممتلكاتهم…الجيش وحده هو المُخوَّل بإعطاء الدروس حول كيفية ترويض الإرهابيين البنغاليين”.
وفي مايو/أيار 2017، خلال مقابلة مع صحيفة الغارديان البريطانية، وردًّا على سؤال حول الانتهاكات العسكرية الواسعة التي شملت أيضًا اغتصاب نساء الروهنغيا، ردَّ ويراثو: “هذا أمر مستحيل، فأجسادهم عفِنة للغاية”(10).
التصعيد الأخير ودور الدولة الميانمارية
أعلنت السلطات الميانمارية، في 25 أغسطس/آب 2017، عن استهداف عدد من نقاط التفتيش التابعة للشرطة في ولاية أراكان.
تبع تلك الحادثة، وعلى امتداد الأسابيع القليلة التي تلتها، تنفيذ عمليات عسكرية شارك فيها الجيش بقوة وسُمِّيت بـ”عمليات تطهير”؛ وشملت حرق كل قرى الروهنغيا عن بكرة أبيها كما لقيت المحال التجارية نفس المصير، في حين فُتحت نيران الأسلحة على المدنيين العزل بمن فيهم النساء والأطفال.
واستنادًا إلى البيانات المسجلة، التي أبانت عنها صور الأقمار الصناعية، أفادت منظمة “هيومان رايتس ووتش” أن نحو 200 قرية روهنغية أُحرقت حتى سُوِّيت بالأرض. أما آخر عملية عسكرية ضخمة من هذا النوع فتم تنفيذها في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2016؛ حيث شهدت ظروفًا مماثلة من القتال بين قوات الأمن الميانمارية ومقاتلي المقاومة الروهنغية وأدت إلى فرار ما يقرب من مئة ألف شخص من المنطقة نحو بنغلادش(12).
في الوقت الحالي، نجد أن كلًّا من الحكومة المدنية وقوات الجيش متحدَيْن في انتهاج نفس التكتيكات تجاه الروهنغيا؛ حيث أعلنت مستشارة الدولة والقائدة الفعلية لها، أونغ سان سو تشي، قرار جيش بلادها شن حملات عسكرية على الروهنغيا في المناطق التي يشكِّلون فيها غالبية سكانية، ورفضت الاعتراف بارتكاب تلك القوات أي جرائم في حق الروهنغيا. وكانت سان سو تشي خاطبت شعبها، في كلمة ألقتها باللغة الإنجليزية في العاصمة يانغون في 19 سبتمبر/أيلول 2017، كانت موجهة لتهدئة الغضب الدولي وزعمت فيها عدم وضوح السبب وراء الفرار الجماعي لروهنغيا ولاية أراكان، وهي تسعى من وراء تعليقاتها هذه إلى حماية الجيش من الخضوع للمحاسبة(13).
لقد عصفت أزمة الروهنغيا بالصورة المثالية التي كان يحملها الكثيرون في العالم عن سو تشي ويرونها بطلة الديمقراطية والمدافعة المستميتة عن حقوق الإنسان، وأصبح العالم يراها عائقًا في وجه حلِّ الأزمة أكثر من كونها حَكَمًا نزيهًا فيها. خلال المرحلة التي سبقت انتخابات أكتوبر/تشرين الأول من العام 2015 والتي أوصلت حزبها إلى سدة الحكم، رفضت سو تشي أن يترشح أي مسلم على قائمة حزبها، الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية(14). كما منعت في العام 2016 موظفي الدولة من استخدام مصطلح “الروهنغيا”، وهو ما اعتُبر حينها، على نطاق واسع، حركة تهدف إلى تهدئة غضب المتطرفين البوذيين في ولاية أراكان. وكانت وزارة الإعلام الميانمارية أصدرت تعليمات لموظفيها بالإشارة إلى الروهنغيا على أنهم “أناس يؤمنون بالإسلام يعيشون على أرض ولاية أراكان”(15).
تعكس هذه القرارات السيطرة شبه المطلقة للجيش على سياسة الدولة حيال الروهنغيا، في حين يظل قائد القوات المسلحة في مأمن من خضوعه للمحاسبة من قبل الحكومة المدنية، بل وحتى من زعيمة ذات شهرة عالمية مثل سو تشي.
وفي حديث أدلى به آرون كونيلى، الزميل الباحث في برنامج شرق آسيا في معهد لويي في سيدني لشبكة (سي. إن. إن)، قال فيه: إنه وفقًا للدستور الميانماري، فإن “القائد العام للقوات المسلحة (في دولة ميانمار) هو سيد نفسه وغير مسؤول أمام أونغ سان سو تشي، ولا يمكن عزله من منصبه”(16).
هذا، ويضمن الدستور الميانماري لعام 2008، الذي صاغه النظام السابق، نسبة تمثيل للعسكر داخل البرلمان لا تقل عن 25? من مجموع المقاعد، كما يضمن للجيش مناصب وزارية رئيسية مثل وزارتي الدفاع وأمن الحدود -وهي مناصب حاسمة في الإشراف على أية عملية انتخابية تجُرى داخل البلاد-، بالإضافة إلى منح الجيش الحق في اعتماد وإقرار ميزانيته الخاصة دون الخضوع لأية رقابة مدنية؛ ومن ثم تعبيد الطريق أمام جنرالات الجيش السابقين وقادة القوات المسلحة وتمكينهم من رسم توجهات السياسات الأمنية في ميانمار، وخاصة منها تلك المتعلقة بالتعامل مع الروهنغيا(17).
وفى مارس/آذار 2017، قال قائد القوات المسلحة الميانمارية، الجنرال مين أونغ هلينغ: “استطعنا بالفعل جعْل العالم يعرف أنه لا وجود للروهنغيا في بلادنا…والبنغاليون الموجودون في ولاية أراكان ليسوا مواطنين في دولة ميانمار وهم لا يعْدُون كونهم أناس قَدِموا إلى بلادنا وبقوا فيها”(18). كما شجب هلينغ، كل دعوة أو حديث عن إمكانية منح الجنسية الميانمارية للروهنغيا حاسمًا بذلك موقف الجيش من الصراع القائم؛ وتؤكد هذه التصريحات على أن الاستراتيجية المتبعة، التي يتم تنفيذها اليوم، تقوم على اعتماد تصفية جسدية متواصلة للروهنغيا في ولاية أراكان.
رد فعل الروهنغيا
كان ردُّ فعل غالبية الروهنغيا تجاه مأساتهم الموجعة سلميًّا بشكل عام. والشكل المقاوِم الوحيد الذي وُجد تَمَثَّل في تشكيل مجموعة مسلحة صغيرة ومحدودة العدد.
الرد الإقليمي والدولي
أشعلت الأزمة، على المستويين الإقليمي والدولي، غضبًا عارمًا حول العالم؛ فمع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، شاهد المليارات من الناس تلك الصور المروعة القادمة من ولاية أراكان للاجئين الروهنغيا، الذين لم يجدوا من يساعدهم، وهم يفرون من البلاد ويسلكون طرقًا خطيرة ووعرة وسط الغابات بحثًا لهم عن ملجأ آمن. وخرجت مظاهرات حاشدة من كندا إلى ماليزيا للدفاع عن قضية الروهنغيا، كما رأينا عددًا كبيرًا من الزعماء السياسيين في العالم يرفعون أصواتهم ويلعبون دورًا أكبر في الأزمة وأكثر وضوحًا مما كانوا يقومون به خلال أحداث سابقة.
من جهته، قال نجيب رزاق، رئيس وزراء ماليزيا، والذي تشهد بلاده موجات نزوح كبيرة للروهنغيا، (في 9 سبتمبر/أيلول 2017): “بالاعتماد على التقارير التي وصلتنا، فإن الروهنغيا يعانون من التمييز ولا يلقون أية رحمة أو شفقة…أما الآن، فإن كل هذا يُنفَّذ ضدهم بشكل مخطط له ومُمنهج، فهم اليوم يواجهون التمييز العرقي والديني ويُعذبون ويُقتلون وتُغتصب نساؤهم”(22).
مما لا شك فيه أن أكثر الأماكن تأثرًا بالأزمة هي بنغلادش، الجار الشمالي لدولة ميانمار؛ حيث فرَّ إليها الجزء الأكبر من آلاف اللاجئين. ومؤخرًا، وصفت الأمم المتحدة المشاهد على الحدود بين البلدين بالفوضوية، وأن “مساعدات دولية ضخمة” باتت ضرورية لإغاثة اللاجئين الروهنغيا(23).
أما استجابة الحكومات وتفاعلها مع الأزمة الحالية فقد حققت نتائج أفضل بكثير مما كان منها في أكتوبر/تشرين الأول 2016؛ حيث ذكرت جماعات حقوق الإنسان حينها أن الحكومة البنغالية تقاوم تدفق اللاجئين(24).
أما الولايات المتحدة الأميركية، التي كانت أقرب حليف لسان سو تشي، فقد ندَّدت بدورها بالعنف المرتكب؛ ففي اجتماع حول عمليات السلام عُقد في الأمم المتحدة، في 20 سبتمبر/أيلول 2017، أشار نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، إلى “الوحشية الرهيبة” للجيش الميانماري في حق الروهنغيا”، مضيفًا: “صدمت صور العنف المرتكب ضد الضحايا الشعب الأميركي وكل الشعوب المحترمة حول العالم”(25).
لكن ومع ذلك، فإن مايك بنس لم يوجِّه نقدًا علنيًّا لحكومة سو تشي، وهي خطوة حذرة منه مبنية على مراعاة العلاقات الأميركية-الميانمارية التاريخية، ولذلك لم يكن موقفه مستغربًا؛ فعلاقات سو تشي الوثيقة مع إدارات البيت الأبيض السابقة -التي كانت تدعم نضالها بقوة- تُقيِّد الحكومة الأميركية، في بعض الأحيان، وتمنعها من انتهاج سياسة أكثر صرامة ضد حكومتها. ونذكِّر في هذا السياق بإشادة وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، بدور الولايات المتحدة وجهودها لإنجاح سو تشي في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015، واصفة ذلك الدعم بأنه “تأكيد على الدور الحاسم الذي تلعبه، ويجب أن تلعبه، أميركا في العالم لتأييد ومناصرة السلام والتقدم”(26).
من بين مؤيديها القليلين، كانت الصين هي الدولة الوحيدة التي دعمت حكومة ميانمار بشكل كامل منذ بدء الأزمة، وقال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، في اجتماع له مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: “إن لحكومة ميانمار الحق في حماية بلادها من التهديدات المحدقة بها”(27). ومعروف أن للصين علاقة وثيقة مع الجيش الميانماري تعود إلى حقبة حكم المجلس العسكري، الذي قدَّمت له بيجين حينها معونات سخية من الأسلحة وبَنَت منشآت عديدة عسكرية في البلاد ساعدت النظام العسكري على تأكيد فرض سلطته على البلاد(28).
أما موقف الحكومة الهندية، وهي أيضًا حليف وثيق للحكومة الميانمارية، فكان أقرب لرفض انتقاد حكومة حليفتها خاصة أن وسائل الإعلام الهندية الرئيسية ووزراء في الحكومة كانوا يحذِّرون من احتمال دخول “إرهابيين” من الروهنغيا إلى البلاد.
وتنظر المحكمة الهندية العليا حاليًّا في تقرير مصير أربعين ألف روهينغي كانت الحكومة قد أعلنت عن نيتها ترحيلهم(29). إلا أن الهند عمدت مؤخرًا، وبعد ملاحظتها خطورة الوضع وحالة الغضب العام في جميع أنحاء العالم، إلى التخفيف من التشدد في موقفها، ودعت حكومة ميانمار إلى وضع حدٍّ لاضطهاد الروهنغيا(30). كما دعت الصين، من جانبها، إلى إيجاد حل دبلوماسي للصراع، ووعدت مؤخرًا بنقل قلق الحكومة البنغالية من قضية الروهنغيا لحكومة ميانمار(31).
في الوقت الذي لا يوجد فيه لشعب الروهنغيا تقريبًا أي موارد سياسية أو مادية في وطنهم، ولا حتى جماعات ضغط مقيمة في الخارج للدفاع عن قضيتهم، فإن زيادة الوعي العام، الذي كانت تفتقده قضيتهم في السنوات السابقة، يمكن أن يكون هو الأمل الوحيد لهم في مثل هذا الوضع الكارثي.
آفاق الأزمة
في الفترة الماضية، وفي الوقت الذي كانت فيه موجة العداء الموجَّه ضد الروهنغيا على أشدها، ورغم أن عناوين كبريات الصحف العالمية كانت تهتم بمتابعة قضيتهم، إلا أن ذلك الزخم الذي جلبته القضية كان يتبدد في نهاية المطاف بسبب انشغال الهيئات الدولية بمتابعة الحروب الجارية في الشرق الأوسط مثل تلك التي يشهدها العراق وسوريا.
لكن مع هذا التصعيد الأخير، بات من الواضح أن قضية الروهنغيا لاقت اهتمامًا أكبر مما كان عليه الأمر في السنوات السابقة، ومن المرجح أن تحتل هذه القضية مكانًا متقدمًا على قائمة الأزمات الدولية التي تتطلب معالجة عاجلة. مع الأخذ بالاعتبار، أنه بالنظر إلى الأسس الجيوسياسية للصراع الذي يشمل دولًا ذات وزن كبير مثل الصين المنحازة بقوة لجانب الحكومة الميانمارية، فسيكون من الصعب التوصل إلى توافق في الآراء بشأن هذه القضية.
أما بالنسبة لآفاق نجاح المقاومة المسلحة في تحقيق أهدافها، فإنه من المستبعد جدًّا حدوث ذلك؛ لأن الروهنغيا لن يكونوا قادرين على المواجهة في معادلة قوة غير متكافئة مع ما تمتلكه حكومة ميانمار من موارد عسكرية ضخمة. ومع تزايد العنف المرتكب ضد مجتمع الروهنغيا، فإن المقاومة الروهينغية التي تستهدف الجيش الميانماري سوف تستمر في النمو.
أما أفضل خيار للروهنغيا من أجل ليِّ ذراع الحكومة الميانمارية، التي تتزعمها سو تشي، وحملها على وقف حملاتها العنيفة ضدهم فيكمن في الدعم الذي تلقاه قضيتهم لدى الرأي العام في جميع أنحاء العالم وأملهم في أن يتحول ذلك الدعم إلى خطوات فعالة من قبل حكومات البلدان الأجنبية والمؤسسات الدولية التي تُحمِّل حكومة ميانمار المسؤولية عن تجاوزاتها ضد مجتمع الروهنغيا.