وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
مأساة مسلمي ميانمار ونزوح الكثير منهم إلى بنغلادش طمعا في الأمان لم يُنهِ مأساتهم المستمرة خاصة مع قلة المساعدات التي تصل إليهم والظروف القاسية التي يعيشونها، وفي نفس الوقت قلة المعلومات التي تصل إلى الاعلام والعالم عن معاناتهم ضاعفت من قسوة الظروف التي يمرون بها.
الناشطة الكويتية في المجال الخيري والتطوعي الأستاذة عائشة الشربتي، زارت مخيمات اللاجئين في بنغلادش واطلعت على أحوالهم وها هي تنقل لنا الصورة من خلال هذا الحوار الذي خصت به المركز الدولي للأبحاث والدراسات (مداد) .
س-كيف بدأت فكرة زيارة مخيمات اللاجئين الروهنغيا في بنغلادش ولماذا؟
مشروعي الخاص المتمثل في رحلة “مع اللاجئين” المعنية بتقديم المساعدة للاجئين في العالم، بدأ بمساعدة اللاجئين العرب في أوروبا ولبنان وكان من الضروري مشاركتي في آخر أزمة لجوء وأكبر مخيم لاجئين في العالم وهو مخيم الروهنغيين في بنغلادش.
س-هل كانت مشاركتك مشاركة فردية أم بالتعاون مع مؤسسات خيرية خليجية أو عالمية وهل رافقك أيضا نشطاء عاملون في المجال التطوعي؟
زياراتي ومشاركاتي دائما ما تكون فردية، وأنضم في الميدان لإحدى المنظمات الإنسانية في بنغلادش، وقد تعاونت مع مفوضية شؤون اللاجئين ومنظمة إنسانية غير ربحية اسمها “أوبات”، وهي منظمة جمعت المتطوعين الشباب من مختلف دول العالم. كان هناك أيضا متطوعون من باكستان، نيوزلندا، فيتنام، بروناي، وبريطانيا.
س-كم يقدر عدد اللاجئين الروهنغيا في بنغلادش ومتى تم إنشاء هذه المخيمات، هل ممكن أن تصفي لنا حالة هذه المخيمات؟
وفق إحصاءات الأمم المتحدة، بلغ عدد اللاجئين مليون لاجئ في نهاية السنة المنصرمة، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى المليون ونصف مليون في منتصف العام الجاري.
بعض المخيمات تعود لعملية النزوح الأولى التي كانت في سبعينات القرن الماضي، وعملية النزوح الثانية التي صارت في الثمانينات، والثالثة التي كانت في التسعينات، والأخيرة التي حدثت في شهر أغسطس الماضي.
المخيمات تقع في منطقة غابات، فتجد أن الطريق في المخيم وعر وصعب، يبدأ بأرض استواء ومن ثم تصعد تلا وتنزل واديا، وتقع في منطقة تواجد الفيلة، مما يجعل هجوم الفيلة على اللاجئين وخاصة الأطفال مشاعا وحادثا غير مستغربا بل متوقعا.
الجو خانق بسبب حرق اللاجئين لأغصان الشجر من أجل التدفئة والطهو، والازدحام السكاني يضاعف من حجم المشكلة، الأطفال يسيرون عراة بلا ملابس ولا أحذية، ويشربون مياه الأمطار والمجاري الملوثة، يعانون حاليا من أعراض مرض الدفتيريا بسبب عدم حصولهم على التطعيمات المناسبة.
س-وماذا عن المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الإغاثية؟
قضيت في بنغلادش خمسة أسابيع، رأيت فيها الكثير من المنظمات الإنسانية المعنية بتقديم المساعدات والإغاثة من الدول الخليجية والعالمية.
س-برأيك، ما هي أهم احتياجات اللاجئين، وهل من السهولة للمتطوعين أو المؤسسات الخيرية والتطوعية الوصول إليهم؟
احتياجات اللاجئين أغلبها احتياجات أساسية من المفترض أن يحصل عليها أي إنسان بسهولة وبدون مطالبة حفظا لكرامته الإنسانية، من ماء نظيف، ومسكن صالح للسكن، ورعاية طبية محترمة، والغذاء. لكنهم للأسف يعيشون على الهامش بسبب كثرتهم وبسبب عدم امتلاكهم أي أوراق ثبوتية مما يجعلهم لاجئين وعديمي هوية في ذات الوقت.
في دراسة لأهم حاجات اللاجئين قامت بها مفوضية شؤون اللاجئين في المخيم، تم سؤال الأشخاص عن حاجاتهم، فتنوعت الأجوبة بين ماء وغذاء وملبس، لكن الغرابة كانت تكمن في طلب متكرر، أن كمية ليست قليلة من الأشخاص طلبوا الحصول على مرايا، فبعضهم لم يرَ نفسه لأشهر، ولا يعرف كيف يبدو شكله الآن.
ومن خلال تجربتي الخاصة، المتطوعون مرحب بهم من قبل المنظمات الإنسانية الموجودة في الميدان، طالما يتقنون اللغة الإنجليزية ويملكون المهارات المطلوبة وفق الحاجات.
س- ما نسبة الأطفال من بين اللاجئين الروهنغيا وهل تتوفر لهم فرص التعليم، وما هو وضعهم الصحي والمعاشي والاجتماعي؟
وفق إحصائية نتائج التعداد الأسري للاجئي الروهنغيا التي قامت بها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين شهر ديسمبر، نسبة الأطفال في المخيم تبلغ 55% من التعداد السكاني.
وبسبب القيود التي تفرضها الحكومة البنغلادشية على لاجئي الروهنغيا، يحصلون على التعليم غير الرسمي من خلال المراكز التعليمية التي توفرها المنظمات الإنسانية.
للأسف بعض الأطفال لا يرتادون المدارس لأن أغلب الأطفال يعيلون أطفالا آخرين، وبعضهم يعمل لمساعدة عائلته والبعض الأخر يخرج من الصباح لجمع أغصان الشجر.
س-كيف كان تفاعل اللاجئين معكم وما هي أهم الرسائل التي طلبوا منكم إيصالها للمجتمع الخليجي والدولي؟
الشعب الروهنغي شعب جميل ولطيف واستقبلنا استقبالا حميميا، كانوا ممتنين للمساعدة التي نقوم بها، والجهد الذي نبذله من أجلهم، كان بعضهم يساعدنا من فرط امتنانه لنا.
طلبوا أن نوصل رسالتهم وقصصهم للعالم، كنت أقابل النساء وأنقل قصصهن من خلال حسابي على انستغرام، وكنت أسأل في كل مرة “ماذا تريدين أن تقولي للعالم؟” وكانت إجاباتهن دائما ما تكون “ما يحدث لنا حقيقة لا إشاعة ونحن هنا لنخبركم ما حدث هناك”.
س-ما هي أغرب القصص التي شاهدتموها أو سمعتم عنها من خلال هذه الزيارة؟
لا أستطيع تفضيل قصة على قصة من حيث الغرابة، حيث إن أغلب القصص تتشابه. حين كنت أقابل النساء من أجل نقل قصصهن كن يخبرنني بما مررن به، والتفاصيل وإن اختلفت قليلا تتشابه بالجوهر العام، كان الجيش حين يصل للقرية يجمع سكانها في مكان واحد، يفصل الرجال عن النساء والأطفال، ثم يقومون برمي الرجال والشباب بالرصاص، ويأخذون الأطفال الذين تبلغ أعمارهم أقل من 10 سنوات ويرمونهم في الهواء ويقطعون رؤوسهم قبل أن يسقطون أرضا، ثم يجمعون النساء في مكان معين ويتم اغتصابهن جماعيا من قبل الجيش، ثم يتم إلقاء الكيروسين عليهن ويضرمون النار في المكان. لذلك نجد أن معظم النساء الناجيات يعانين من حروق في أجسادهن.
س-بعد عودتكم للكويت هل قمتم بجهود معينة لإيصال صوت ومعاناة اللاجئين الروهنغيا إلى الإعلام أو الجهات العاملة في المجال الخيري، لتقديم الدعم لهم، وهل لاقت مطالباتكم صدى عند أحد هذه الجهات؟
أحاول أن أنقل تجربتي للجمهور من فترة الاستعداد للرحلة حتى العودة، وأشاركهم رحلاتي والقصص التي أتعرف عليها والأشخاص الذين أقابلهم والمتطوعين الذين أعمل معهم، وأنشر معاناتهم على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وأفتح حلقة وصل للتواصل لمن يرغب بالتواصل ومعرفة المزيد من المعلومات وأوجه المساعدة الممكنة.
س-برأيك سبل الوصول إلى المخيمات اللاجئين هل هي متاحة أو على الأقل ممكنة أم صعب الوصول إليهم؟
يتواجد اللاجئون في منطقة اسمها كوكس بازار، وهي منطقة ساحلية تبعد مسافة ساعة في الطيران الداخلي من دكا عاصمة بنغلادش، ثم مسافة ساعة ونصف الساعة بالسيارة من أجل الوصول للمخيمات، وساعة ونصف ساعة أخرى داخل المخيم نفسه.
الوصول للمخيمات ليس سهلا لكنه ليس صعبا أيضا، من يريد أن يقدم المساعدة سيقوم بما هو المطلوب ليكون في موقع الحدث.
قد تكمن الصعوبة في وسائل التنقل، حيث إن وسيلة التنقل المتعارف عليها في كوكس بازار هي التوك توك، والتي تكون متعبة بسبب التلوث، وبطء حركتها.
س-أخيرا ما الرسالة التي تريدين إيصالها من خلال المركز الدولي للأبحاث والدراسات مداد عن أوضاع اللاجئين الروهنغيا في بنغلادش؟
قضية لاجئي الروهنغيا قضية متجاهلة من قبل المجتمع الدولي، ولم يسلط عليها الإعلام التركيز الكافي، ما يحدث في ميانمار هي عملية تطهير عرقي وتحتاج لوقفة جادة وفي أسرع وقت.
اللاجئون بحاجة لآبار مياه صالحة للشرب، لمدارس رسمية، وللمزيد من العيادات الطبية، ولحلول دولية جذرية ليحصل اللاجئين على أوراق ثبوتية وجميع حقوقهم التي تضمن لهم المعيشة الكريمة.