أخبار عاجلة

الروهنجيا .. مأساة تتخطى الحدود

وكالة أنباء أراكان ANA: (قنا)
تصدرت مأساة المسلمين الروهنجيا واجهة الأحداث من جديد ، بمجرد أن مست تلك الأزمة حدود الدول المجاورة ، وكأن قدر تلك القضية أن تطرح على طاولة النقاش الدولي فقط حين تمثل صداعاً للجيران، لكن فيما عدا ذلك ، فلا مانع من أن يموت مسلمو الروهنجيا حرقاً أو غرقاً وسط صمت دولي مريب.
فقد اتفق المشاركون في اجتماع ، استضافته بانكوك عاصمة تايلاند حول” الهجرة الدولية غير الشرعية في المحيط الهندي ” على تحديد إطار زمني لا يتجاوز 30 يوماً لوضع حلول عملية لمشكلة اللاجئين الروهنجيا في المحيط الهندي، وما تمثله مراكب الموت التي تقلهم لتهديد استقرار المنطقة .
وقد عقد المؤتمر بمشاركة ممثلين عن مسلمي الروهنجيا ووفود 17 دولة على رأسها دول الجوار بنغلاديش وإندونيسيا وماليزيا ،وهي الدول التي رفعت صوتها بالشكوى من قوارب الفارين الروهنجيا من الحصار والتهميش في ميانمار.
وخلال اجتماع تايلاند، طالب ممثل ميانمار هتين لين بتأجيل المناقشات وعدم تحميل بلاده المسؤولية، بل اعترض من الأساس على وجود ما يسمى بالروهنجيا في بلاده واصفاً إياهم بالمهاجرين البنغلاديشيين.
ووفقاً للأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة ،فقد بلغ عدد الروهنجيا الفارين في المحيط الهندي خلال الربع الأول من عام 2015 نحو 25 ألف شخص،وخلال الأيام الماضية علق قارب على متنه أكثر من 700 مهاجر بعدما جرى اعتراض طريقه قبالة السواحل ، فيما أبلغت ميانمار بأنها غير مسؤولة عن الأزمة.
وفي الأسابيع الأخيرة، نزح الآلاف من الروهنجيا المسلمين الفارين من ميانمار واللاجئين من بنغلاديش عبر قوارب متهالكة للبحث عن عمل على شواطئ تايلاند وإندونيسيا وماليزيا. ويعتقد أن الآلاف لا يزالون عالقين في المحيط على متن قوارب مزدحمة بعد أن تخلى تجار الهجرة غير الشرعية عنهم بعد مطاردات من قبل السلطات التايلاندية.
واعتقلت الشرطة التايلاندية عدة مهربين مشتبه بهم بعد اكتشاف مقابر جماعية تحتوي على 30 جثة على الأقل في مخيم في منطقة ساداو في تايلاند، بالقرب من الحدود مع ماليزيا مطلع مايو الماضي .
وذكرت جماعات حقوقية،أن تايلاند تتبع سياسة إبعاد القوارب التي تحتوي على طالبي اللجوء منذ فترة طويلة، بما في ذلك الناجون المحتملون من الاتجار بالبشر. 
وتشمل السياسة التي تسمى “المساعدة على الرحيل” توفير الحد الأدنى من الغذاء والماء للقوارب ومن ثم توجيهها نحو ماليزيا.
وقد سبق هذا التحرك الأخير اجتماع مماثل في ماليزيا قبل نهاية شهر مايو اتفقت فيه كل من تايلاند واندونيسيا وماليزيا على استضافة الفارين الروهنجيا في معسكرات استقبال لمدة عام واحد فقط، بالإضافة إلى  دعوة ثلاثة مراقبين من الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا واليابان لمراقبة الوضع في المحيط الهندي ورصد تحركات مراكب اللاجئين من ميانمار إلى الدول المجاورة.
 وعقد مجلس الأمن لأول مرة جلسة مغلقة لبحث وضع حقوق الإنسان في ميانمار مع التركيز على محنة أقلية الروهنجيا المسلمة، واستمع الاجتماع إلى  مداخلات من مندوب روسيا الذي طالب مجلس الأمن بإنشاء منتدى لبحث حقوق الإنسان انطلاقا من مشكلة اللاجئين الروهنجيا .
فيما دافعت الصين عن ميانمار، مشيرة إلى  أن طرح الأمر للنقاش هو تدخل في الشأن الداخل لدولة أخرى – في إشارة إلى  ميانمار- لكنها عبرت عن القلق بشأن الوضع الراهن.
وطالبت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية بالرفع الفوري للقيود على حرية التنقل لأكثر من 140 ألفا من الروهنجيا المحاصرين في المخيمات دون أن تتاح لهم فرصة تذكر للحصول على دعم إنساني.     
مأساة الروهنجيا .. فرضت نفسها بقوة أيضاً في اجتماع ضم فائزين بجائزة نوبل للسلام، نهاية الأسبوع الماضي بالعاصمة النرويجية أوسلو، طالب المشاركون فيه بوضع حد للاضطهاد والظلم بحق مسلمي الروهنجيا في ميانمار، واصفين ما يرتكب بحقهم بالإبادة العرقية.
استمر المؤتمر لثلاثة أيام ، حيث شاهد المشاركون خطابات متلفزة لعدد من الحاصلين على جائزة نوبل، ومن بينهم “ديزموند توتو” كبير أساقفة جنوب أفريقيا والمحامية الإيرانية “شيرين عبادي” ورئيس تيمور الشرقية الأسبق “خوسيه راموس هورتا”.ولم توجه الدعوة فيه للمعارضة الميانمارية ” أونغ سان سو تشي” الحاصلة على جائزة نوبل، والتي حصلت على تقدير المجتمع الدولي بخطاباتها التي طالما انتقدت خلالها النظام العسكري الحاكم في البلاد طيلة 15 عاما كنت تخضع خلالها للإقامة الجبرية بمنزلها، لكن صمتها حيال ما يتعرض له مسلمو الروهنجيا من ظلم وعنصرية، فتح الباب أمام توجيه انتقادات كبيرة لها.
وذكر بيان صدر في نهاية المؤتمر،أن ما يرتكب بحق مسلمي الروهنجيا من ظلم، هو إبادة عرقية ، مطالبا المجتمع الدولي باتخاذ كافة التدابير من أجل ممارسة مزيد من الضغوط على السلطات في ميانمار.
وفي تطور لافت للأزمة أصدرت ميانمار نتائج تفصيلية لأول تعداد سكاني يجرى في مختلف أنحاء البلاد منذ 3 عقود لكن لم يتم حساب عدد الروهنجيا حيث لم يشمل التعداد أكثر من مليون شخص في ولاية أراكان غرب البلاد ،وحدد التعداد السكاني الذي صدرت نتائجه الأولى العام الماضي إجمالي عدد سكان ميانمار بـ51.5 مليون من بينهم نحو 1.5 مليون شخص لم يتم تسجيلهم بشكل رسمي في ولايات أراكان وكاشين وكاين ،ولم تسمح ميانمار للروهنجيا الإسلامية بالتسجيل بوصفهم من السكان، لكن كبنغاليين فقط، مما أدى إلى  عدم مشاركة معظمهم في التعداد السكاني. 
وتعود أزمة الروهنجيا مع سلطات ميانمار إلى  يونيو 2012، عندما اندلعت اشتباكات بين البوذيين والأقلية المسلمة في ولاية أراكان غربي البلاد، وأسفرت عن مقتل 192 شخصا على الأقل في ذلك العام ،وكان معظم قتلى الاشتباكات من المسلمين الروهنجيا، الذين يعيشون في ظروف تشبه العزل العنصري ، وتقول الأمم المتحدة إن نحو 140 ألفا من المسلمين الروهنجيا لا يزالون يعيشون في مخيمات بعدما قام بوذيون بطردهم من ديارهم في 2012 ،وظل التوتر الطائفي مخيما على أراكان، واضطرت وكالات المساعدات لترك الولاية في مارس عندما هاجم البوذيون مكاتبها بعد أن اتهموها بمحاباة المسلمين. 

شاهد أيضاً

“الروهنغيا”.. “إبادة جماعية” على وقع “كوفيد19”

وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات  وُصفت بأنها واحدة من أكثر الأقليات اضطهادا في العالم، …