[caption id="" align="alignleft" width="300"] حالُنا كحال الدجاج محبوساً قبل الذبح[/caption]
حالُنا كحال الدجاج محبوساً قبل الذبح
* الظلم يلحق بالمسلمين في أركان الأرض، ولو كانت لكل مصيبة فائدة، فلا أرضية أكثر من واقع الظلم الذي يقع على المسلمين الآن كي يتحدوا.. إن لم يتحد المسلمون ويتركوا ثاراتهم وخلافاتهم خلفهم، وإلا فإن الأفواه مفتوحة لشرب دمائهم أحياء. كل مكان تجد فيه مسلمين كمجموعات ضمن أمة ستجد التفرقة والاضطهاد. بجنوب شرق آسيا المسلمون نسيجٌ هش، وإن لم يتحد المسلمون الآن لحماية مسلمي بورما وتايلاند والفلبين وكمبوديا وكوريا والصين، فإن الدول التي يسود بها الإسلام مثل إندونيسيا وماليزيا ستكون مهددة بجوهرها الإسلامي.. وحتى بنجلادش. وآسف أن أقول إن أضعف التجمعات الدولية بكل أشكالها مؤتمرات واتحادات ولجان هي الإسلامية. إنها حرب معلنة لتصفية الدم المسلم.. بل إن الرئيس البورمي هكذا قام فقرر أن على المسلمين ببلاده أن يرحلوا، أو يبادوا.. ولما حاولوا الرحيل أول من قفل الحدود بوجوههم بلدٌ إسلامي، بنجلادش. إن لم يبدأ الحل من إصلاح المسلمين بوحدتهم فعندما تقع المآسي والفظائع لن ينفع الصراخ.
***
* أول ما وصل المسلمون لأراكان، كانت ما يسمى بورما عبارة عن مناطق ساحلية وغابات ولم تأخذ تشكيل دولة حقيقية، يمكننا القول إن أول من استقر في المنطقة المحشورة بين بنجلادش الآن وتايلاند استقرارا نظاميا هم المسلمون. كان هناك بالطبع سكانٌ أصليون ولكنهم سكان غابات أو صيادو أسماك، ولم تظهر لهم حضارة كبيرة كما في تايلاند وكمبوديا والتبت من سلسلة الدول البوذية. كان ذلك في القرن التاسع الميلادي، أي قبل أكثر من ألف عام قبل أن يكون الإسلام حاضرا في إندونيسيا بقرون. وتفاوتت آراء باحثي الحضارة من أين جاء أول المسلمين، حتى وجدت مخطوطة قديمة مشروح بها أن أخوين من عائلة اسمها البايت وصلا سباحة للساحل بعد غرق سفينة تقلهما، وقيل إنهما من مسلمي مغول الهند، وقيل من العراق.. إلا أن المخطوطة تقول: "دهش الأهالي لوصولهما، فقد كانا أبيضي البشرة فائقي الطول، وفيهما شجاعة وقوة توازي قوة فيل صغير!" ثم تتابعت الهجرات الإسلامية من الهند والتجار العرب ولم يأت القرن السابع عشر إلا والنفوذ والتجارة والعلم بيد المسلمين وجعلوا مملكة بورما أقوى مواقع التجارة الآتية من إفريقيا وبلاد العرب والهند إلى تايلاند وجزر الفلبين والصين وكوريا، ودافعوا عنها مرارا وانتصروا، وشكلوا أسس الدولة من حيث كونهم مستشارين وحكام مناطق.
***
* لم يكن بدء قهر وتهميش وإبادة المسلمين عنصريا أو دينيا فقط بعد الحرب العالمية الثانية، فقد تعرضوا لاضطهاد ساحق من القديم، وينجون استقواءً بجموع الإسلام في شمال شرق الهند (بنجلادش الآن) وماليزيا، ولتحكمهم بمفاصل البلاد بالتجارة وإدارة الحكم. ففي القرن السادس عشر غضب الملك "بايناونج" وتضايق من كلمة "حلال" بالذات، فأمر بطمس الحلال، وأن يأكل المسلمون بطريقة البوذيين وإلا قتلهم، وبدأت مجازر جماعية لأن المسلمين تمسكوا بالحلال. وبين مدّ وجزر، ساهمت سياسة بريطانيا في إضعاف حالة المسلمين لما تنفذت، وصار المسلمون يعودون القهقرى ويزاحون عن مناطق الازدهار، ويبعدون للحدود والسواحل المهجورة، وكلما نمت الدولة واحتاجوا لمناطقهم أبادوهم. الآن.. بلا سبب ولا حاجة يقوم الرئيس البورمي ويعلن موتا جماعيا لجزء من شعبه.. ولم يتحرك العالم، ولم يتحرك المسلمون بل أول خنق حقيقي لهم جاء من دولة مسلمة.
***
* مقترح: بما أن "الداي لاما" مرجع للبوذيين، وقرأت كتبه وكلها تدعو للسلام وأخوة البشر ويكرر أنها روح فلسفة البوذية. لم لا تُرسل له رسالة عالية المستوى من قادة المسلمين تسأله التدخل لإيقاف الإبادة العرقية للمسلمين، خصوصا أن من يقوم بالذبح والاعتداء هم الكهنة البوذيون الذين من أول شروط تعيينهم حب السلام والإنسان كتكريس لتعليمات بوذا. هذه رسالة يجب أن تُعد بعناية شديدة وعاجلة لمرجع البوذيين الكبير.
***
* الإعلامي خالد الشريمي قام بجهدٍ خاص وزار "أراكان" ليسجل واقع الفظائع التي تقع على المسلمين هناك وسجل بعض رحلته على هاشتاق "#رحلتي_لأراكان"، يمكنكم الاطلاع عليها في التويتر. نشر فيلما يصور مشاهد لا يتحملها قلبُ إنسان عادي، ولفتني أن مُسنا من مسلمي أراكان يقول: "حالنا كحال الدجاج المحبوس قبل الذبح".. يا إلهي.
نجيب عبد الرحمن الزامل
المصدر: الإقتصادية