وكالة أنباء أراكان ANA | الشرق
أكد أن مسلمي أراكان لم يشعروا بالاستقرار طوال الـ70 سنة الماضية..
محمد ياسين رئيس المركز الروهنغي لـ”الشرق”:
*قطر أفضل الدول المساندة لنا وتدعم حقوقنا في المحافل الدولية
*ما يجري لمسلمي الروهنغيا حرب إبادة لمحو المسلمين من الوجود
*المسلمون في ميانمار أقلية مستضعفة محرومة من جميع حقوقها المدنية
*سوتشي شريكة مع الجيش في اﻹبادة ولم نعلم عنها إلا الكذب والتمويه
*العسكر يمارس “الإرهاب” للقضاء على المسلمين بسبب دينهم لا عرقهم
*نطمح إلى دعم ومؤازرة جميع الدول كما تفعل دول الخليج وماليزيا وإندونيسيا
*النظام في ميانمار ضعيف اقتصادياً وسياسياً وقد يتراجع حال ممارسة الضغوط عليه
*بح صوتنا للدول الإسلامية كي تمارس ضغوطاً على حكومة ميانمار ولم يسمعنا أحد
*لسنا إسرائيليين أو أمريكيين أو فرنسيين حتى تتحرك لنجدتنا الأمم المتحدة ومجلس الأمن
أكد محمد عالم ياسين رئيس المركز الروهنغي العالمي، أن المسلمين في ميانمار يعانون أوضاعاً مأساوية ويتعرضون لحرب إبادة ممنهجة، لافتا إلى أن اللاعب الحقيقي في هذه المؤامرة، هو الحكومة المركزية العسكرية، بل هي من تقف وراء كل اﻹبادات السابقة والحالية.
وأضاف ياسين في حواره مع “الشرق”، ان ما يحدث في وﻻية أراكان هو إرهاب دولة ضد أقلية مستضعفة محرومة من كل حقوقها المدنية والدستورية، وأن الهدوء الوقتي لدى سلطات ميانمار استراحة تكتيكية لتهدئة الرأي العام العالمي وامتصاص الغضب العارم ضدهم، وقال إن ما ينشر في وسائل اﻹعلام أقل من عُشْر ما يحدث من انتهاكات وجرائم على يد حكومة ميانمار والجيش الميانماري، منتقداً موقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن وازدواجية المعايير التي أثرت كثيرا في تأخر تحقيق السلم في ميانمار.
وقال: إن دولة قطر أفضل الدول التي تدعم حقوقنا، سواء من الزاوية السياسية أو الدبلوماسية، أو الإنسانية والإغاثية، ولا تبخل بمساندتنا في المحافل الدولية.
وعن تصوره لحل الأزمة في ميانمار، قال ياسين إنه سهل وميسر عبر ضغط إسلامي موحد الكلمة على المستوى السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، مؤكدا أنه كفيل بحل الأزمة، مقترحا تحالفات دولية واسعة وتأسيس لجان حكومية من الدول الإسلامية تبحث آليات لحماية السلم والمسلمين في أراكان، باعتبار وحدة العقيدة.
وإلى الحوار…
*سيد محمد نود أن تعرفنا مَنْ الذي يرتكب المجازر ضدكم.. السلطة العسكرية أم الرهبان البوذيون؟
-هذا السؤال مهم للغاية ﻷنه يحدد اللاعب الحقيقي في عمليات اﻹبادة التي تمارس ضدنا، ودعني أفصل لك قليلاً، ﻷن هناك تشابكات وتقاطعات في هذا الموضوع، ففي اﻹبادات السابقة مثل عام 2012، كانت الحكومة المركزية في ميانمار تستخدم المتطرفين البوذيين من عرقية الراخين، كورقة لتنفيذ عمليات القتل والتطهير، وكان الرهبان البوذيون ينشرون خطاب الكراهية ضد المسلمين، ويصورون المسلمين على أنهم مصدر الخطر في البلاد، وهذا اﻻستعداء ضد أقلية الروهنغيا خلق نوعا من اللبس لدى كثير من المتابعين حتى أن البعض كانوا يعتبرون أن ما يجري هو صراع بين عرقيتين ليس أكثر، وكانوا ﻻ يعرفون اللاعب الحقيقي في المؤامرة، وهو الحكومة المركزية العسكرية.
لكن الجديد الذي حصل في أزمة 2016 أن الجيش، والذي ما زال يتولى زمام اﻷمور في معظم قطاعات الدولة وخاصة الداخلية، والحدود والهجرة وغيرها، قد ظهر بوجهه الحقيقي وبدأ يباشر تنفيذ جميع أشكال اﻻنتهاكات بحق أقلية الروهنغيا، بينما ظلت عرقية الراخين البوذية صامتة متفرجة هذه المرة، وهذا اﻷمر يكشف لنا بجلاء، أن ما يحدث في وﻻية أراكان هو إرهاب دولة ضد أقلية مستضعفة محرومة من كل حقوقها.
الأحداث الأخيرة
*نريد أن تصف للقارئ ما حدث مؤخرا.. وهل بالفعل المسلمون حرقوا مقراً أمنياً مما تسبب في معاقبتكم؟
-نعم الذي حصل أن واقع اﻻضطهاد الممنهج والتضييق المستمر على المدنيين الروهنغيين وقتلهم ومنعهم من ممارسة حقهم في العيش والحرية وحاﻻت السلب واستخدام الروهنغيين كعمال سخرة، كل هذه اﻷشكال من اﻻنتهاكات دفعت مجموعة من الشباب الروهنغيين إلى الدفاع عن أنفسهم ببعض اﻷسلحة الخفيفة والهجوم على بعض النقاط العسكرية التي كانت في تلك المنطقة فقتلوا مجموعة منهم، وقد قابل الجيش ذلك بعمليات وحشية من قتل وحرق واغتصابات واسعة؛ وكأن الجيش وجدها فرصة للقضاء على ما تبقى من القرى الروهنغية وتنفيذ عمليات تهجير واسعة بحق الروهنغيين فلجأ بعضهم إلى بنغلاديش وقتل الكثير منهم في هذه العمليات، بينما يعيش اﻵﻻف منهم اﻵن في العراء بعد أن منعت الحكومة دخول المساعدات إليهم.
*هل لك أن تضعنا في المشهد بشكل أدق.. ما الذي يجري حاليا في أراكان؟
-الذي يجري ويحدث لمسلمي الروهنغيا الآن هو كل ما يمكن أن تتخيله من إجرام ضد النفس البشرية، سواء بالقتل أو الانتهاك للأعراض أو التهجير من المنازل وإحراق القرى، ولعلك شاهدت المقاطع والصور وقرأت الأخبار عن ذلك.. وكل ما يحصل ﻷقلية الروهنغيا المسلمة في أراكان هو بدوافع سياسية دينية عرقية، ولبيان ذلك أقول: إن الروهنغيا أصحاب أرض وتاريخ في المنطقة وهم أقلية مسلمة بالكامل فاﻻعتراف بهم كعرقية منافسة للبوذيين الراخين يمهد لحصولهم على الحقوق المدنية والسياسية، ومن ثم فإن البوذيين يخشون من سيطرة المسلمين الروهنغيا على المنطقة، وهذا يؤدي بلا شك إلى انتشار اﻹسلام وهو ما ﻻ يريده البوذيون المتعصبون؛ ولذلك سعوا بكل الوسائل اﻹجرامية إلى تشريد المسلمين بقتلهم وحرق قراهم والتمييز ضدهم، ولا يتوقف الأمر حتى يتجدد، فهو مسلسل متجدد من التعصب والكراهية الدينية والإنسانية، وآخرها ما حصل قبل شهرين تقريبا.
70 سنة اضطهاد
*لقد كانت الأمور مستقرة إلى حد ما في الإقليم.. ما الذي استجدّ؟
-لم يعرف المسلمون في أراكان أي نوع من السكينة والاستقرار، على مدى 70 سنة، نعم قد يحصل نوع من الهدوء النسبي، بعد أن يكل ويتعب القاتل البوذي بسبب الكر والفر والإمعان في الإجرام، لذلك ما حصل في وقت سابق هو كاﻻستراحة التكتيكية لتهدئة الرأي العام العالمي وبهدف امتصاص الغضب العارم جراء ما ترتكبه السلطات في ميانمار.
والذي استجد فعلا هو أن الجيش الميانماري قام بحملة واسعة النطاق استهدف قرى الروهنغيا بشكل وحشي فحرقوا واغتصبوا وأبادوا وهم بهذا يحققون هدفا أعلنه الرئيس السابق ثين سين، بأن على الروهنغيا مغادرة ميانمار ولا مكان لهم فيها؛ وبإمكانهم أن يبحثوا عن موطئ قدم في دولة ثالثة أو أن يرضوا بالعيش مؤقتا في مخيمات اللاجئين، بقي أن أوضح أن اﻹبادة التي حصلت مؤخرا كشفت أن حكومة ميانمار والجيش الميانماري هم من يقفون وراء كل اﻹبادات السابقة والحالية.
موقف رئيسة الحكومة
*ما موقف رئيسة الحكومة التي صوّتم لها في الانتخابات؟
-رئيسة الحزب الحاكم ومستشارة الدولة ووزيرة الخارجية سوتشي أحسن بها المسلمون الظن فصوتوا لها، طبعا الروهنغيا كانوا محرومين حتى من التصويت، على أية حال بعد فوزها خابت كل الظنون ولم نعلم عنها إلا الكذب والتمويه، تتحدث بلسان معسول كما وصف بعض المراقبين، وكانت تصريحاتها بعيدة تماما عن حقوق الروهنغيا لذا هي اﻵن شريكة في اﻹبادة بسبب تواطؤها مع الجيش الميانماري.
*هل نقضت عهدها معكم؟
-الحكومة البوذية تنطلق من منطلقات دينية بوذية، وهي حكومة ديمقراطية صوريا؛ إذ ما زال العسكر متغلغلا في جميع مفاصل الدولة، وهناك سياسة متبعة لدى الحكومة تجاه الروهنغيا منذ الانقلاب العسكري عام 1962 على يد الجنرال “ني وين”، وبالتالي ليس من السهولة على سوتشي تغيير الأمر لاسيما في ظل نفوذ المؤسسة الدينية البوذية التي تنظر للروهنغيا على أنهم مصدر للشر في البلاد، حسب زعمهم، ومع هذا فهي ليست معذورة لأنها تعرف الحقائق وتخفيها وتراوغ تجنباً للتصريح بها للأسف.
المصابون والجرحى
*هل لديكم إحصائية عن عدد الضحايا والمصابين وهل بينهم نساء وأطفال؟
-الواقع أن ضحايا العنف في تزايد مستمر في كل لحظة وأن الدولة بالتواطؤ مع العصابات البوذية المدفوعة من قبل الرهبان البوذيين لا تتوانى عن أي إجرام يحصل تجاه الروهنغيا.
ولا أدل على ذلك من الجرأة المتناهية مع القتل والسحل والإحراق والاغتصاب، ليس هناك تحقيق وليست هناك عدالة، دم المسلم مستباح وعرضه مباح وماله مشاع لجميع البوذيين، وهذه حقيقة لا خيال.
لدينا بعض الاحصاءات مما يردنا من أخبار، ولا توجد حتى اللحظة جهة محايدة تمكنت من الوصول إلى أرقام وإحصاءات دقيقة ﻷن حكومة ميانمار منعت وﻻ تزال كل الوفود اﻹنسانية والحقوقية واﻹعلامية، ولكن نحن في المركز الروهنغي العالمي حاولنا عن طريق مراسلينا أن نرصد كثيرا من الجرائم ولعلك تفاجأ لو قلت لك إن ما ينشر في وسائل اﻹعلام أقل من عُشْر ما يحصل من انتهاكات وجرائم.
واجب العالم الاسلامي
*ما الذي تطلبونه من العالم الإسلامي والعربي؟
-للأسف لقد بُحّ صوتنا ولم يسمعنا أحد، طالبنا وطالبنا، ولا نزال نطالب، ميانمار دولة شديدة الإجرام لكنها ضعيفة اقتصاديا وسياسيا، وبالإمكان ممارسة العديد من الضغوط على المستوى السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، ولدينا أكثر من 50 دولة إسلامية لمعظمها تبادل اقتصادي وتمثيل دبلوماسي، ولو اخذنا هذين المنحيين للضغط على ميانمار لحصل الكثير من التقدم في القضية؛ ماليزيا حاليا تقوم ببعض هذا الدور، ونريد من باقي الدول الاسلامية شيئا من الحراك الجدي.
نطالب الأمم المتحدة والدول الداعمة لحقوق الإنسان في العالم أن تتخلى قليلا عن سياسة المعايير المزدوجة في التعامل مع قضايانا، ليس كل المسلمين إرهابيين. المسلمون لهم حق العيش والأمن والاستقرار. إن سياسة ازدواجية المعايير أثرت كثيرا في تأخر السلم المأمول في ميانمار.
الدول الداعمة
*مَا أبرز الدول الداعمة لحقوقكم؟
-يعيش مجموعات من شعب الروهنغيا في عدة دول ومن أعظمها رعاية لحقوقه هي المملكة العربية السعودية، وهناك مقيمون في ماليزيا وبنغلاديش وباكستان واندونيسيا والهند، ويهمنا جدا أن يحظى هؤلاء الذين اضطرتهم ظروف الهجرة بالأمن والسكينة والاستقرار لهم ولأسرهم، فالوضع في موطنهم أراكان خطر للغاية والقلق يملأ النفوس من مصير أهلنا هناك كما ترون وتسمعون، ولكننا نطمح من كافة الدول الى أن تقدم الدعم والمؤازرة التي نجدها من دول الخليج وماليزيا وإندونيسيا.
نريد أن تكون الاجراءات المتخذة سريعة وجادة وواقعية، ونقترح أن تؤسس لجان حكومية من الدول الإسلامية، ولو على مستوى منظمة التعاون الإسلامي، للنظر والتباحث في آليات سريعة وواقعية لحماية إخوانهم المسلمين، وتكوين تحالفات قوية لأجل حماية السلم في أراكان، ونأسف ان هناك دولا لاتزال قضية الروهنغيا في ذيل اهتماماتها.
*وماذا عن موقف قطر؟
-بكل صراحة، وبدون مجاملة، قطر أفضل الدول التي تدعم حقوقنا، سواء من الزاوية السياسية أو الدبلوماسية، أو الإنسانية والاغاثية، ولا تبخل عن مساندتنا في المحافل الدولية، كما تستجيب لمطالب شعبنا حتى لو كان ذلك على حساب مصالحها مع أي طرف بما في ذلك النظام.
*ما موقف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تجاهكم؟
-نعم موقف الأمم المتحدة والمنظمات العالمية هو الشعور بالقلق واظهار الأسف وإبداء شيء من الخوف، واظهار بعض التقارير الخجولة.. لسنا بالطبع إسرائيليين أو أمريكيين أو فرنسيين حتى تتحرك الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحاكم الدولية والمنظمات الإنسانية، نحن أقلية مسلمة مستضعفة قليلة الحيلة مستباحة الدم والعرض.