وكالة أنباء أراكان | متابعات
د. رضوى عبداللطيف
منذ انطلاق الحملة العسكرية المسعورة لجيش ميانمار لإبادة مسلمي الروهنغيا في أغسطس الماضي، والجيش يردد الأكاذيب لتبرير جرائم الإبادة العرقية في حق مسلمي الروهنغيا.
بينما التزمت رئيسة الوزراء أونغ سان سوتشي الصمت وهي تشاهد مئات القرى المحروقة وآلاف القتلى ومئات الآلاف من اللاجئين وقصص اغتصاب جماعية وقتل وحشية يحكيها الناجون. ولكن قبل أيام اعترف جيش ميانمار للمرة الأولى بتورط جنوده في قتل مسلمي الروهنغيا في أراكان.
وأعلن الجيش أن جنوده قتلوا 10 اشخاص في قرية ان دين القريبة من منغدو بعد العثور على رفاتهم في مقبرة جماعية. بعد أن أنكر الجيش طويلا إنه يستهدف المدنيين وأصر أنه يحارب الإرهاب.
وأعلن الجيش الشهر الماضي عن فتح تحقيقات بشأن العثور علي قبر جماعي ونشرت نتيجة التحقيقات على صفحة قائد الجيش على الفيس بوك.
وجاء فيها أن الجريمة وقعت في الثاني من سبتمبر وقتل فيها 10 من »الإرهابيين البنغال» وهو المسمى الذي يطلقه جيش ميانمار على مسلمي الروهنغيا. واعترف الجيش بأن الجنود والقرويين قتلوا هؤلاء الضحايا.
وكتب أن الجيش سيتحمل مسؤولية القتل ومحاسبة من انتهكوا ما أسماه »بقواعد الاشتباك» وبرر ما حدث بأن القرويين البوذيين كانوا يخافون من أن يتعرضوا للتطهير العرقي على يد »الإرهابيين.»
هذا الاعتراف النادر رغم كذب ما فيه من معلومات ورغم ما يحمله من تبريرات واهية هو جزء من حملة أكاذيب تطلقها السلطات في ميانمار في محاولة لتحسين صورتها بعد الانتقادات الدولية الشديدة التي تواجهها مع تفاقم أزمة اللاجئين الروهنغيا الفارين من جحيم القتل في أراكان.
وادعت السلطات عثورها على قبر جماعي آخر الشهر الماضي يضم رفات 28 شخصا قالت إنهم قرويون هندوس قتلتهم ميليشيات الروهنغيا.
ولكن هل يصعب على نظام ارتكب هذا الكم من الجرائم أن يحاكم صحفيين يؤديان عملهما وواجبهما بعد أن منعت السلطات في ميانمار وسائل الإعلام والصحفيين من التواجد في مناطق عملياتها العسكرية كي تخفي جرائمها عن العالم ؟
لذا ألقت السلطات القبض على صحفيين تابعين لوكالة رويترز تمكنا من الحصول على وثائق سرية من مركز شرطة في منطقة أراكان يتعلق بالعمليات الدائرة هناك. ورغم الانتقادات الدولية، أعلنت ميانمار
أنهما سيحاكمان بتهمة »إفشاء إسرار الدولة» ونشرها في وسائل إعلام أجنبية وفي حالة إدانتهما سيسجن كل منهما 14 عاما.
وبالنظر للملف الأسود لرئيسة الوزراء أونغ سان سوتشي التي دعت في الماضي إلى »إفشاء أسرار الدولة » والتي كانت تعني حرية الصحافة عندما كانت زعيمة للمعارضة وناشطة سياسية مضطهدة تطالب الإعلام بالحديث عن مأساتها، لم يعد الأمر يتعلق فقط بمطالبة المجتمع الدولي بسحب جائزة نوبل للسلام من سيدة لا تعرف معنى السلام ، بل تعالت الأصوات المطالبة بمحاكمتها بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وطالب زيد رائد الحسين رئيس منظمة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بتقديم كل المجرمين الذين ارتكبوا الجرائم البشعة في حق أقلية الروهنغيا أن يقدموا للمحاكمة وعلى رأسهم سوتشي وقائد الجيش الميانماري أونغ مين هلينغ المتهمان الرئيسيان المسؤولان عن ارتكاب جرائم تطهير عرقي في أراكان. وطالب بفتح تحقيق دولي في الجرائم التي ارتكبت في حق الروهنغيا خلال الأشهر الماضية.
وختاما لا يحتاج العالم لاعتراف من المجرم ولا لشهود عيان لمعرفة الجاني من المجني عليه في هذه القضية المحسومة ، ولكنه يحتاج لعدالة ناجزة وضمير حي يحاكم الجاني وينصف المظلوم. فهل تراه يفعل؟