بقلم: صادق ناشر
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
القرار الذي اتخذته محكمة العدل الدولية نهاية الأسبوع الماضي بالإجماع بوجوب اتخاذ تدابير مؤقتة لمنع وقوع مزيد من أعمال الإبادة الجماعية ضد الروهنغيا في ميانمار، منح بصيص أمل في إمكانية ملاحقة مرتكبي الجرائم في هذا البلد، الذي تتعرض فيه الأقلية المسلمة هناك لأعمال قمع وحشية، أدت إلى مقتل آلاف الأبرياء، في ظل عدم القدرة على مساعدة الضحايا، الذين فروا إلى البلدان المجاورة لميانمار في محاولة لإنقاذ أسرهم من أعمال البطش التي لا تتوقف.
القرار قضى بإلزام حكومة ميانمار باتخاذ جميع التدابير لمنع ارتكاب جميع أعمال الإبادة الجماعية ضد الروهنغيا بما في ذلك القتل، والاعتداءات البدنية، والتسبب في أضرار جسدية أو عقلية خطيرة، وحرق المنازل والقرى، وتدمير الأراضي والماشية، وفرض أوضاع معيشية يقصد منها إحداث تدمير جسدي، والتدابير المتخذة بهدف منع الإنجاب، وهي ممارسات ممنهجة تقدم عليها الحكومة هناك منذ سنوات طويلة من دون مراعاة لحقوق الإنسان.
طوال السنوات الماضية تجاهل العالم ما يحدث في ميانمار، حيث الاضطهاد الممارس ضد الروهنغيا يأخذ أبعاداً مأساوية مع مرور كل يوم، فالقرارات التي تتخذها الحكومة هناك تؤكد عدم اكتراثها للانتقادات والمناشدات الصادرة عن جهات إقليمية ودولية لمراعاة الجوانب الإنسانية في هذا الصراع، الذي حول حياة عشرات الآلاف من أبناء الأقلية إلى جحيم.
صحيح أن أزمة مسلمي الروهنغيا بدأت منذ احتلال بريطانيا لبورما والذي أذكى نار العصبية الدينية، وأضاع سيادة القانون، ما دفع بالأحزاب السياسية إلى بث خطابات الكراهية علناً، إلا أن حكومة ميانمار الحالية تجاوزت ذلك إلى ما هو أبعد، وأخطر، تمثل في إجبار الناس على الرحيل من أرضهم بعد تعمد إحراق منازلهم، والتوجه نحو بنجلاديش، التي تستوعب عشرات الآلاف منهم، تحت لافتات عدة، لكن البعد الديني يبقى أحد أهم أسباب اضطهاد الروهنغيا.
لقد ارتكبت السلطات في ميانمار العديد من الأعمال البشعة التي لا تمتّ للإنسانية بأية صلة، فالتخلص من الناس هناك يتم عبر وسائل بشعة، بينها الإغراق في البحار، والأنهار، والرمي من شواهق الجبال، والحرق، والتعذيب عبر الضرب بالعصي، والآلات الحادة والذي يفضي للموت، فيما تسببت عملية التهجير القسري التي يقوم بها الجيش النظامي ضد الروهنغيا بضوء أخضر من الحكومة، بتشريد الآلاف من الضحايا، ولا يزال هذا التشريد قائماً، ولم يتوقف.
مع الأسف تتحول سياسة الاضطهاد ضد الروهنغيا، مع مرور الزمن إلى سلوك ممنهج، يعجز العالم عن التصدي له، رغم ما يمتلكه من أدوات الإخضاع للأنظمة المستبدة كالنظام القائم في ميانمار.