وكالة أنباء أراكان ANA:
من يعتد على قول الحق تصعب عليه مسايرة الظلم وكتمان الهدى ، ومن لا يطق سماع الحقيقة أظنه يرتع في الباطل أو يأنس بالجور ؛ هذا إذا ما كان يؤلمه الحال ويأنف من الواقع ويود أن لو ما وقعت الوقائع واستقرت النوازل ولكن تُعجِزه الحيلة !
فعلام أكتب وأُنزِف القلم استنجاداً؟
أليقرأ لي ظالم أو عاجز؟ ذنبي أني ولدت في زمن الظلم والعجز !
وأكثر ما يترقبنا ويحدق فينا هي الأعين الخائنة. ولكن ما يدريني؟ لعل في هذه البقعة المشؤومة قلباً يشع منه النور السماوي ويفيض بالعدل ، و يداً يمكنها أن تدفع البطش وتحنو على المساكين والجرحى في وطن الدماء : ( أراكان المحتلة ) .
لذلك السبب أجزم أن الصمت المطبق والتجاهل الواسع لا يعيد الصواب لمن تشبع بالخطيئة و إخفاء الوثائق و تغطية البراهين . لا تُودِع الاستقرار في الأرض المضطربة . وممارسة الانغلاق وتعود الانكماش لا تنفخ الحياة في الوطن الميت ؛ إذ لابد من تمزيق الخوف وإبراز الدليل و إيضاح الأحداث .
وهل هناك حدث أشد من تنصير لاجئي الروهنجيا بمساندة المسلمين؟
نحن من مكنا الأعداء منهم ! تلك هي الحقيقة !
حقيقة المنظمات والهيئات الإغاثية والإسلامية في تناولها لقضية مسلمي أراكان بورما ، حقيقة تقصير الدعاة في جانب الدعوة ومحاربة التنصير والتشيع الذي يتخطف مسلمي الروهنجيا دون تحرك منهم ومسؤولية .
لمن يسأل عن سبب وجود المنصرين في مخيمات اللاجئين الروهنجيين : لن تجد إجابة أصدق من حقيقتنا نحن المسلمين بعضنا مع بعض . إننا مسلمون بأسمائنا ، أعراب أجلاف بسلوكياتنا !
هذه هي الحقيقة ، وأظنها غائبة عن انتباه الجميع كغياب الضمير العربي والإسلامي عن مشاهد الواقع ، هكذا نحن مع الحقائق المُرّة ننظر لها بطرف الاهتمام ثم نغيبها ونتعامى عنها إلى حد تبلد الحس ، وتمزق المسؤولية و زوالها ، فصرنا نُعرف بالتسيب والتقاعس والتحيز الغاشم ، وأصبح الإسلام ضحيتنا في أرضه !
لا أنكر أننا نعتز بالهوية الإسلامية ونسجد لله على سجادة الشكر أن خلقنا على الدين الإسلامي ؛ لكننا أصبحنا مسلمين في بطاقة الأحوال وحسب !
لأن تصرفاتنا صرفت ديننا الحنيف من كونه دينا ومعاملة إلى لفظ ضيق لا يقترن بما يوحي عن الإسلام ويمثله !
لهذا أُعلن نفسي مسلمة حُرة انشقت عن التردي الذي لازم المسلمين والتراجع الذي يأخذهم إلى ما صارت إليه الدولة العثمانية ؛ حيث هبطت بعد انقضاء عهد السلاطين العشرة الذين أرسوا كيانها ، وعززوا قوتها ، ومددوا فتوحاتها في وقت كان الالتزام بمنهج الله هو أساسها ؛ إلى أن بدأ الانحراف عن منهج الله وازداد واتسع تدريجيا.
وهذا ما أشار إليه ابن خلدون عندما جعل للدول أعمارًا طبيعية كالأشخاص تسقط بانقضاء عمرها الزمني.
و أقولُ : إن سقوط أي دولة إسلامية لا يكون إلا من المسلمين أنفسهم ؛ وذلك حينما تتسع بينهم الفجوة ويكون من بعضهم لبعض الخذلان ، وينحرفون عن جادة الحق والمنهج القويم ، ولا أستبعد أن تسقط الدول الإسلامية جميعها تباعاً - إلا من رحم الله - لما أراه من الذل والمسكنة التي انغمست فيها وتشبعت بها حتى أصبحت محصورة داخل سياج غربي ، و محفوفة بخطر التعدي من كل جانب ، و مشلولة الحركة حتى عن نصرة ما وقع منها تحت تصرف العدو وسلطته .
و إلا فأين نصرتنا للإسلام حينما اُنتزِع من قلوب الروهنجيين المسلمين الذي لجأوا إلى الهند فراراً بدينهم من البطش وطمعاً في الأمان وبحثاً عن السلامة؟
أين دعاة الإسلام من محاربة التنصير الذي أدرك الروهنجيين ؛ حيث غشيتهم ضلالة المُنصرين؟ أليس أولى من أن يدعو الداعية رجلا كافرا إلى الإسلام أن يثبت مسلماً على دينه ويدحر عنه الباطل ويرسخ فيه العقيدة؟
تالله ما من سبيل للمنصرين على الروهنجيين المسلمين إلا سبيل الخذلان الذي ذللناه نحن لأعدائهم أعداء الإسلام .
فاللهم رحماك من تقصيرنا في إغاثتهم صحياً وتعليمياً وغذائياً ، وأهم من ذلك كله تقصيرنا دعوياً .
بقلم : أمينة فايد العثماني