وكالة أنباء أراكان ANA: (رويترز) ترجمة الوكالة
بقلم/ أندروا مارشال
يمتد السياج بقدر ما تستطيع أن تراه العين، فأعمدته المبنية من الخرسانة تحمل لفائف من الأسلاك الشائكة ليعبر الجبال والمستنقعات في غرب بورما.
ما وراء السور، وعلى الضفة الأخرى من نهر ناف، هناك أفق كثيف من أشجار المانغروف: إنها بنغلاديش. هناك، كما يقول مسؤولو بورما، تتربص حركة مقاومة مسلحة وقد صمم السياج لإبعادها خارج حدود بورما.
أخذت منظمة تضامن الروهنجيا (RSO) اسمها من الأقلية المسلمة القاطنة في ولاية أراكان المضطربة في بورما والتي حُرم معظم أفرادها من الجنسية.
يتهم مسؤولو بورما هذه المنظمة بالقيام بالهجمات الأخيرة هنا ويعتقدون أنه باستطاعتها تأجيج الوضع أكثر.
ويعتقد معظم الخبراء أن هذه المنظمة بالكاد موجودة ، حيث يقول البعض إنه يتم استخدامها لمواصلة قمع الروهنجيا الذين يعيشون غالبا في ظل ظروف تشبه الفصل العنصري مع فرص محدودة أو معدومة للتعليم والعمل أو الرعاية الصحية.
فر عشرات الآلاف من الروهنجيا من المنطقة عن طريق القوارب منذ عام 2012 بعد اشتباكات عنيفة مع الأراكان البوذيين مما أدى إلى مقتل المئات وتشريد 140،000 شخص، معظمهم من الروهنجيا.
وقالت مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية مقرها بروكسل، في تقرير أكتوبر إن منظمة تضامن الروهنجيا RSO هي " أساسا منظمة مسلحة بائدة ."
أسست منظمة تضامن الروهنجيا في وقت مبكر في ثمانينات القرن الماضي في أعقاب عملية واسعة النطاق لجيش بورما التي دفعت حوالي 200،000 من الروهنجيا عبر الحدود إلى بنجلادش ذات الأغلبية المسلمة.
حتى تسعينات القرن الماضي تدرب عدد صغير من المقاتلين في قواعد منظمة تضامن الروهنجيا RSO النائية في بنغلاديش مقابل منطقة مونغدو المقابلة لبورما.
يلوم مسؤولو بورما هذه المنظمة لوقوع سلسلة من الغارات القاتلة في شمال ولاية أراكان، بما في ذلك هجوم في 17 مايو ايار الذي أسفر عن مقتل أربعة من أفراد شرطة حرس حدود بورما، بالإضافة أيضا إلى إطلاق التهديدات ضد بورما من قبل جماعات مسلحة بشكل هائل.
في شهر يوليو، طلب زعيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي من اتباعه أخذ "الثأر" ضد بورما وبلدان أخرى حيث يتعرض المسلمون للتعذيب. ثم، في سبتمبر أيلول، أعلن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري عن تشكيل الفرع الهندي الذي من شأنه "رفع راية الجهاد" في جميع أنحاء شبه القارة الهندية، بما في ذلك بورما.
في غضون أسابيع، طالب ونائب زير الداخلية في بورما ان العميد كياو زان مينت البرلمان بمبلغ اضافي بحوالي 39 مليار كيات (38 مليون دولار) للأمن في ولاية أراكان، أكثره مخصصة لتوسيع السياج.
وإذا تمت الموافقة عليه، فإن هذا يشكل مضاعفة ميزانية أمن الدولة إلى ما يقرب من 38 مليار كيات.
خلايا القرية
قال كي سان، رئيس بلدة مونغدو إن الجيش بدأ ببناء السياج في عام 1995 وهو الآن بطول 77 كم (48 ميل) وقد تعرض هذا السياج بشكل روتيني للتدمير من قبل الفيلة البرية أو للتآكل بفعل المياه المالحة.
فبالنسبة لمسؤولين بوذيين مثل تشي سان، فإن منظمة RSO تشكل تهديدا وجوديا.
على مستوى الولاية يفوق عدد البوذيين على الروهنجيا المسلمين بنسبة اثنين للبوذيين إلى واحد للمسلمين، ولكن كي سان قال لرويترز خلال زيارة نادرة لمونغدو لمراسل أجنبي إن ستة في المئة فقط من سكان مونغدو البالغ عددهم 510،000 هم بوذيون أو غير مسلمين.
يخشى كي سان من أن يقوم عملاء منظمة RSO بجعل هذه الجالية المسلمة الكبيرة متطرفة، وأضاف "لقد جندوا البعض إلى بنغلاديش للتدريب"، وتابع: "لديهم خلايا في كل القرى".
التهديد المتصور يتجاوز ولاية أراكان.
وقد وضعت صور لمطلوبين على جانب الطريق قرب العاصمة نايبيتاو، و في وسط بورما، لأربعة من المشتبه بهم من منظمة RSO، واحدهم "متخصص المتفجرات".
لا تظهر الصور لماذا هؤلاء مطلوبون، وعندما اتصلت رويترز بالمسؤولين المعنيين، رفضوا الإفصاح لأسباب تعود "للأمن القومي".
"أسطورة" المسلحين
تحدى تقرير مجموعة الأزمات الفكرة التي تقول إن أقلية الروهنجيا كانت "ناضجة للتطرف" وقال إن الروهنجيا، ليس لهم في الحركة الجهادية العالمية، ومعظم قادتهم الدينيين لا يدعون إلى العنف.
قال برتيل لينتنر، وهو صحفي ومؤلف كان يغطي أخبار بورما لمدة 30 عاما " المسلحون الروهنجيا هم أسطورة"، وقال لرويترز كانت منظمة RSO مرة واحدة في مخيم صغير في منطقة أوخيا ببنجلادش ، والتي تقع على الحدود مع منطقة مونغدو، ولكن لم يكن لها وجود في بورما.
وأضاف أن العديد من أولئك الذين تدربوا في أوخيا ليسوا روهنجيين ولكنهم شبان من غير جماعات متشددة في بنجلادش.
تلاشت منظمة RSO عندما اتخذت الحكومة بنغلاديش حملة ضد الجماعات الإسلامية. وتابع: "اليوم، فإنه بالكاد تتواجد."
وقال ماثيو سميث من فورتي رايتس، وهي جماعة حقوقية مقرها بانكوك إنه حتى ولو كانت منظمة RSO لا تشكل أي تهديد عسكري حقيقي، فإنها فرت ذريعة لـ"ضغط وقمع مجتمعات الروهنجيا".
وأضاف " أن السلطات تجري عمليات دهم مفاجئة وعنيفة وتتهم القرويين في تورطهم مع RSO، وتعتقل الرجال وتجبر الآخرين على الفرار" وتابع سميث "وقد ازدادت هذه في الأشهر الأخيرة".