بقلم: د. ياسر محجوب الحسين
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
مأساة الروهنغيا تزحم أخبارها المؤلمة وصورها المفزعة آفاق العالم، ويتداعى لذلك القريب والبعيد سواء صدقا أو نفاقا، بينما منظمات العالم الإسلامي الرسمية تغيب ويخيم عليها صمت الأموات في القبور.
حيرني ذلك الصمت البهيم، فهرعت ملتاعا إلى غوغل لعلي أجد ما يريحني، وغوغل ذلك الرجل الذي لا يكذب أهله، فكتبت أبحث عن (منظمة التعاون الإسلامي مضافا إليها كلمة الروهنغيا) طمعا في أن أجد ولو تعبيرا عن القلق في أضعف الإيمان لكني لم أحصد إلا سرابا حسبته من شدة العطش ماءً.
منظمات العجز الرسمي الإسلامية على دين ملوكها، وفاقد الشيء لا يعطيه، وصدق الشاعر سبط بن التعاويذي 519 - 583 هـ حين قال:
"إذا كان رب البيت بالدف ضارباً... فشيمة أهل البيت كلهم الرقص"..
الروهنغيا رفعوا أصوات الاستغاثة عالية إلى حكام المسلمين ومنظماتهم، ولكنهم أسمعوا لو نادوا حيا، يقول عمرو بن معد يكرب الزبيدي:
"لقد أسمعت لو ناديت حيـا ... ولكن لا حياة لمـن تنـادي
ولو نارٌ نفخت بها أضاءت ... ولكن أنت تنفخ في الرمـادِ"
يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ () إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".. التوبة 38 -39..
إن لم يصدق حكام المسلمين الإعلام الغربي الذي ظلت أعناقهم له خاضعة فمن يصدقون إذن؟.. تقول صحيفة إندبندنت البريطانية إن نساء وأطفال الروهنغيا المرعوبين يفرون من قراهم المحترقة حيث يكثف جيش ميانمار حملة الاضطهاد ضد الأقلية المسلمة، وقالت الصحيفة في تقريرها إن صور الأقمار الصناعية تظهر القرى المحترقة تماما، مما يشير إلى أن الضرر وحجم انتهاكات حقوق الإنسان أشد بكثير مما قيل.
ولما كان الروهنغيا مختلفين في شكلهم عن البورميين بسبب بشرتهم الأغمق وديانتهم فإن الأسطورة الشعبية هي أن مجتمعات الروهنغيا جاءت من بنغلاديش، لكن الواقع -كما تقول الكاتبة- هو أن الروهنغيا لديهم جذور تاريخية وتراثية تعود إلى حدود ميانمار ما بعد الاستعمار.
وذكرت الصحيفة أن البريطانيين كانوا قد وعدوا بالفعل باستقلال الروهنغيا خلال الحرب مع اليابان، ومع ذلك ألغي هذا الوعد فيما بعد.
لا عذر للمسلمين فقضية الروهنغيا لم تأت على حين غرة بل ظلت حاضرة بشكل قوي منذ أكثر من 50 عاما فماذا فعلت منظمة مثل التعاون الإسلامي؟..
يقول تقرير الإندبندنت: إن التدرج التاريخي للاضطهاد الحالي يمكن تتبعه إلى عام 1962 عندما استولى انقلاب عسكري على السلطة، ومن أجل تثبيت أركانه بدأ يستخدم الدين كدليل على ما إذا كان الشخص مواطنا أصيلا بالدولة، مستغلا البوذية لتبرير القومية. وختمت الصحيفة بقولها إن تدمير جماعة إثنية هو إبادة جماعية، كما أن استمرار لا مبالاة المجتمع الدولي لا يمكن أن يضفي الشرعية على أعمال العنف التي ترتكبها ميانمار.
هناك بعض ردود فعل إسلامية صدرت من هيئات شعبية هنا وهناك، بيد أنها متباعدة تفتقر إلى التنسيق. ففي ماليزيا، بدأت مؤسسات ماليزية حملة لجمع ألف توقيع لشخصيات مؤثرة تطالب بسحب جائزة نوبل للسلام من مستشارة ميانمار أونغ سان سو تشي. وقال بيان منظمة "مواطنون عالميون" ومجلس المنظمات الماليزية غير الحكومية إنهما يعتقدان أن سو تشي خانت مبادئ الجائزة التي منحت لها عام 1991، وأنها غير مؤهلة لحملها.
لكن الحدث الأبرز والأكثر جدية على المستوى الرسمي وصول أمينة أردوغان، زوجة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان رفقة نجلها، بلال، بالإضافة إلى وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إلى دولة بنغلاديش للقيام بزيارة إلى معسكرات الروهنغيا، المكتظة باللاجئين، الفارين من ميانمار.