بقلم المستشار عبدالفتاح سليمان*
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
أين المواثيق الدولية التي تعهدت بحماية حقوق الإنسان وسلامة الشعوب وحقها في أن تعيش على أرضها؟! للأسف أصبح كل ذلك حبرا على ورق! بل أصبح كذبا لا يستحق ثمن المداد الذي كُتب به!
الروهنغيا شعب مسلم مستضعف تكالب عليه المتعصِّبون البوذيون المدعومون من العصابة الحاكمة في ميانمار! عائلات أجبرها العدوان على الفرار، وحرق بيوتهم، تفاصيل معاناتهم وما واجهوه من تدمير لقُراهم لأنه شعب آمن بالله ورسوله ومن أجل الحفاظ على عقيدته يواجه الطغيان البوذي الشرس!
إن علينا تسليط الضوء على الظلم الفادح الذي أوقعه البوذيون بالروهينغا، وعلينا استنهاض الوعي بحقوقهم، إن توثيق ما جرى ويجري للمسلمين الروهنغيا مهم جدا تاريخيا وإنسانيا.
موقع الحدث
لذا فإنني- من منطقة كوكس بازار، بعد زيارتي لمخيَّمات اللاجئين من مسلمي الروهنغيا 2018- أكتب لكم عن الصور المفزعة والمروِّعة لأعمال القتل والتهجير والحرق والإبادة الجماعية والمجازر الوحشية التي راح ضحيتها الآلاف من الأطفال والشباب والنساء والشيوخ الذين حوصروا في إقليم أراكان في ميانمار «بورما» وأجبرتهم السلطات على الفرار من أوطانهم تحت ضغط هجمات وحشية بربرية لم تعرفها البشرية من قبل!
ومن استطاع الهرب منهم مات من ألم المشي وقوة الجوع والعطش والشمس الحارقة ومنهم من ابتلعته الأمواج بعد ما ألجأه الفرار إلى ركوب البحر.
وإنني على يقين أنه لم تعد مجرد الإدانات تُجدي نفعا أمام ما يتعرض له مسلمو الروهنغيا من عمليات إبادة جماعية بأسلوب غادر يذكِّرنا بأسلوب الوحوش في الغابات!
مناشدات جوفاء!
كما أن المناشدات الخجولة المترددة التي تطلقها المنظمات الدولية والإنسانية لإنقاذ المواطنين المسلمين من عدوان الجيش الميانماري والسلطات في ميانمار أصبحت هذه ضربا من العبث وضياع للوقت.
وإن القيادات في ميانمار الذين سمحت لهم ضمائرهم أن يتحالفوا مع عناصر متطرفة من جيش الدولة المسلَّح للقيام بعمليات إبادة جماعية وتطهير عرقي ضد المواطنين المسلمين وفي وحشية يندى لها جبين الإنسانية!
وهذا الموقف الذي ترفضه جميع الأديان سوف يسطِّر سجلا من العار في تاريخ ميانمار لن يمحوه الزمن.
واجب المسلمين
وعلى منظمة التعاون الإسلامي مسؤولية بأن تكثِّف تحركاتها الإنسانية على المستوى العربي والإسلامي والدولي لوقف هذه المجازر التي يدفع ثمنها المواطنون المسلمون وحدهم في ميانمار، وأن تطالب كافة الهيئات والمنظمات الدولية وجمعيات حقوق الإنسان في العالم كله بأن تقوم بواجبها في اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق في هذه الجرائم المنكَرَة. ولتعاقب مرتكبيها وتقديمهم لمحكمة العدل الدولية لمحاكمتهم كمجرمي حرب، جزاء ما يرتكبوه من فظائع وحشية.
ويجب على الجميع أن يضع في الاعتبار أن مثل هذه الجرائم من أقوى الأسباب التي تشجع على ارتكاب جرائم الإرهاب التي تعاني منها الإنسانية جمعاء.
ضغط إسلامي
وفي الختام أشيد بتحركات الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، وأناشده أن يدفع بكل وسائل الضغط على مجلس الأمن، وقبل ذلك أن يناشد صنَّاع القرار في الدول الاعضاء بالمنظمة العربية منها والإسلامية، ليبذلوا أقصى ما يستطيعون من ضغط سياسي واقتصادي يعيد السلطات الحاكمة في ميانمار إلى الرشد والصواب والوقف الفوري عن سياسة التمييز العنصري والديني ضد المواطنين.
وأعلن أسفي للموقف المتناقض لرئيسة ميانمار، التي تحمل جائزة نوبل للسلام بإحدى يديها، وتبارك باليد الأخرى كل الجرائم التي تضع السلام في مهب الريح وتجعل منه مجرد لفظ لا معنى له!
وأختم مقالتي بتقديم الشكر والامتنان لجميع مسؤولي حكومة بنجلاديش الشعبية لكرم الضيافة وحسن الاستقبال لابناء الشعب الروهينجي الذي يقيم على الأراضي البنغلاديشية، وأناشد كل دول العالم وخاصة الدول الاعضاء في منظمة التعاون الإسلامي للوقوف مع بنغلادش وإمدادها بالمساعدات التي تحسِّن وضع اللاجئين من مسلمي الروهنغيا، خاصة الأطفال والنساء منهم، وأن تتضافر جهودها لتجفيف دمعة الفتاة الروهنجية المسلمة.
* الأمين العام للاتحاد العالمي للمدارس العربية الإسلامية