أنهت حكومة ميانمار، خلال العام الماضي،رقابتها المكثفة، وسمحت للمواطنين بالوصول بلا قيود إلى نطاق عريض من مواقع الشبكة العالمية ،التي كان محظورا عليهم الوصول إليها خلال الحكم العسكري. وعندما بدأت الحكومة في تفكيك الضوابط التي تفرضها على الإنترنت في أغسطس الماضي، حلقت عمليات الدخول إلى مواقع مثل يوتيوب إلى آفاق عالية ، ولكن بينما ينتقل سكان ميانمار، الذين يغلب عليهم الفقر والبالغ عددهم 55 مليون نسمة، انتقالا دقيقا إلى الديمقراطية ، فإن التعليقات المفعمة بالكراهية تنتشر أيضا عبر الإنترنت حول جماعة الروهينغا العرقية المسلمة التي تجد نفسها طرفا في صدامات عرقية في غربي ميانمار، والتي خلفت أخيرا عشرات القتلى.
عنف وحشي
يقول يو أونغ نينغ أون، مؤلف كتاب "الحوار" الذي يدور حول حسم الصراع في مجتمع ميانمار المنقسم على نفسه:" لقد ارتفع غطاء النزعة السلطوية وأتيحت للشعب أخيرا حرية التعبير عن نفسه، وبينما برزت كل هذه المظالم في الوقت الحالي، فإن أصول المنطق يجد نفسه على الهامش".
وعندما تم الإعلان عن "اكتشاف جثة أحد أبناء الروهينغا"، أخيرا، على صفحة الفيسبوك الخاصة بمجموعة " 11 ميديا" ، وهي إحدى أكبر مؤسسات الإعلام الخاصة في ميانمار ، كتب قارئ يدعى بيافو أونغ يقول إنه كان "في انتظار هذه النوعية من الأخبار منذ وقت طويل". واستخدم قارئ آخر يدعى كوناي تعبيرات عنصرية، وقال:" ليس يكفي أنه مات".
وفي المواقع المختلفة يشار إلى الروهينغا باعتبارهم كلابا، لصوصا، إرهابيين فضلا عن العديد من الصفات الأخرى المشابهة. ويحث المعلقون الحكومة على" جعلهم يختفون"، ويبدو أن الغضب يستبد بهم لأن الدول الغربية والأمم المتحدة تبرز محنتهم.
وقد خلف العنف في ولاية راخين التي تقع على الحدود مع بنغلادش أخيرا 29 قتيلا من الروهينغا فضلا عن حرق 2500 بيت من بيوتهم خلال أسبوع واحد، بحسب المسؤولين الذين نقلت أجهزة الإعلام البورمية تصريحاتهم. وتؤكد الأمم المتحدة أن 23 الفا من الروهينغا قد تعرضوا للتشريد بقعل العنف.
وكان من الأصعب قياس مدى الضرر الذي تعرض له النسيج العرقي لميانمار، فيما تحاول حكومة الرئيس ثن سين إدارة دفة البلاد باتجاه المصالحة بين العسكريين والشعب وبين الأغلبية من ميانمار وعشرات من المجموعات العرقية الأصغر.
وحتى الآن اقتصر العنف على ولاية راخين المعزولة نسبيا عن باقي البلاد بسلسلة جبلية، ولكن الكثيرين من بين أولئك اللذين أطلقوا تعليقات غاضبة على مواقع الإنترنت ربطوا الروهينغا بالمسلمين الآخرين المتناثرين في أرجاء ميانمار. وفي يانغون التي تعد المدينة الرئيسية في ميانمار ذكر المصلون أنه لم يتم ألقاء الخطبة التقليدية في صلاة الجمعة كإجراء احترازي من اتساع نطاق الصراع العرقي.
قضية شائكة
وتعد قضية الروهينغا قضية بالغة الدقة بحيث أن المدافعة الرئيسية في ميانمار عن حقوق الإنسان والديمقراطية أونغ سان سو كاي حرصت على التزام موقف غامض ومراوغ حيال هذا الموقف. فحينما سئلت، أخيرا، في مؤتمر صحافي عما إذا كان الروهينغا المقدر عددهم ب 800 ألف نسمة ينبغي أن يعطوا المواطنة، اكتفت برد مراوغ قالت في إطاره:" إننا يتعين علينا أن نكون واضحين للغاية فيما يتعلق بطبيعة قوانين المواطنة ومن يستحق أن تطبق عليه". وقالت في جنيف التي زارتها خلال جولتها الأوروبية:" إن كل من يستحقون المواطنة ينبغي أن يعاملوا باعتبارهم مواطنين كاملي المواطنة يستحقون كل الحقوق التي ينبغي أن تعطى لهم".
ويعتبر الدفاع عن الروهينغا الذين لا دولة لهم، وتصفهم الأمم المتحدة بأنهم إحدى أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في آسيا، حافلا بالمخاطرة على الصعيد السياسي بالنسبة لكل من أونغ سان سوكاي وثين سين.
أصل عرقي
أصل الروهينغا يصعب تتبعه مثل الكثير من مجموعات ميانمار العرقية الأخرى، ويبدو أنهم خليط من العرب والأتراك والفرس والمغول والباتان بحسب تأكيد الأمم المتحدة. وتقول حكومة ميانمار إن البلاد تضم 130 جماعة عرقية لكن الروهينغا ليسوا ضمن هذه القائمة.
وغالبا ما يوصف الروهينغا بأنهم "بنغاليون" من قبل خصومهم في ميانمار، وهو اصطلاح يشير إلى أنهم ينتمون إلى الهند أو بنغلادش. وعلى الرغم من رفض منحهم المواطنة وإخضاعهم للسخرة وتقييد حرية الحركة وإنكار حقوق الإقامة وتقييد عقود الزواج ومصادرة الأرض حسبما تؤكد الأمم المتحدة، فإن حكومة ميانمار سمحت للكثيرين منهم بالاقتراع، بما في ذلك الاقتراع في الانتخابات ألأولى للبلاد بعد الحكم العسكري في
المصدر : البيان