وكالة أنباء أراكان | المصريون
ذكرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية, أن ميانمار تشهد تصعيدا في الإجراءات القمعية الوحشية ضد مسلمي عرقية الروهنغيا, رغم أن رئيسة حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، أونغ سان سو كي، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام, هي التي تتولى حاليا رئاسة الحكومة في هذا البلد, بعد نصف قرن من الحكم العسكري. وأضافت المجلة في مقال لها في 14 نوفمبر, أن جيش ميانمار يدعى أنه يواجه تمردا مسلحا في صفوف الروهنغيا في إقليم أراكان الواقع شمال غربي البلاد والمحاذي لبنجلاديش، رغم أنه توجد حركات متمردة في ميانمار من عرقيات أخرى غير مسلمة.
وتابعت ” في التاسع من أكتوبر الماضي، وقع هجوم بسيوف ومسدسات على مراكز شرطة في بلدة منغدو الحدودية مع بنجلاديش، ونجم عنها مقتل تسعة من أفراد الشرطة، واتهمت السلطات في ميانمار على الفور مسلمي الروهنغيا بأنهم وراء الحادث بعد أن دربتهم حركة طالبان الأفغانية, وقامت باعتقالات وعمليات قتل وحرق قرى, دون إجراء تحقيق مستقل”.
واستطردت “اللافت أن هجوم 9 أكتوبر تزامن مع هجمات من ميليشيات أخرى متمردة, لكنها ليست مسلمة، حيث قتل 30 جنديا على أيدي أقلية أراكان غير المسلمة، لكن جيش ميانمار لم يعلق على ذلك”.
ورجحت المجلة أن هناك مخططا ممنهجا لإبادة مسلمي الروهنغيا, لأن الرهبان البوذيين المتطرفين أمثال أشين ويراثو, اعتبروا الإسلام خطرا وجوديا على ميانمار، وأن المسلمين يمكنهم التفوق على البوذيين من الناحية العددية.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية لحقوق الإنسان دعت في 13 نوفمبر الأمم المتحدة إلى التحقيق في الهجمات الأخيرة التي استهدفت قرى لأقلية الروهنغيا المسلمة في إقليم أراكان بميانمار.
ومن جانبها, جددت الأمم المتحدة في التاسع من الشهر الحالي دعوتها سلطات ميانمار لفتح تحقيق مستقل حول اتهامات تتعلق “باغتصاب جنود ميانماريين نساء مسلمات في أراكان ثم قتلهن”.
ويمثل الروهنغيا وعددهم 1.1 مليون نسمة الأغلبية في أراكان، لكن سلطات ميانمار ترفض منحهم الجنسية وتزعم أنهم مهاجرون غير شرعيين جاءوا من بنجلاديش المجاورة، كما تفرض قيودا مشددة على تحركاتهم. وتؤكد منظمات حقوقية أن حكومة ميانمار تعمل على تهجير المسلمين من أراكان بشكل ممنهج, ولذا ترتكب المجزرة تلو الأخرى ضدهم.
وتعرض مسلمو الروهنغيا على مدى العقود الماضية لانتهاكات جسمية لحقوقهم الإنسانية، شملت حرمانهم من حق المواطنة وتعريضهم للتطهير العرقي والتقتيل والاغتصاب والتهجير الجماعي , الذي لا يزال مستمرا.
وبدأت هذه الممارسات ضد الروهنغيا الذين يستوطنون بكثافة إقليم أراكان أو أراكان في عهد الاستعمار البريطاني الذي قام بتحريض البوذيين وأمدهم بالسلاح حتى أوقعوا بالمسلمين مذبحةً عام 1942 ففتكوا خلالها -وفقا لمختلف التقارير- بحوالي مائة ألف مسلم.
وبعد أن نالت ميانمار استقلالها عن بريطانيا في عام 1948، تعرض الروهنغيا لأبشع أنواع القمع والتعذيب, وتواصل هذا الجحيم بموجب قانون الجنسية الصادر عام 1982، والذي ينتهك المبادئ المتعارف عليها دولياً بنصه على تجريد الروهنغيا ظلماً من حقوقهم في المواطنة.
وترتب على هذا القانون حرمان مسلمي الروهنغيا من تملك العقارات وممارسة أعمال التجارة وتقلد الوظائف في الجيش والهيئات الحكومية، كما حرمهم من حق التصويت بالانتخابات البرلمانية، وتأسيس المنظمات وممارسة النشاطات السياسية.
وكان الجنرال الديكتاتور ني وين، الذي استولى على السلطة بانقلاب عسكري في عام 1962، دفع باتجاه إصدار قانون الهجرة الطارئ عام 1974، وفي عام 1982 تم تجريد الروهنغيا من جنسيتهم، وانتهج الحكم العسكري سياسة غير مكتوبة تهدف إلى التخلص من المسلمين والمسيحيين، إضافة إلى إثنيات أخرى صغيرة.
وفرضت الحكومات المتعاقبة في ميانمار ضرائب باهظة على المسلمين، ومنعتهم من مواصلة التعليم العالي، إضافة إلى تكبيلهم بقيود تحد من تنقلهم وسفرهم وحتى زواجهم.
كما تشير تقارير إلى أن السلطات قامت في 1988 بإنشاء ما يسمى “القرى النموذجية” في شمال أراكان، حتى يتسنّى تشجيع أُسَر البوذيين على الاستيطان في هذه المناطق بدلا من المسلمين.
وحسب “الجزيرة”, لم يكن الجانب الديني والعقائدي بمنأى عن تلك الإجراءات القمعية، حيث تشير مختلف التقارير إلى قيام سلطات ميانمار بهدم مساجد ومدارس دينية في المناطق التي يقطنها الروهنغيا، إضافة إلى منع استخدام مكبرات الصوت لإطلاق أذان الصلاة، ومنعهم من أداء فريضة الحجّ باستثناء قلة من الأفراد.
وزادت أوضاع الروهنغيا سوءا وأصبحت قضيتهم تتصدر عناوين الأخبار جراء القمع والتهجير الجماعي الذي يواجهونه. وفي مايو 2012 , تجددت المجازر ضد الروهنغيا بعد اتهامهم بالوقوف وراء حادثة اغتصاب وقتل امرأة بوذية، ما أسفر عن الآلاف منهم, حيث كان يتم حرق بعضهم وهم أحياء.
وفيما تصف الأمم المتحدة الروهنغيا بأنهم إحدى أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم, إلا أنها لم تفعل شيئا لحمايتهم, فيما تصر سلطات ميانمار على أن الحل الوحيد لأفراد هذه العرقية يقضي بتجميعهم في مخيمات للاجئين أو طردهم من البلد.
يذكر أن أعداد المسلمين في ميانمار تتراوح ما بين خمسة وثمانية ملايين نسمة يعيش 70% منهم في إقليم أراكان، وذلك من ستين مليون نسمة هم إجمالي تعداد السكان بالبلاد.