وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
لدى وصولهم إلى بنغلاديش هرباً من مجازر جيش ميانمار، يصطدم مسلمو الروهنغيا الذين يلجؤون من إقليم “أراكان” غربي ميانمار، بظروف صعبة للغاية.
وعلى الرغم من وقوعهم بين مطرقة بطش الجيش الميانماري والمليشيات البوذية المتطرفة، وسندان رحلة الموت المحفوفة بالمخاطر إلى بنغلاديش، فإنهم يصارعون من أجل البقاء.
منذ 25 أغسطس/آب المنصرم، والجيش التابع لحكومة ميانمار يرتكب رفقة الميليشيات البوذية، أعمال عنف ضد أقلية الروهنغيا، مما أسفر عن مقتل وتشريد عشرات الآلاف، بحسب ناشطين أراكانيين.
ويلجأ الروهنغيا الذين أُحرقت قراهم بالكامل، إلى بنغلاديش سيراً على الأقدام في رحلة معاناة تستغرق أياماً وليالٍ طويلة صعبة، يختبئون خلالها في الغابات، لتلافي الميليشيات البوذية.
هؤلاء يأملون نهاية الرحلة الوصول إلى نهر “ناف” على الحدود البنغالية، أو سواحل المحيط الهندي، لينتقلون بعدها عبر قوارب بدائية إلى بنغلاديش، في رحلة يحيطها الموت من كل جانب.
ومنذ التاريخ المذكور، عبَرَ نحو 421 ألفاً من مسلمي الإقليم الواقع غربي ميانمار، إلى بنغلاديش، وفق آخر بيانات أممية.
مجزرة 1942
عقب انسحاب بريطانيا من ميانمار إبان الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، تعرض الروهنغيا لأول وأكبر مجزرة في 1942، على يد البوذيين بمنطقة “مينبيا”، راح ضحيتها عشرات الآلاف، إلى جانب سلب أموالهم وممتلكاتهم.
وأجبرت المذبحة مسلمي الأقلية الروهنغية على الهروب من مناطقهم آنذاك، إلى بلدان مجاورة؛ مثل الهند وبنغلاديش.
وبعد مرور 5 أعوام على المجزرة الأولى، تجددت ممارسات العنف ضدهم مرة أخرى. وعلى الرغم من إعلانهم الكفاح المسلح، فإنهم لم يفلحوا في دفع الهجمات التي تعرضوا لها.
وخلال العمليات التي استهدفت الروهنغيا عامي 1954، و1978، قُتل الآلاف من المسلمين، وباتوا يتعرضون لسوء المعاملة، وتقييد ممارسة شعائرهم الدينية بشكل شبه يومي.
وبموجب قانون أقرته ميانمار في 1982، حُرم نحو مليون و100 ألف مسلم روهنغي من حق المواطنة، وتعرضوا لمجازر وعمليات تهجير، ليتحولوا إلى أقلية مضطهدة في ظل أكثرية بوذية، وحكومات غير محايدة.
حياة مقابل 36 دولاراً
الروهنغي المحظوظ في الهروب والوصول للمناطق الساحلية، يجد نفسه مباشرة أمام كيفية الانتقال لجزيرة “سهاه بورير” البنغالية، التي تعني باللغة المحلية “جزيرة الجنة”، وتبعد عن ساحل أراكان عدة كيلومترات.
“جزيرة الجنة”، تعتبر أولى محطات ما يصفه الروهنغيون بـ ”رحلة العذاب” إلى الجارة بنغلاديش، التي يلجأ إليها مسلمو أراكان هرباً من بطش السلطات في ميانمار.
وبعد السير مسافات طويلة، وأملاً في عبور الماء إلى بنغلاديش، يضطر اللاجئون لدفع مبلغ مالي تعادل قيمته 36 دولاراً أمريكياً؛ لقاء حجز مقعد في واحد من القوارب التي تفتقر لأدنى مستويات الحماية والأمان.
ونظراً لاستغلال ممتلكي القوارب وجشعهم، تصبح حياة الإنسان الروهنغي رهن 36 دولاراً؛ ذلك المبلغ الزهيد يرتبط دفعه بتحديد مصيره؛ إما بالبقاء في الموت، أو النجاة إلى مخيمات اللاجئين.
ومع بداية الأزمة، أبقت السلطات البنغالية حدودها مع ميانمار مغلقة الأمر الذي وضعها أمام انتقادات دولية، دفعتها للعدول عن موقفها، وفتح حدودها عقب الضغوط الدولية، وفي مقدمتها تركيا.
جهود إنسانية
في ظل صمت عالمي، واكتفاء المجتمع الدولي بإدانات وشجب، أجرت السيدة الأولى في تركيا، أمينة أردوغان، زيارة لمخيمات لاجئي الروهنغيا على الحدود البنغالية الميانمارية، في 7 سبتمبر/أيلول الجاري.
جولة عقيلة الرئيس التركي كانت رفقة نجلها بلال أردوغان، ووزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، ووزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية فاطمة بتول صيان قايا، ومساعدة رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم لشؤون حقوق الإنسان، روضة قاوقجي قان.
ولاقت الزيارة التي أجريت بهدف لفت الأنظار إلى المأساة الإنسانية التي يشهدها إقليم أراكان في ميانمار، ترحيبا من اللاجئين وسكان تلك المنطقة.
والثلاثاء الماضي، وزعت هيئة الإغاثة التركية، مساعدات إنسانية على أكثر من 110 آلاف من المسلمين الروهنغيا، الذين فروا إلى بنغلاديش، هرباً من هجمات الجيش والميليشيات البوذية.
ودعت منظمتا “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” الحقوقيتان الدوليتان، الثلاثاء الماضي، مجلس الأمن الدولي إلى الضغط على حكومة ميانمار لوقف “التطهير العرقي” بحق الروهنغيا.
وتعتبر حكومة ميانمار مسلمي الروهنغيا “مهاجرين غير شرعيين من بنغلاديش”، فيما تصنفهم الأمم المتحدة “الأقلية الدينية الأكثر اضطهاداً في العالم”.