وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
بعيون غائرة منفصلاً عما يحيط به، يسرد اللاجئ الروهنغي الصغير سيد نول، 11 عاماً، مشاعره أثناء سرده لأسباب فرار أسرته من ميانمار، فيقول إن البوذيين في أراكان حرقوا منزله وقتلوا الناس بالرصاص واغتصبوا النساء.
بالنسبة لعاملي الإغاثة في بنغلاديش الذين يتعاملون مع النزوح الحالي للروهنغيا الفارين من العنف الطائفي في ولاية أراكان بميانمار، فهذا مشهد مألوف ومزعج أثناء محاولتهم إعادة الصغار إلى حياتهم الطبيعية، وفقاً لتحقيق أعدته وكالة فرانس برس.
من بين 520 ألفاً من الروهنغيا الذين وصلوا في الأسابيع الأخيرة، هناك 290 ألف طفل تطارد العديد منهم أهوال ما شهدوه، وهم الآن محشورون في مخيمات اللاجئين المكتظة حيث الحد الأدنى من المرافق التي تتعامل مع الصدمات المترسخة في أعماق الكثير من الصغار.
تعمل مجموعات الإغاثة سريعاً لإنشاء مدارس ومناطق آمنة للأطفال في المخيمات القاتمة كجزء من حل الأزمة، فالمدارس القليلة التي أُنشئت تقدم فترة وجيزة من الراحة.
عند مدخل مخيم ليدا أُقيمت حفنة من مراكز التعلم قبالة مصنع للطوب له مدخنة اسودت بسبب الدخان، وداخل أحد هذه الفصول غنى حوالي 30 طفلاً، بينما حجبت تقريباً الأمطار الغزيرة المنهمرة على السقف المصنوع من الخيش أصواتهم الصغيرة، ولكن ذكريات عنف أراكان لا ترحل أبداً.
أوضح المدرس الروهنغي شمس العلم، أن أطفالاً قد لا يفهمون ما حدث، وأشار إلى دلو مليء بالألعاب، وقال إنهم يحاولون أن ينسّوهم ما حدث حتى لا يشعروا بالانزعاج.
ويقول العاملون في الأمم المتحدة إن العديد من أولئك الصغار لم يذهبوا إلى المدرسة في بلادهم، حيث تعامل الأغلبية البوذية الروهنغيا بازدراء.
ويروي العديد من الأطفال في المخيمات الموجودة حول مدينة كوكس بازار البنغلاديشية مشاهد المجازر والتعذيب والاغتصاب.
ويقول مدرس آخر في المدرسة المنشأة على عجل شميل داس، 22 عاماً، إن قراهم كانت مسارح للحرب حيث كانت الضوضاء والرصاص في كل مكان.
تخفيف الآلام
يتعمد المعلم وداس والمدرسون الآخرون عدم مناقشة أهوال أراكان في الفصل، ولكن ترى المدرسة البنغلاديشية مورسيدا أكتر، أنهم إذا تحدثوا معهم عن الأعمال الوحشية فإن ذلك قد يدمر عقولهم في البداية ولكن قد يساعد في تخفيف آلامهم مع الوقت.
حالياً، هناك 200 مركز للتعلم في المخيمات تُدرِّس لـ17 ألفاً من الروهنغيا، ولكن هذه المدارس مجرد قطرة في المحيط مقارنة بما هو مطلوب، وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف” إنها في حاجة لبناء 1.300 مدرسة.
كما أن المناهج التعليمية مختلفة بصورة صارخة عن المدارس البنغلاديشية الموجودة في المنطقة، وهو انعكاس لمدى عدم الترحيب الذي يواجه الروهنغيا حتى في الظروف الآمنة نسبياً في بنغلاديش.
المواد المسموح بها فقط هي اللغتين الإنجليزية والبورمية والرياضيات والنصائح الصحية مثل غسل اليدين، ولكن اللغة البنغالية المستخدمة في كل مكان في بنغلاديش ممنوعة عمداً.
قبل النزوح الحالي استضافت بنغلاديش بالفعل حوالي 400 ألف من لاجئي الروهنغيا خلال التاريخ الطويل للعنف الطائفي في أراكان، وبينما وافقت حكومة بنغلاديش على دخول لاجئي الروهنغيا الجدد إلا أنها لا ترغب في اتخاذ أية إجراءات قد تسهل دمجهم في البلاد.
حرية حركة أولئك اللاجئين محدودة بصرامة ومن الممنوع الزواج بين الروهنغيا والمحليين البنغلاديشيين، ويقول مسؤول الإدارة التعليمية المحلية، إنهم لا يحتاجون إلى اللغة البنغالية، فالإنجليزية لغة دولية كما أنهم سيعودون إلى ميانمار.
بنغلاديش قالت مراراً وتكراراً إنه يجب عودة الروهنغيا إلى ميانمار، ولكن ميانمار التي رفضت دوماً منحهم الجنسية، قدمت وعوداً ضبابية، ومن المتوقع عودة عدد قليل من الروهنغيا إلى قراهم في أراكان.
قضى بعض من وفود الروهنغيا- الذين تدفقوا في وقت سابق- أكثر من 20 سنة في المخيمات البنغلاديشية، وهذا يعني أن أطفالاً مثل سيد نول ربما يضطرون للتعايش مع صدماتهم التي عانوا منها في أراكان في مخيمات مزرية لعقود مقبلة.