وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
أزمة الروهنغيا سياسية ولا علاقة لها بالدين
«الكوليرا» تهدد لاجئي الروهنغيا بالإبادة
استمرار نزوح الروهنغيين إلى بنغلادش كارثة حقيقية
ميانمار تهدف لتهجير «شعب الروهنغيا» من أرضها بالكامل
دائما ما يصب شيخ الأزهر جام غضبه في كلماته التي يلقيها بالمؤتمرات والمحافل الدولية، حزنًا على الأوضاع التي يتعرض لها مسلمو الروهنغيا في إقليم أراكان بميانمار،
فهو دائمًا ما يؤكد أن حديثه يأتي انطلاقًا من المسئولية الدينية والإنسانية للأزهر الشريف، بحيث لا يمكنه أن يكون مكتوف الأيدي أمام هذه الانتهاكات الإنسانية بحق «الطائفة الأتعس في العالم»، كما يروق للمؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي أن يطلقوا على شعب «الروهنغيا» المسلم وذلك نظير لما يتعرضون له من العذاب والمذابح والاغتصاب والتهجير العرقي، على يد حكومة دولتهم.
لذلك كان لنا هذا اللقاء مع مسؤولة ملف الروهنغيا بالأزهر الدكتورة رهام عبد الله، لتحكي لنا المزيد عن الأوضاع التي يقاسيها الروهنغيون، والخطوات التي أقدم عليها شيخ الأزهر في سبيل دعم قضيتهم، وإلى أى مدى انتهت المباحثات التي عقدها شيخ الأزهر مع سفير ميانمار.
• ما هي آخر مستجدات ملف الروهنغيا؟
– طبعًا الوضع مزرٍ للغاية، هناك استمرار لنزوح مسلمي الروهنغيا إلى حدود بنغلادش، بالإضافة إلى أوضاعهم الصحية والنفسية في أسوأ حالتها، ووزارة الصحة العالمية وقفت على أوضاعهم الصحية، وقالت إن فيه تخوفات من انتشار الكوليرا ما بينهم، وهناك أعداد كبيرة منهم فقدوا أرواحهم أثناء رحلة عبورهم إلى بنغلادش.
• الأزهر خاطب حكومة ميانمار لوقف العنف.. إلى أي مدى استجابت؟
– الأزهر دائمًا ما يعرب عن استيائه الشديد مما يحدث في حق الروهنغيا، وتواصل شيخ الأزهر مع السفير الميانماري، وعقد شيخ الأزهر مؤتمرًا في يناير 2017 واجتمع بوفود من ميانمار والبوذيين والهندوس واستمعنا إلى المشكلة، وماذا يمكن أن يقدم كل طرف، لحل الأزمة
سفير ميانمار كان أحد الحضور، وفي الحقيقة الرجل مد يده وأعرب عن استعداده للتواصل والتعاون، وكان يحرص على أن يمدنا بمعلومات يدافع بها عن سياسة حكومته، ويؤكد أن ما يحدث كان مجرد رد فعل لبعض الاعتداءات التي يقوم بها عناصر متطرفة في الروهنغيا.
• وهل نجح المؤتمر في حل الأزمة؟
– نعم في البداية استجابت حكومة ميانمار لتوصيات المؤتمر، وبدأ وقف حملات العنف ضد مسلمي الروهنغيا، وجميع الضباط المتورطين في قضايا عنف ضد الروهنغيا تمت محاكمتهم بالسجن والعقوبة.
• إذن لماذا تصاعدت وتيرة العنف مجددًا؟
– بداية من 25 أغسطس، 2017، تم الهجوم على بعض نقاط للشرطة في إقليم (أراكان)، لذلك بررت الحكومة هجومهم على الروهنغيين بأنه مجرد رد فعل
• يتردد أن حكومة ميانمار تقتل الروهنغيين بسلاح إسرائيلي.. هل لديكم معلومات؟
– حكومة ميانمار لا تصنع سلاح وفعلًا إسرائيل من ضمن الدول التي تعقد معها صفقات سلاح.. للأسف الدول الكبرى التي تتشدق بقضيتهم في اجتماعات مجلس الأمن هم أنفسهم من يزودون «ميانمار» بالسلاح لاستخدامه ضد مسلمي الروهنغيا.
• ماذا لو استمر فرار الروهنغيا إلى بنغلادش؟
– ستصبح كارثة حقيقية، أعداد الروهنغيين الذي تم تهجيرهم إلى بنغلادش تجاوزت الآن نصف عددهم، والبعض يؤكد أن أعدادهم تجاوزت الـ800 ألف فرد، في حين أن طائفة الروهنغيا يقدر عددهم بمليون فرد، ولو استمر الوضع على هذا النحو ستصبح كارثة حقيقية.
• وماذا عن تذمر بنغلادش من تزايد إقبال الروهنغيين في مخيماتها؟
– نعم الموقف صعب، والأدهى من ذلك أن بعض الدول والمنظمات بدأت تطالب بنغلادش بزيادة أعداد مخيماتها لاستقبال عدد أكبر من الروهنغيين، إلا أن رئيسة وزراء بنغلادش، شيخة حسينة واجد، بدأت تعرب عن قلها من زيادة هذه الأعداد، فتقول: «نحن دولة فقيرة نعانى من البطالة والفقر، ولم نعد نستطع أن نتحمل الكثير من اللاجئين»، فهي تخاف على أمنها القومي.
• أليس غريبًا أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن لم يتخذا خطوات فاعلة حتى الآن لحل الأزمة؟
– المنظمات الدولية في يدها أن تفعل كل شيء بداية من المقاطعة الاقتصادية حتى الحروب العسكرية، ولكن ليست لديهم إرادة حقيقية، وأظن أن الوضع سيختلف كثيرًا والقضية ستأخذ أبعادًا أخرى إذا كانت هذه الأزمة مفتعلة بحق طائفة أخرى لا تدين بالإسلام، كما أرى أن الأزمة سياسية وليست دينية بالأساس.
• لماذا لم يقرر شيخ الأزهر زيارة «الروهنغيا» حتى الآن؟
– شيخ الأزهر دخل في مفاوضات مع سفير ميانمار منذ شهر يناير الماضي بخصوص زيارة وفد من الأزهر لرؤية الأمور على طبيعتها، والسفير وعدنا بتنسيق زيارة وطلب أن نتمهل، ولكن طال التمهل ولم يرد علينا حتى الآن، ولا أظنه سيفعل ذلك في ظل تدهور الأمن هناك.
• الأمم المتحدة أيضًا طالبت بزيارة وفودها إلا أن حكومة ميانمار ترفض؟
– نعم، تكررت دعوات الأمم المتحدة وآخرها هذا الأسبوع بالرغبة في معاينة الواقع وزيارة الروهنغيين، إلا أن حكومة ميانمار ترفض وتعلل ذلك بأن الوضع لا يسمح لأسباب أمنية، ولكن في نفس الوقت هم لا يبدون اعتراضًا من وصول مساعدات إنسانية لهم.
• داعش والقاعدة أصدرا بيانات بالدعوة لنصرة «الروهنغيا».. هل أعربوا عن وجودهم؟
– توجد هناك منظمة تُطلق على نفسها «جيش تحرير الروهنغيا» وهم أفراد بنغاليون، وكان فيه دعوات من داعش ينصروا الروهنغيا وينضموا لجيش التحرير، إلا أن جيش التحرير عبر عن نفسه وأكد أنه حركة وطنية ولا يعنيه الدين، لذلك قطعوا الطريق على داعش والقاعدة في الانضمام إليهم.
• حديث شيخ الأزهر عن «الروهنغيا» لا يتوقف.. من أين يستقى «الطيب» معلوماته؟
– «مرصد الأزهر» يلعب دورًا محوريًا في جمع المعلومات عن أزمة الروهنغيا، فالمرصد معنى بكل أحوال المسلمين حول العالم، ونرصد كل أخبار الروهنغيا، وذلك منذ زمن، وأول كتاب أصدره المرصد كان عن مسلمي ميانمار، حيث توجد داخل الأزهر كتيبة من أبناء الأزهر معنيون بمتابعة ما يحدث في ميانمار عبر جميع قنوات الإعلام ونتناول باستمرار ما تقوله الأصداء العالمية، ثم نكتب تقريرًا عن مستجدات الوضع في ميانمار، ونُطلع عليه شيخ الأزهر.
• شيخ الأزهر عقد على كاهله قضية الروهنغيا.. ودائما ما يتحدث عن أزمتهم في جميع المحافل الدولية.
– فضيلة الإمام معني بالقضايا الإنسانية، وخاصة عندما يكون الأمر يتعلق بالأقليات المسلمة في العالم.
• البعض يتهم المشيخة بأنها لم تقدم لـ«الروهنغيا» سوى التنديد والشجب فقط؟
– شيخ الأزهر خلال مشاركته بمؤتمر «طرق السلام» بألمانيا قال إن زمن الشعارات انتهى، وأن هناك آليات ستنفذ، فهناك مساعدات إنسانية مقدمة من الأزهر ستصل لـ«الروهنغيين» قريبًا، ممثلة في مساعدات غذائية ودوائية وملابس وبطاطين، وأشياء أخرى تلزم استمرارًا لمعيشتهم.
• فوجئنا -رغم الأزمة- بدعوة شيخ الأزهر لسفير ميانمار بحضور مؤتمر «المواطنة» في مارس الماضي؟
– نعم، وقبل سفير ميانمار الحضور فعلًا، والأزهر كان يقصد من دعوته أن يعطى رسائل عن التعايش السلمى وقبول المجتمعات للآخر، رغم كل ما يحدث.
• هل حقا يسهم بعض الكهنة البوذيين يإشعال نار الأزمة؟
– البوذيون أهل سماحة ومحبة، وبوذا كان رجلا مسالما للغاية، وهذا لا يمنع من وجود بعض البوذيين المتطرفين ينفخون في نار الأزمة.
• النظرة السلبية للمسلمين في العالم.. من المسؤول عن تلك النظرة؟
– هي بالأساس نظرة متعمدة لإضعاف المسلمين حتى لا تقوم لهم شوكة، فلا يخفي على أحد أن الإسلام دين سلام، وباراك أوباما قالها إن تحية الإسلام (السلام عليكم).
• لماذا لا يحظى الروهنغيا بأي تأييد أو تعاطف لدى شعب ميانمار؟
– دولة ميانمار بها 140 عرقًا، والروهنغيا من أحد هذه الأعراق، وإقليم (أراكان) الذي يسكنه الروهنغيون منعزلا، والأزمة محدودة في هذا الإقليم وحده، هناك وفود من الأزهر ذهبت إلى العاصمة في ميانمار وأطلعتنا أن الأوضاع هناك على ما يرام وأن بها مساجد ومسلمين، لذلك فبقية شعب ميانمار لا تشعر بما يحدث هناك بالإضافة إلى وجود بعض المتطرفين الذين يشيعون أنهم ليسوا من أصل الشعب ويجب طردهم، وأن حكومتهم ورئيسة وزرائهم مظلومة.
• من واقع متابعتك للأحداث.. هل تهدف حكومة ميانمار لتهجير الروهنغيين بالكامل من ميانمار؟
– الأمم المتحدة صرحت بذلك فعلًا، وأكدت أن حملة القمع ضد الروهنغيا كانت بهدف طرد هذه الأقلية بشكل نهائي من ولاية (أراكان).
• هل هناك أمل لعودة لاجئي «الروهنغيا» إلى وطنهم مرة أخرى؟
– رئيسة وزراء ميانمار تصرح بذلك، وتعدهم بالعودة وتقول إنها فقط تتحقق من سلامة أوراقهم بأنهم من شعب ميانمار وليسوا مهاجرين وإن اللاجئين الفارين سيعودون مرة أخرى عدا المتطرفين.. ونحن ننتظر!